قصة الشعب الذي ظللته السحابة

منذ سنتين لم يتوقف الغاز المسيل للدموع عن زيارة أرضنا الحبيبة.منذ سنتين أصبح الغاز المسيل للدموع مظهراً من مظاهر الوجود المصري. في النهاية، قررت السلطات الحاكمة أنه لا معنى إطلاقاً لأن يطلق جنودها الغاز المسيل للدموع، ثم يتوقفوا، ثم يعودوا بعد أسبوع لإطلاق الغاز المسيل للدموع، وهكذا. رأت الحكومة أن في هذا إهداراً غير محتمل للوقت، واتفقت مع شركة أميركية على تصنيع سحابة غاز مسيل للدموع
2013-02-20

شارك

منذ سنتين لم يتوقف الغاز المسيل للدموع عن زيارة أرضنا الحبيبة.
منذ سنتين أصبح الغاز المسيل للدموع مظهراً من مظاهر الوجود المصري. في النهاية، قررت السلطات الحاكمة أنه لا معنى إطلاقاً لأن يطلق جنودها الغاز المسيل للدموع، ثم يتوقفوا، ثم يعودوا بعد أسبوع لإطلاق الغاز المسيل للدموع، وهكذا. رأت الحكومة أن في هذا إهداراً غير محتمل للوقت، واتفقت مع شركة أميركية على تصنيع سحابة غاز مسيل للدموع دائمة مقيمة فوق أرض مصر. كانت السحابة تشمل منطقة وسط القاهرة، ثم توسعت حول المنطقة، حتى انتهى بها الأمر وهي تظلل أرض مصر كلها. يسأل البعض عن الهوية المصرية، يسألون ما هي؟ طيب، لقد أصبحت رائحة الغاز المسيل للدموع في أنف المصري جزءاً لا يتجزأ من تعريف "الهوية المصرية". شركات السياحة العالمية صارت تشير لمصر باعتبارها بلد النيل والهرم والغاز المسيل للدموع. بل بدأت علاقة عاطفية تتكون بين المصري والغاز المسيل للدموع. عندما يخرج المصري خارج بلده فإنه سرعان ما يعود مشحوناً بشوقه الشديد لرائحة الغاز. انتبهت الحكومة لهذا، وقررت التعاقد مع الشركة الأميركية نفسها على إعداد الغاز المسيل للدموع على هيئة حقن، يتم حقنها للطفل المصري المولود حديثاً، فلا تفارقه رائحة الغاز طوال حياته، حتى في خارج حدود مصر. وبدأت شركات معينة تضيف بعض النكهات لرائحة الغاز المسيل للدموع، غاز بنكهة التفاح، البرتقال، غاز بنكهة النعناع، نعناع بنكهة الغاز، غاز بنكهة النعناع الذي هو بنكهة الغاز، وهكذا. وفي أي مطعم مصري صارت تضاف الى القائمة عبارة صغيرة: "جميع الوجبات تقدم مع مرقة الغاز المسيل للدموع الذي يضفي المذاق المصري الحار اللذيذ على الوجبة".
الشيء المحزن في القصة كلها أن أحداً في مصر الآن لم يعد يتذكر رائحة الأوكسجين.