أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي: روايتنا نحن!

هذه دعوةٌ لنا جميعاً للإصغاء بانتباه إلى الرواية التي أمامنا رقميّاً هذه المرّة، في ما يتيحه أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي على امتداد "أكثر من 200 عام من الرواية الفلسطينيّة"، ما يرقى لأن يكون فِعلاً مقاوِماً لِما يحويه من عملٍ على جمع أطراف حكاية هذا الشعب وروايتها بلسانه.
2023-09-28

شارك
حصة موسيقية يعطيها مصطفى الكرد في مسرح الحكواتي في القدس، 1987. (أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي)
إعداد وتحرير: صباح جلّول

لا شكّ أن الأرشفة أداة سياسية بامتياز، وأن خلق أرشيف يرتبط بشعبٍ مضطهد بالأخصّ ومكتوم الصوت على المسرح العالمي – أي الشعب الفلسطيني – عبر الفلسطينيين أنفسهم وعلى منصّاتهم، يرقى لأن يكون فِعلاً مقاوِماً لِما يحويه من عملٍ على جمع أطراف حكاية هذا الشعب وروايتها بلسانه (صوره، ملصقاته، وثائقه، موسيقاه...). هذه بالتالي دعوةٌ لنا جميعاً للإصغاء بانتباه إلى الرواية التي أمامنا رقميّاً هذه المرّة، في ما يتيحه أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي على امتداد "أكثر من 200 عام من الرواية الفلسطينيّة،" وذلك عبرَ سجلّات أرشيفيّة تتضمّن صوراً وأعمالاً فنيّة وتسجيلات صوتيّة ووثائق مهدّدة بالتلف والضياع، كما وصفها المتحف. ومن هنا تبرز الأهمية الكبرى للعمل على جمعها في مكان واحد في سياقاتها الأصلية. يزيد عدد هذه المواد عن 300 ألف عنصر مُرقمنْ، موزّعة على محاور تاريخيّة اجتماعيّة مختلفة.

ليس هذا الأرشيف حديث العهد، فالعمل على جمعه موصول منذ سنوات، إلا أن المتحف الفلسطيني أطلقه بحلّة جديدة في أيلول/سبتمبر 2023، في مسعى إلى إتاحة الوصول إلى المواد للجميع وتسهيل استكشاف مجموعته الهائلة من الصور والوثائق والرسائل والتسجيلات، عبر تطوير خانات البحث والوسوم الدقيقة وتصنيفها بحسب الموضوعات والمجموعات باللغتين العربية والانجليزية.

يتوزع أكثر من 340 ألف عنصر مرقمن و142 ألف سجلّ أرشيفي على 416 مجموعة أرشيفية، منها ما هو تابع لمؤسسات (مجموعة الهلال الأحمر الفلسطيني، مجموعة جمعية النهضة النسائية، مجموعة مجلة "الصريح"، مجموعة اتحاد النقابات العمالية الفلسطينية الجديدة...)، ومنها ما هو من مجموعات أرشيفية خاصة وشخصية. تتوفر لكلّ من هذه المجموعات مقدمات مختصرة تعرّف بالمدة الزمنية التي تعود إليها عناصرها الأرشيفية، بالإضافة إلى بعض المعلومات العامة حول طبيعة المواد التي تحويها المجموعة. وهو ما يساعد الباحث أو المهتمّ على خوض تجربة بحث أسهل، خاصة لجهة وجود تصنيفات تفصيلية إلى جانب المجموعات، تخصّ تعيين الموضوعات وليس فقط المصدر، وهذه تتراوح بين: الثقافة والفنون، العمارة والمشهد الطبيعي، الاقتصاد، التاريخ الاجتماعي، التعليم، المرأة، الهجرة والشتات، التعبئة والحراك السياسي، السجلات العائلية، الحياة اليومية، الحركة الأسيرة، التراث المادي وغير المادي... وغيرها من الموضوعات.

لم تخلُ الساحة الفلسطينية الثقافية يوماً من مبادرات متعددة بالغة الأهمية تتعلق بأرشفة وتجميع تاريخ البلاد التي تآمر العالم لمحو أثرها، وكان منها ما هو متخصص، مثل "أرشيف ملصق فلسطين"، ومنها ما تمّ بمجهود فردي لا ترعاه مؤسسات بعينها، بل بقي أصحابه في الظلّ، مثل صفحة "الأرشيف الفلسطيني" النشطة جداً على تويتر وانستغرام. وفي أحد منشورات الصفحة نفسها دلالة على الدور المزعج للاحتلال الذي تؤديه الأرشفة: صورة لمركز الأبحاث الفلسطينية الذي كان يصفه الشاعر أمجد ناصر بـ "عقل الثورة الفلسطينية"، والذي تأسس عام 1965، وهو تعرض لعملية تخريب ونهب من قبل جيش الاحتلال خلال اجتياحه بيروت في صيف 1982 فسرقوا معظم أرشيفه من مجلات ووثائق وسواها.

*****

امرأة تعاين ثوباً فلسطينياً في قرية المزرعة الشرقية، رام الله، 1988. (أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي)
"معركة الكرامة"، ملصق صادر عن منظمة التحرير الفلسطينية، 1975. (أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي)
"هي"، ملصق صادر عن اللجنة الوطنية الفلسطينية للسنة العالمية للطفل نشرته دار الفتى العربي عام 1979. يضم الملصق عملًا فنيّا للفنان المصري حلمي التوني. (أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي)
طالبات يقدّمن عرضاً للدبكة في مدرسة إناث بيرزيت الإعدادية، 1971. (من مجموعة عبلة عرنكي - أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي)
صورة لأفراد أسرة فلسطينية في منزلهم في مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين خلال الانتفاضة الأولى، 1989. (أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي)

مقالات من فلسطين

إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية تحوّل إلى "روتين يومي"... استعراض عام لتنظيمات المستوطنين العنيفة!

2024-04-18

يستعرض هذا التقرير إرهاب المستوطنين، ومنظماتهم العنيفة، وبنيتهم التنظيمية، ويخلص إلى أن هذا الإرهاب تطور من مجرد أعمال ترتكبها مجموعات "عمل سري" في الثمانينيات، إلى "ثقافة شعبية" يعتنقها معظم شبان...

غزة القرن التاسع عشر: بين الحقيقة الفلسطينية والتضليل الصهيوني

شهادة الكاتب الروسي ألكسي سوفورين الذي زار غزة عام 1889: "تسكن في فلسطين قبيلتان مختلفتان تماماً من حيث أسلوب الحياة: الفلاحون المستقرون والبدو المتجوّلون بين قراها. الفلاحون هنا هم المزارعون....