الصدفة وحدها هي التى جمعتني بعم فايز الكيال منذ عدة سنوات. حينها لم أكن أدرك أن ذلك المسن الذي جلس هادئاً فى أحد الأركان يداعب طفلاً صغيراً ويعطيه بعض الحلوى هو أحد أبطال "حرب أكتوبر" المجيدة، وواحد من المغاوير الذين استطاعوا بعد ظهر ذلك اليوم البعيد أن يعبروا أطول حاجز مائي فى تاريخ الحروب، وأن يدمروا في ساعات قليلة خط بارليف الذي ظلت إسرائيل تنسج حوله خيوط الأسطورة وأن يطأوا بأقدامهم بعد ست سنوات مريرة من حرب استنزاف لم تتوقف، أرض سيناء التي كانت مصر قد فقدتها ضمن أراضٍ عربية عدة بعد هزيمة الخامس من حزيران / يونيه 1967، ثم يتوغلوا بعد ذلك إلى مسافات تراوحت بين سبعة وعشرة كيلو مترا في عمق سيناء فيتمترسوا فيها طبقاً لخطة الحرب.
والصدفة وحدها أيضاً هي التي جعلتني أعرف أن الرجل كان متمركزاً فى أكثر نقاط الحرب إثارة للجدل والغموض، وهو المكان الذى جرت فيه أحداث ما عُرف بثغرة "الدفرسوار" التي أدت إلى تعقيد مسار الحرب وأضافت معطيات أخذت المعارك نحو طريق مختلف.
أول من رأى!
كان تمركز عم فايز في شمال البحيرات المُرّة ضمن أفراد الفرقة 16 مدفعية التي كانت تابعة للجيش الثاني الميداني حينئذ.. وربما يكون هو أول من رأى طليعة دبابات العدو الإسرائيلي وهي تتسلل إلى موقعها للاستكشاف والاستعداد للعبور إلى الضفة الغربية للقناة.
أخبرني الرجل أن الدبابة الأولى من دبابات العدو والتي تسللت يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر كانت روسية الصنع (وربما تكون من مخلفات الدبابات التى استولت عليها إسرائيل من القوات المصرية أثناء حرب حزيران/ يونيه) وكانت من طراز بي تي 76. ولذا ظنها أحد رفاقه وهو الجندي فكري راغب دبابة مصرية! وعندما تقدم لينهر سائقها ويدعوه لعدم التقدم الى الموقع بهذه الطريقة فوجئ بإطلاق نارٍ عليه ليسقط شهيداً على الفور. ثم أخبرني أن المسافة القريبة التي كانت بينهم وبين الدبابة قيدت نيران المدفعية ضدها، علاوة على الارتباك وعدم التوقع، مما أعطى فرصة لتلك الدبابة أن تناور وتفر بعد أن حققت الغرض من الاستكشاف.
هزيمة 1967
02-06-2016
في اليوم التالي، قال أن الدبابات الإسرائيلية (لم يستطع تحديد عددها) جاءت تباعاً وأن بعضها كان يختبئ فى زراعات المانجو الكثيفة فى منطقة الدفرسوار، ومن ثَمّ فقد كان للقصف المدفعي عليها تأثير ضعيف للغاية. كانت تلك الدبابات تحمل على متنها مكعبات كبيرة فردت وركبت على سطح مياه القناة كي تعمل كطوافات عائمة، قامت الدبابات بالعبور فوقها إلى الضفة الغربية وسط دهشة الجنود الذين لم يدركوا حينها أبعاد العملية الإسرائيلية بالكامل، وما هو الرد المصري لمواجهة تلك العملية.
وعلى الرغم من أنه كان يفترض بالفرقة 16 مدفعية، والتي كان عم فايز ضمن أفرادها، أن يكون لها دور فاعل في تصفية المغامرة الإسرائيلية وتمهيد الطريق أمام المدرعات المصرية للقضاء على هذه الثغرة، إلا أن ذلك لم يحدث.
صار معلوماً من شهادات القادة من الجانبين أن عملية الثغرة كانت متوقعة منذ البداية، وأن اسرائيل قد قامت أثناء الاستعداد للحرب ومنذ شهر حزيران/ يوليو عام 1971 بالتحديد بتدريبات بحرية في بحيرة طبريا على العبور بالدبابات والمشاة فوق حاجز مائي.
