مطلب الشهداء!

في مواجهة انحطاط "العَدّاد" ونزع الإنسانية المستمر والوحشي عن الغزّيين، تقوم مجموعة دولية من الفنانين والمواطنين بإنجاز بورتريهات تظهر صور وأسماء وحكايات من استشهدوا، وقصص ناس من بين أكثر من 2 مليون إنسان في غزة مسجونين في ظل الحصار اللاإنساني الذي يفرضه عليهم الاحتلال الإسرائيلي.
2023-11-03

شارك

لسنا أرقاماً! "الشهيد كانت له كلّ الأشياء الجميلة، والسيئة كذلك... تسريحة شعره، حبّه للشاي وكرهه للقهوة، رغبات السفر، مشاكساته مع أمّه، قلقه من يوم الأحد، رسائل الأصدقاء وعناد الحبيبة، أحلامه البسيطة ببيتٍ وأسرة، وساعة العصر يحمل فيها أكياسَ السّوق، وغفوة قصيرة بعد العمل. الشهيد ليس رقماً". كتب الزميل الصحافي المقداد جميل من غزّة على صفحته على "إكس".

"إذا حدثَ لي أيّ شيء، تذكّروا أنني لستُ رقماً"، كتبت المراسلة الصحافية هند الخضري على صفحتها بدورها.

 "أنا خليل، عمري 27 سنة، درست أدب إنجليزي وتعلّمت كتير أشياء، وعندي كتير أحلام وطموحات وأهداف. بعرف أحبّ وبعرف أنبسط وبعرف أشتغل وأنجز. لو استشهدت ما بدي أكون رقم، احكوا اسمي وسمّعوا قصتي، وادعوا لي. أنا مش رقم. أنا كوكب كامل"، كتب شاب اسمه خليل من غزّة يوثّق يومياته في ظل الإبادة المستمرة.

ينظر الغزّيون إلى أنفسهم كمشاريع شهداء مع وقف التنفيذ. هم أكثر الناس تماساً مع الموت ومخالَطةً له على هذا الكوكب بأسرِه، ولم يبقَ من أملهم به سوى رغبةٌ واحدة: إن كان العالم لنْ يوقِف موتنا، فعلى الأقل لا تجعلوا منّا أرقاماً!

*****

"وجوه غزّة" هي حملة دولية للتذكير بأنّ الفلسطينيين الذين تختزلهم وسائل الإعلام السائدة في العالم بأرقامٍ مجرّدة تعدّ من قُتلوا بحيادية وبرود (بل وتطلبُ من المقتولين أن يبرهنوا موتهم في كلّ مرّة!) هم بشرٌ بأعماق إنسانية متعددة، بحكايات وذكريات وطموحات وأمنيات ومشاعر وخطط وأفكار. في مواجهة انحطاط "العدّاد" ونزع الإنسانية المستمر والوحشي عن الغزّيين، تقوم مجموعة دولية من الفنانين والمواطنين بإنجاز بورتريهات تظهر صور وأسماء وحكايات من استشهدوا، وقصص ناس من بين أكثر من 2 مليون إنسان في غزة مسجونين في ظل الحصار اللاإنساني الذي يفرضه عليهم الاحتلال الإسرائيلي.

مقالات ذات صلة

توفّر الحملة فيديوهات قصيرة (1) وصوراً وملصقات بالفرنسية وبلغات أخرى، يمكن طباعتها ومشاركتها (2) في المظاهرات الداعمة لفلسطين وتجمّعات إضاءة الشموع، لصور وجوه وحكايات الشهداء قبل أن يصيروا بتلك الهيئة المؤلمة التي تتناقلها وسائل الإعلام، قبل أن يصيرواً رقماً...

-من ملصقات حملة "وجوه غزّة": 

الشهيدة بيسان حلاسة. ليست رقماً. "لديّ أحلام لم أحققها بعد. لدي حياة لم أعشها بالكامل بعد. لدي عائلة أحبها وأخاف عليها. إذا أبادنا الاحتلال الهمجي جميعاً، فإن جريمتنا هي ببساطة أننا دافعنا ذات يوم عن أرضنا التي سرقها منا وطالبنا بحقوقنا الأساسية كبشر." كانت بيسان طالبة طبّ لم تتجاوز ال19 عاماً، قتلت في بيتها في غزة، مع أمها وأخواتها.
الشهيد يوسف ماهر دواس. "أنا حزين لأنني أحلم بزيارة مدن ومناطق فلسطين أكقر مما أحلم بزيارة باريس أو جزر المالديف". يوسف كان كاتباً صحفياً وجزءاً من مبادرة "نحن لسنا أرقاماً". قتلته قذيفة إسرائيلية على منزل عائلته في بيت لاهيا في شمال غزة يوم 14 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

كذلك خرجت مبادرات أخرى فردية وجماعية تسعى لمجابهة هذا الاختزال الجائر، مثل صفحة "شهداؤنا ليسوا أرقاماً" على إنستغرام، التي تشرح غايتها: "الشهداء الفلسطينيون ليسوا أرقاماً. إنهم أفراد كانت لديهم قصص وطموحات وأحلام، ولا ينبغي أبداً أن تذهب تضحياتهم سدى."

*الصور من صفحة "شهداؤنا ليسوا أرقاماً"

______________________

1- قناة "وجوه غزة" على يوتيوب: https://www.youtube.com/channel/UCS1VzXZple3VPCGZpIvNF9g
2- تستقبل حملة "وجوه غزّة" مساهمات من الناشطين والراغبين بالمشاركة فيها عبر إرسال صور مرفقة بأسماء وقصص الشهداء (قبل أن يقتلهم الاحتلال) وصور وأسماء الصامدين في غزة مع رسائلهم القصيرة التي كانوا يرغبون بإيصالها للعالم. للراغبين التواصل على ايميل: gazadesvisages@gmail.com

مقالات من فلسطين

"آرت زون فلسطين" واستعادة الفنّ من الإبادة

2024-12-05

يدخل هذا الجهد في باب مقاومة محو الأثر الفلسطيني، ومنه الأثر الفنّي والثقافي، الغني والغزير والمتجدد. ومهما بلغت نسبة ما ضاع من هذه الأعمال، فما بقي، ومَنْ بقي، يقول "نحن...

رحلة البحث عن رغيف

كُل صباح في الأيام الماضية، حينما أجوب الشوارع، لا أجدني سوى باحث عن الخُبز، وأنا حقيقةً لا أستوعب إلى الآن أن الحال وصلت بي - كما وصلت بكُل الناس- إلى...

خالدة جرار مسجونة في قبر!

2024-11-21

"أنا أموت كل يوم، الزنزانة أشبه بصندوق صغير محكم الإغلاق، لا يدخله الهواء. لا يوجد في الزنزانة إلا دورة مياه ونافذة صغيرة فوقه أغلقوها بعد يوم من نقلي إلى هنا...