منذ تسليمه أوراق اعتماده في الأول من حزيران/ يونيو 2022، قام السفير الأمريكي لدى اليمن، ستيفن فاجن، بأربع زيارات إلى محافظة حضرموت، لكن الرابعة فقط هي التي أثارت الجدل في عموم البلاد. هذه ليست المرة الأولى التي يزور فيها سفير أمريكي حضرموت منذ بداية الحرب، فما الذي تغيّر؟ من ناحية، اعتاد فاجن في الزيارات السابقة النزول في المكلّا، عاصمة المحافظة، وهذه المرة قرر أن يزور مدينة سيئون، على بعد 300 كيلومترا من المكلا باتجاه وادي حضرموت المحاذي لصحراء الربع الخالي. ومن ناحية أخرى، قرر أيضاً أنه بحاجة إلى بعض جنود المارينز لمرافقته.
قياساً بمساحة المحافظة الكبيرة (193.032 كم2)، تعتبر سيئون (804 كم2) إحدى المديريات الصغيرة، لكنها تأتي في المرتبة الثانية من حيث عدد السكان بعد مدينة المكلّا الساحلية. هي منطقة يغلب عليها الطابع الزراعي، وكانت عاصمة "لسلطنة الكَثيرية" قبل استقلال جنوب اليمن وشرقه، غير أن ذلك لا يبدو كافياً لجذب اهتمام فاجن بإحراز لقب "أول سفير أمريكي يزور سيئون منذ عشر سنوات". أما إذا أخذنا بالاعتبار أن حوض "المسيلة- سيئون" النفطي يضم أكثر من 33 حقلاً نفطياً منتجاً (1)، وأن إجمالي الاحتياطات المؤكدة لهذه الحقول تتجاوز أربعة مليارات برميل، فسيكون لدى فاجن أسباب وجيهة لتكرار زياراته المثيرة للجدل، ليس لسيئون فقط، بل إلى مناطق أخرى من محافظة حضرموت التي تحتوي على أربعة أحواض نفطية أخرى.
جدل شعبي وتأويلات
وصل السفير الامريكي إلى مطار سيئون في 30 آب/ أغسطس 2023، مستقلاً طائرة عسكرية سعودية. ولتأمين زيارته القصيرة، أرسل قبل قدومه بيوم عشرين جندياً من المارينز تجوّلوا في المنطقة برفقة رتل عسكري مشترك من القوات السعودية المتواجدة في حضرموت وآخر من أفراد المنطقة العسكرية الأولى ومقرها في سيئون. تداول اليمنيون في كافة المحافظات أخبار هذه الزيارة بتأويلات مختلفة. وأفادت التقارير الإعلامية المواكِبة واللاحقة لزيارة السفير بأن مسؤولين أمريكيين آخرين زاروا بعض المدارس برفقة جنود المارينز والتقوا بالطواقم الإدارية والتدريسية وتحدثوا مع الطلاب في الفصول بمساعدة مترجمين عراقيين. كما زاروا مستشفى سيئون العام ومدينة تَريم التاريخية المحاذية إدارياً لسيئون.
حضرموت: إقليم الثروة والمؤشر على الخطر
21-05-2014
مستقبل حضرموت، ومستقبل اليمن
06-06-2017
أثار انتشار الجنود الأمريكيين استغراب المواطنين ومخاوفهم من نوايا أمريكية لاحتلال حضرموت، كما أثار حفيظة بعض الأطراف المنخرطة في الحرب وعلى رأسها جماعة الحوثيين المسيطرة على معظم المحافظات الشمالية والغربية. اتهمت الجماعة الحكومة المعترف بها دولياً بالتفريط في السيادة الوطنية، كما اتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا بالتمهيد لاحتلال كبرى المحافظات اليمنية وأغناها بالثروة النفطية، وإنشاء قواعد عسكرية فيها، معتبرة تواجد القوات الأمريكية في اليمن "عملاً عدائياً"، وهددت باستهدافه عسكرياً. لم تعلق الحكومة المعترف بها دولياً على الاتهامات الحوثية، ونشر الإعلام الحكومي خبر الزيارة بصورة عادية ضمن لقاء السفير فاجن بمحافظ حضرموت ووزير الداخلية ومسؤولين في السلطة المحلية وقيادة المنطقة العسكرية الأولى. أما الجانب الأمريكي فاعتبر هذا النشاط الدبلوماسي فرصة لسكان حضرموت "للمساهمة في استقرار اليمن وأمنه وازدهاره وأهمية التوصل إلى حل سلمي وشامل للصراع".
كما أشار الموقع الرسمي للسفارة الأمريكية في اليمن إلى أن فاجن التقى أيضاً "قيادات قبَليّة" وعدداً من الضباط والجنود "الذين تم اختيارهم للحصول على دورات تدريبية في الولايات المتحدة"، في سياق اهتمام واشنطن بتعزيز علاقاتها "الثنائية" و"دعم الحكومة اليمنية والشعب اليمني".