رصد عم فايز بداية العملية الإسرائيلية، ولكنه لم يدرك بطبيعة الحال أبعاد الصورة الكاملة لعملية الثغرة والخلافات التكتيكية التي جرت بين قادة الحرب في كيفية التعامل مع ما جرى.
لم يقرأ عم فايز مذكرات القادة التي كتبت بعد الحرب حيث تحدثوا بإسهاب عن حقيقة ما جرى في تلك الليلة وما تلاها.
التخبط
المؤكد أن معلومات الجيش المصري في الساعات الأولى التي جرت خلالها عملية الثغرة شابها كثير من الارتباك والتخبط. تمّ إبلاغ رئيس الأركان في البداية أنها سبع دبابات فقط وأنه جاري التعامل معها لتصفيتها فى أسرع وقت. تلك المعلومة المضلِّلة أتاحت لإسرائيل التسلل تحت جنح الظلام وبحماية السواتر الطبيعية، فتمكنت خلال الليلة الأولى من العبور بقوة تقدر بلواء مشاة وكتيبة دبابات قوامها 30 دبابة.
تركة السادات: ذكريات مراهقين مصريين
30-07-2020
في اليوم التالي، 16 تشرين الأول/ أكتوبر، لم يكن السادات يعلم شيئاً عن مستجدات الموقف على الأرض وهو يقف في مجلس الشعب المصري ليلقي خطابه الشهير عن ملحمة الانتصار المدوية التي جرت على أرض سيناء في الأسبوع الأول من المعركة والتي تكبد فيها العدو الإسرائيلي أكبر خسائره البشرية والمادية. فى تلك اللحظة بالتحديد كانت اسرائيل تحاول ان تصنع انتصاراً موازياً، وأن تصنع واقعاً جديداً على أرض الحرب يمكِّنها من الجلوس على طاولة التفاوض التي لا بد أن تجلس إليها الأطراف المتحاربة في نهاية الأمر.
كان تمركز عم فايز في شمال البحيرات المُرّة ضمن أفراد الفرقة 16 مدفعية التي كانت تابعة للجيش الثاني الميداني حينئذ.. وربما يكون هو أول من رأى طليعة دبابات العدو الإسرائيلي وهي تتسلل إلى موقعها للاستكشاف والاستعداد للعبور إلى الضفة الغربية للقناة.
على الرغم من أنه كان يفترض بالفرقة 16 مدفعية، والتي كان عم فايز ضمن أفرادها، أن يكون لها دور فاعل في تصفية المغامرة الإسرائيلية وتمهيد الطريق أمام المدرعات المصرية للقضاء على هذه الثغرة، إلا أن ذلك لم يحدث.
وقد صار معلوماً من شهادات القادة من الجانبين أن عملية الثغرة كانت متوقعة منذ البداية، وأن اسرائيل قد قامت أثناء الاستعداد للحرب ومنذ شهر حزيران/ يوليو عام 1971 بالتحديد بتدريبات بحرية فى بحيرة طبريا على العبور بالدبابات والمشاة فوق حاجز مائي (1). وهذه التدريبات رصدتها المخابرات الحربية المصرية بقيادة اللواء فؤاد نصار واستنتجت من تحليلها أن القوات الإسرائيلية تخطط لعبور ثغرة على ضفة قناة السويس، متوقعة إما في نقطة "الفردان" وهو ما استبعد نظراً لطبيعة الأرض السبخة في تلك المنطقة أو في نقطة "الدفرسوار" وهو ما حصل بالفعل.
