- "ما تقوله هو كسؤال: هل ستتوقّف عن ضرب زوجتك؟".
هذا كان جواب السفير السعودي في الولايات المتحدة عبد الله آل سعود على سؤال مراسل "الإنترسبت" بعد المؤتمر السنوي العربي - الأميركي لصناّع القرار بالعاصمة الأميركية واشنطن، قبل أن تفلت منه ضحكة مدوّية، استثارت ضحك الوفد المرافق له كذلك، على موضوع من المفترض أنه لا يحتمل الضحك أو المزاح لهَول المأساة المحيطة به.. لكن لدى السفير السعودي رأي آخر، فهو تابَع حديثه للصحافي صاحب السؤال بالقول: "أنتم لستم صحافة، أنتم ناشطون سياسيون، وأنا لست سياسياً!"، محاولاً التهرّب من الإجابة على السؤال.
لحظة، هل صارت اليمن هي "الزوجة الناشز" التي يجوز، بل ينبغي ضربها؟
هل من إجابة أشنع من هذه، على كلّ المستويات؟ والأفظع هو ذاك الضحك المتوتّر والوقح والإصرار على عدم إعطاء أية معلومة أو جواب مفيد.
الفيديو الذي يُظهر هذا الحديث انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وأثار غضب يمنيين وسعوديين كثر. على هاشتاغ #سفير_السعودية_بواشنطن_يهين_اليمن غرّد المئات، مطالبين باعتذار السفير عن جوابه الذي أصاب عصفورَين بحجر إجابة واحدة، فعبّر عن نظرة دونية لليمن وعن تحقير للمرأة السعودية معاً.
الإجابة التي تكاد تكون لا تُصدَّق من ديبلوماسي يفترض أنه يعي حساسية موقف بلاده في الحرب اليمنية من جهة، وخطورة المزاح حول موضوع المرأة، السعودية بالذات، من جهة أخرى، تعكس العقلية التي تشتغل من خلالها الديبلوماسية السعودية. الإندبندنت وصفت جواب السفير بـ "الغريب"، في إطار تملّصه الواضح من سؤال حول حرب كلّفت إلى الآن ما يزيد عن 10 آلاف قتيل يمني ومئات آلاف الجرحى.
خِفّة إجابة السفير السعودي لا تُحتَمل.. مأساة داخل مأساة.
فعندما ضاق آل سعود ذرعاً بتكرار المراسل لأسئلته تعمّد التشكيك في هويته كصحافي وقال: "يا حبيبي، إن كنتَ مهتماً بالحقائق فسنعطيك أرقاماً"، قبل أن ينادي أحد مساعديه "أرجوك أعطه ورقة بالأرقام والحقائق"، ليعود المراسل ويقول: "أرقام وضعها مَن؟ ما مصدر المعلومات؟"..
مجموعة من الجمل الغريبة أطلقها السفير الذي بدا محاصَراً لدقائق:
"هل أنتم ناشطون سياسيون أم صحافة حقيقية؟"... "نحن علينا أن نعيش مع اليمن إلى الأبد..."، "هل ما يحصل هو ذنبنا وحدنا؟ لا ذنب لعلي عبد الله صالح؟"، ليرد عليه المراسل "لعله ذنبكما معاً، لكن هل لخطأين أن يصنعا صواباً؟" ليتدخّل مراسل أميركي بالقول: "مع احترامي، لكن الغالبية الكبرى من أعداد الضحايا تذهب جراء قصف النظام السعودي"، ليشعر هنا السفير بالاستفزاز، وكعادته لا يجيب على السؤال بل يقول: "أولاً، اسمها حكومة المملكة العربية السعودية، لا النظام السعودي. ها أنت تتكلم كبعض الأطراف. وثانياً، أنتم تأتون لتسألوا مع أفكار مسبقة، وأحترم آراءك لكن دعنا نقول ما عندنا...".
أصوات مدافِعة عن السفير خرجت لتقول إنه فُهِم خطأ، وأنه كان بقوله يقصد أنّ السؤال ملغّم، وأنه كيفما أجاب عليه بنعم أو بلا فسيكون قد اعترف بمسؤولية السعودية عن القنابل العنقودية المحرّمة دولياً. لكن لا يبدو أن أحداً تعاطف مع التبرير سوى بعض المؤسسات الإعلامية التابعة للسعودية والمؤيدين لها، فحذّر أحدهم على تويتر "في ظروف عصبية، يجب اختيار الألفاظ المناسبة فالأعداء يتربّصون بنا"!