نظرة على "العلاقات الثنائية"
في واجهة الموقع الإلكتروني للسفارة الأمريكية، تتضمن نافذة "علاقتنا" تعريفاً لليمن استناداً إلى ماضيه كمستعمرتين منفصلتين منذ القرن التاسع عشر الميلادي: شمال احتلته تركيا العثمانية حتى أوائل القرن العشرين، وجنوب وقع تحت النفوذ البريطاني عندما احتلّ البريطانيون ميناء عدن سنة 1839. يتضمن التعريف كذلك أن شمال اليمن أصبح جمهورية مستقلة بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية في 1918، بينما "غادرت السلطات البريطانية اليمن الجنوبي في تشرين الثاني/ نوفمبر 1967 على إثر حملة إرهابية مكثفة"، ثم توحّد البلد رسمياً في 1990 تحت اسم الجمهورية اليمنية.
تخشى الولايات المتحدة الامريكية من منافسة قوى دولية وإقليمية في واحدة من أهم المناطق الحيوية في العالم. ومعلوم أن أبرز الدول المنافسة أو المرشحة لمنافسة واشنطن في اليمن، هي إيران، روسيا، الصين وتركيا. لتأمين موقعها التنافسي هذا، عمدت الحكومة الأمريكية مؤخراً إلى تكثيف أنشطتها الدبلوماسية وتحركاتها العسكرية في منطقة الخليج واليمن.
حوض "المسيلة- سيئون" النفطي يضم أكثر من 33 حقلاً نفطياً منتجاً، وإجمالي الاحتياطات المؤكدة لهذه الحقول تتجاوز أربعة مليارات برميل، وهكذا يكون لدى السفير الامريكي المعتمد منذ حوالي العام في اليمن أسباب وجيهة لتكرار زياراته المثيرة للجدل، ليس لسيئون فقط، بل إلى مناطق أخرى من محافظة حضرموت التي تحتوي على أربعة أحواض نفطية أخرى.
يكشف هذا التعريف الطريقة التي تنظر بها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية إلى اليمن. غالباً ما أبدى أعضاء السلك الدبلوماسي الأمريكي في صنعاء اعتزازهم بامتداد العلاقات الأمريكية اليمنية إلى منتصف ستينيات القرن العشرين، وطالما اهتموا بدعوة شخصيات من النخب السياسية والإعلامية والمثقفين إلى مبنى السفارة للاحتفال بعيد الاستقلال الأمريكي في الرابع من تموز/ يوليو من كل عام. كانوا أيضاً يحضرون الاحتفالات الرسمية للحكومة اليمنية بأهم ثلاث مناسبات وطنية: 26 أيلول/ سبتمبر، عيد الثورة ضدّ نظام الإمامة وقيام الجمهورية في الشمال في العام 1962، 14 تشرين الأول/ أكتوبر، عيد الثورة ضدّ الاستعمار البريطاني في العام 1963، و30 تشرين الثاني/ نوفمبر، عيد الاستقلال الوطني وقيام الجمهورية في الجنوب في العام 1967.
وبصرف النظر عن الخطأ الفاضح في الخلط بين تاريخ إخراج العثمانيين في 1918، وبين تاريخ تأسيس النظام الجمهوري في الشمال، فإن وصف الثورة ضد المستعمِر لنيل الاستقلال في الجنوب بـ"حملة إرهابية مكثفة" يتجاوز مبدأ الخطأ والصواب، ولعله يندرج ضمن الاستهتار المتعمد بكل ما لا يروق للنظرة الأمريكية المغرورة بالقوة والمسكونة بفوبيا "الإرهاب". وفي غفلة عدم الاستقرار، طال هذا الاستهتار والتضليل نضال شعب عانى من الاستعمار واستغلال مقدراته وثرواته طيلة 128 عاماً.
أهمية اليمن بالنسبة للعالم تنحصر في ثروته النفطية والمعدنية التي لا يزال معظمها في باطن أرضه، وموقعه الاستراتيجي المطل على بحر العرب والبحر الأحمر، حيث مضيق باب المندب الذي يمر عبره قرابة 30 في المئة من التجارة العالمية. قبل استقلال جنوب اليمن حصلت شركة "بان أمريكان" على امتياز التنقيب عن النفط في حضرموت سنة 1961، أي قبل اندلاع "ثورة 14 أكتوبر" بسنتين، ثم توقفت في 1966 (2). وفي الشمال كانت هناك مساعٍ أمريكية للاستثمار النفطي أواخر عشرينيات القرن العشرين، ولو لم يرفض الإمام يحيى حميد الدين عرض السياسي ورجل الأعمال الأمريكي شارلز كرين، لكان الأخير اقترح على حكومته تأسيس شركة "أرامكو" في اليمن (3).