الفريق الشاذلي
يؤكد ذلك ما ذهب اليه الفريق الشاذلي من أن القوات المصرية "لم تستبعد مطلقاً أن يقوم العدو باختراق مواقعنا سواء في مراحل ما قبل العبور أو أثناءه. بل "حددنا ثلاث نقاط محتملة كانت الدفرسوار إحداها. ووضعنا الخطط اللازمة لضرب هذه الاختراقات فور حدوثها. وحددنا القوات التى يمكنها أن تقوم بتنفيذها ودربناها على تنفيذ تلك الواجبات" !(2)
فلماذا لم يتم تفادي ذلك العبور المضاد الذي كان معلوماً أنه متوقع في أي وقت خلال سير العمليات، ولماذا لم يتم التعامل مع تلك الثغرة بالطريقة التي كان مخططاً لها منذ البداية؟ كان تنفيذ ما عُرف بخطة تطوير الهجوم، والتي أصر عليها الرئيس السادات ومعه وزير الحربية أحمد اسماعيل سبباً مباشراً في تغيير وضع القوات المصرية على أرض المعركة والخروج على مقتضيات الخطة الموضوعة في أماكن تمترس القوات التي كان منوطاً بها منع حدوث الثغرة في ذلك المكان على وجه الدقة.
يؤكد الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة حينئذ فى مذكراته أن خطة تطوير الهجوم كانت أول الأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها القيادة المصرية خلال الحرب. وقد جر هذا الخطأ إلى مجموعة أخطاء متتالية كان لها أثر كبير على نتائج الحرب.
قبل يوم 14 تشرين الاول/ أكتوبر الذي جرى فيه "تطوير الهجوم"، كانت أوضاع القوات المصرية ممتازة، وتمكنت من إلحاق خسائر فادحة بمدرعات العدو. يقول الفريق الشاذلي أنه كان على القوات المصرية أن تهاجم 900 دبابة اسرائيلية فى المكان الذى يحدده العدو وتحت سيطرة جوية معادية، في معركة كانت نتائجها محسومة سلفاً.
فطبقاً لكل المعطيات العسكرية الموضوعة بدقة، لم يكن تطوير الهجوم نحو منطقة المضائق الممتدة على مسافة 50 كيلومتراً داخل سيناء مطروحاً لأنه كان محكوماً بالفشل، لأن القوات البرية لا يمكنها التحرك فى العراء داخل عمق سيناء لأكثر من 12 كيلومتراً، وهو المدى الذي يمكن تأمينه بالدفاعات الجوية، ويكفل لها الحماية من نيران القوات الجوية الإسرائيلية التي كانت لا زالت قوية ومتماسكة ومتفوقة. علاوة على أنه كان لدى العدو ثمانية ألوية مدرعة كاملة ترابط عند المضائق ومستعدة لصد أي هجوم مصري.
وعلى الأرض وحتى تلك اللحظة، وقبل يوم 14 تشرين الأول/ أكتوبر الذي جرى فيه "تطوير الهجوم"، كانت أوضاع القوات المصرية ممتازة، وتمكنت من إلحاق خسائر فادحة بمدرعات العدو.
يقول الفريق الشاذلي أنه كان على القوات المصرية أن تهاجم 900 دبابة اسرائيلية فى المكان الذى يحدده العدو وتحت سيطرة جوية معادية، في معركة كانت نتائجها محسومة سلفاً.
المدهش والمحزن معاً أن ما جرى لا يمكن إدراجه تحت خانة عدم كفاءة قادة الجيش. فقد عارض الشاذلي خطة تطوير الهجوم، وهو رئيس أركان حرب الجيش الذي يعلم كل تفاصيل الجبهة. كما عارضها اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثاني واللواء عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث والمنوط بهم تنفيذ العملية، بل وهدد اللواء سعد مأمون بالاستقالة اذا ما تمت تلك العملية.
كان القرار سياسياً بالكامل وقيل حينها أنه جرى بغرض تخفيف الضغط عن الجهة السورية، وهو ما فنده الشاذلي أيضاً بأن وضع القوات السورية كان قد استقر إعتبارا من يوم 12 تشرين الأول /أكتوبر بوصول فرقتين عراقيتين مدرعتين وفرقة مشاة ميكانيكية، انخرطتا فى القتال على الفور، كما دفع الأردن بلوائين مدرعين إلى الجبهة السورية أيضاً.
كانت عملية الثغرة التى نفذتها القوات الاسرائيلية نتيجة مباشرة لفشل خطة "تطوير الهجوم" وتغير أوضاع القوات المصرية على الأرض، اذ أدى عبور الفرقتين الرابعة وال 21 المدرعتين - واللتين كانتا ترابطان في الضفة الغربية لإغلاق تلك الثغرة ومنع أي مغامرات يمكن أن يقوم بها العدو - الى الشرق إلى وجود وضع سيئ للقوات المصرية اذ لم يكن في غرب القناة حينها سوى لواء مدرع واحد.
عملية الثغرة
بدأت العملية يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر، بعد ما قامت طائرات الإستطلاع الأمريكية SR 71A بمسح كامل فوق منطقة قناة السويس بل وطارت فوق الدلتا قبل أن تغادر المجال الجوي المصري بعد أن أصبح لديها معلومات دقيقة للغاية عن وضع القوات، دون أن تتمكن قوات الدفاع الجوي من إصابتها إذ حلقت فوق ارتفاع 30 كيلومتراً وبسرعة عالية للغاية، وهو ما يتجاوز مدى إطلاق الصواريخ المصرية.
بدأت عملية الثغرة (3) على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى، ليلة 15 و 16 تشرين الأول/ أكتوبر حيث حشدت الوحدات الإسرائيلية المكلفة بالعبور في منطقة الدفرسوار ثم عبرت وحدات محدودة منها. المرحلة الثانية، من يوم 18 الى يوم 22 من الشهر ذاته وفيها عبرت القوات الإسرائيلية قناة السويس عبر الجسور التي جهزت لهذا الغرض وتمّ إنشاء رأس جسر إسرائيلي غرب القناة والقيام بصد هجمات القوات المصرية. وفي تلك المرحلة تكبدت قوات أرئيل شارون خسائر فادحة، ولم تفلح في الوصول إلى مدينة الإسماعيلية قبل صدور قرار مجلس الامن رقم 338 بوقف اطلاق النار. المرحلة الثالثة، من 23 الى 28 تشرين الأول/ أكتوبر وفيها قامت القوات الإسرائيلية على الرغم من قرار وقف اطلاق النار بالإندفاع في جهتي الجنوب والغرب ومحاصرة مدينة السويس والفرقتين 7 و19 مشاة من الجيش الثالث الميداني، وتدمير وسائل الدفاع الجوي، ولكنها لم تتمكن أبداً من احتلال مدينة السويس التي قدمت ملحمة فداء نادرة المثيل خلال فترة الحصار.
المدهش والمحزن معاً أن ما جرى لايمكن إدراجه تحت خانة عدم كفاءة قادة الجيش. فقد عارض الشاذلي خطة تطوير الهجوم، وهو رئيس أركان حرب الجيش الذي يعلم كل تفاصيل الجبهة. كما عارضها اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثاني واللواء عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث والمنوط بهم تنفيذ العملية، بل وهدد اللواء سعد مأمون بالإستقالة اذا ما تمت تلك العملية.
كان القرار سياسياً بالكامل وقيل حينها أنه جرى بغرض تخفيف الضغط عن الجهة السورية، وهو ما فنده الشاذلي أيضاً بأن وضع القوات السورية كان قد استقر إعتباراً من يوم 12 تشرين الأول /أكتوبر بوصول فرقتين عراقيتين مدرعتين وفرقة مشاة ميكانيكية، انخرطتا فى القتال على الفور، كما دفع الأردن بلوائين مدرعين إلى الجبهة السورية أيضاً.
تلك هي اللحظة التي تستدعي دائماً اثارة الجدل في تاريخ تلك الحرب والتي لم تستوفِ حقها من الدراسة الكافية، على الرغم من مرور 50 عاماً على نهايتها، وحتى بعد أن أفرجت إسرائيل عن وثائقها السرية: الخلاف بين الرئيس السادات والمشير أحمد اسماعيل من جهة والفريق سعد الدين الشاذلي من جهة ثانية حول كيفية التعامل مع مستجدات الوضع العسكري الذي أحدثته عملية الثغرة.
كانت رؤية الفريق الشاذلي كما طرحها هي القيام بسحب الفرقة 4 مدرعة واللواء 25 مدرع من قطاع الجيش الثالث خلال الليل، ثم القيام بتوجيه ضربة رئيسية ضد منطقة الإختراق بينما تقوم الفرقة 12 مدرعة بتوجيه ضربة من مواقعها شرق القناة في اتجاه جنوبي لإغلاق الطريق المؤدي الى الثغرة من الشرق.
كانت الخطة تتيح للواء 25 مدرع تنفيذ الواجبات التي تدرب عليها قبل الحرب للتصدي لقوات العدو اذا ما نجح فى عبور ثغرة الدفرسوار، ومن ثمّ فإن ضباط وجنود ذلك اللواء بالتحديد كانوا ملمين بالكامل بطبيعة الأرض في تلك المنطقة ويمكنهم التعامل بإحترافية وكفاءة مع عملية الإختراق، وهي ميزة لا ينبغى التضحية بها في تلك الظروف. ولكن الوزير والرئيس عارضا قرار سحب القوات بشدة.
أما العدو فوجه ثلاثة ألوية مدرعة نحو اللواء 25 مدرع، ليسد الطريق أمامه وعلى يمينه وعلى مؤخرته. وعندما دخل اللواء 25 مدرع منطقة الكمين هوجم بالنيران من ثلاثة اتجاهات ودُمّر بالكامل.
الحجة
كانت حجة السادات فى الإبقاء على القوات فى جهة الشرق هي المحافظة على تلك المواقع التي احتلتها هذه القوات وعدم انهيار الروح المعنوية للجنود، فيما أكد الشاذلي مراراً أن رجوع بعض هذه القوات إلى الغرب لا يمثل انسحاباً في العرف العسكري، بل يندرج ضمن مناورات الكر والفر التي تقتضيها ضرورات الحرب .
بدأت العملية يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر، بعد ما قامت طائرات الإستطلاع الأمريكية SR 71A بمسح كامل فوق منطقة قناة السويس بل وطارت فوق الدلتا قبل أن تغادر المجال الجوي المصري بعد أن أصبح لديها معلومات دقيقة للغاية عن وضع القوات
ويؤكد الرجل ان الخطة الأصلية للحرب كانت تقتضي إلحاق أكبر خسائر ممكنة بالعدو مع إطالة أمد الحرب كلما أمكن ذلك، وأن المناورة بتلك القوات كانت فرصة لا تعوض لتحقيق نتائج أفضل بكثير مما حصلنا عليه مع نهاية الحرب. وأننا وفيما نخوض عملياتنا العسكرية كان يجب أن نتمسك بالخطة الموضوعة بالكامل وحينها سيكون حدوث الثغرة عملية بالغة الصعوبة وحتى لو حدثت فقد كان يمكن تدميرها على الفور لولا تدخل السادات في سير الحرب.
ملحمة السويس
فى السابعة من صباح يوم 24 تشرين الأول/ أكتوبر، وبعد قصف مكثف من نيران المدفعية والطيران، بدأ العدو هجومه على مدينة السويس. وفيما فشل أحد الألوية المدرعة الثلاثة التي بدأت الهجوم فى دخول المدينة، تمكّن لواءان مدرعان من الوصول الى شوارعها، وفيها دار قتال عنيف قوامه أسلحة ال RPG والأسلحة الخفيفة. وخسر العدو في تلك المعركة الكثير من دباباته واضطر إلى الإنسحاب من المدينة قبل حلول الظلام. وقد سقط من قوات العدو في محاولته الفاشلة لإحتلال مدينة السويس أكثر من 100 قتيل و500 جريح. "وعلى الرغم من استخدامه ثلاثة ألوية مدرعة ولواء مظلي، إلا أن سكان المدينة وحفنة من الجنود الشاردين قد صدوا هجومه وأفشلوا مخططه في احتلال المدينة".
استمر العدو بعد ذلك في قصف المدينة بنيران القوات الجوية والمدفعية. ولم يتوقف ذلك القصف إلا بعد وصول قوات الأمم المتحدة صباح يوم 28 من تشرين الأول/ أكتوبر ليسقط 80 شهيداً و425 جريحاً من سكان المدينة. تغنت مصر بعدها بملحمة المدينة البطلة: يا بيوت السويس يا بيوت مدينتي.. أستشهدُ تحتك وتعيشي أنتِ.
1- لواء أركان حرب مسعد الششتاوي، جريدة الأهرام، 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2016
2- مذكرات الشاذلي، "حرب أكتوبر"، دار رؤية للنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الأولى 2016
3- اللواء جمال حمادّ "المعارك الحربية على الجبهة المصرية"، دار الشروق، الطبعة الأولى، القاهرة، 2022