نفط حضرموت ومسار العلاقات
في زمن الاستعمار البريطاني، كانت عدن فقط هي المستعمرة، أما جميع السلطنات والمشيخات المحيطة بها، بما في ذلك السلطنتان الكَثيرية والقُعَيطية في حضرموت، فكانت تحت نظام الحماية البريطانية. كان قادتها يستطيعون إبرام اتفاقيات تجارية مع دول أخرى، لكن بعد استشارة مسؤولين بريطانيين عادة ما كانوا يعملون ضمن طواقمهم الإدارية. وبطبيعة الحال كانت بريطانيا تستأثر لنفسها بحصة الأسد من الموارد. لذلك منح سلاطين حضرموت والمهرة امتياز التنقيب عن النفط سنة 1938 لشركة "بتروليوم كونسيشن ليمتد" المتفرعة من "شركة نفط العراق"، لكنها لم تحرز أي نتيجة. وبعد توقف شركة "بان أمريكان" في منتصف الستينيات، لم يُستأنف استكشاف النفط في اليمن الجنوبي إلا في سنة 1982، عندما منحت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية امتياز التنقيب لشركة "أجيب" الإيطالية التي أوقفت نشاطها هي الأخرى بعد أربع سنوات.
وصل السفير الامريكي إلى مطار سيئون في 30 آب/ أغسطس 2023، مستقلاً طائرة عسكرية سعودية. ولتأمين زيارته القصيرة، أرسل قبل قدومه بيوم عشرين جندياً من المارينز تجوّلوا في المنطقة برفقة رتل عسكري مشترك من القوات السعودية المتواجدة في حضرموت وآخر من أفراد المنطقة العسكرية الأولى ومقرها في سيئون.
لم يكن للولايات المتحدة الأمريكية مجال لنسج علاقات جيدة مع جمهورية اليمن الديمقراطية ذات النظام الاشتراكي المرتبط بشكل وثيق مع الاتحاد السوفياتي. منحت الجمهورية الاشتراكية امتياز التنقيب لشركة سوفييتية، وفي 1987 أعلنت الشركة اكتشاف النفط في ثلاثة حقول في محافظة شبوة، وفي السنة نفسها مُنحت شركة "كنديان نكسن" امتياز التنقيب في حوض "المسيلة- سيئون". في الشمال منحت حكومة الجمهورية العربية اليمنية امتياز التنقيب لشركة "هنت" الأمريكية في 1981، وبعد أن امتدت حمى استكشاف النفط إلى محافظة شبوة التابعة للجنوب آنذاك، ومحافظة مأرب التابعة للشمال (كلا المحافظتين تشتركان بحدود إدارية مع حضرموت)، نشبت مواجهات دامية بين جيشي الشمال والجنوب في السنوات الأخيرة من ذلك العقد المحموم. بطريقة أو بأخرى، لعبت تلك الحمى النفطية دوراً في تسريع تحقيق الوحدة بين الشطرين في 1990، ثم في إعلان انفصال الجنوب عن الشمال واندلاع حرب صيف 1994 (4).
بعد الوحدة بدأت تتكشف ثروات اليمن النفطية، واعتمدت الحكومة تقسيم عقود الشركات إلى "استكشافية" و"إنتاجية"، وفي كلا الحالتين لم تحصل الشركات الأمريكية على امتيازات في أي منهما. وعلاوة على ذلك، آلت في 1998 ملكية شركة "هنت" من المعدات الخاصة بالاستكشاف والإنتاج، بما في ذلك مصفاة مأرب، إلى الحكومة اليمنية بموجب عقد التنقيب. أما حضرموت، فبلغ عدد قطاعات الإنتاج النفطي فيها سنة 2011، ثمانية قطاعات من إجمالي ثلاثة عشرة في عموم البلاد، وهي تمتد على مساحة271 10 كم2، بنسبة 44.3 في المئة من إجمالي مساحة القطاعات النفطية المنتِجة في الجمهورية اليمنية.
وعلى الرغم من إحاطة كميات الإنتاج النفطي بالسرية من قبل الحكومة آنذاك، أشارت دراسة الدكتور عبد الله سالم باصريح من جامعة حضرموت، إلى أن الكمية التي أنتجتها قطاعات المحافظة الثمانية خلال العقد الأول من الألفية الثالثة (2000-2011)، بلغت 998 مليون و161 292 برميل (5). ومعظم هذه الكمية أُنتج من حوض المسيلة-سيئون!
خلال العقدين التاليين للوحدة اليمنية بدت أمريكا زاهدة في نفط اليمن، وتركزت علاقات البلدين على الجانبين الأمني والعسكري. بدأت تحولات العلاقات في هذين الجانبين بعد الوحدة مباشرة وتعززت على إثر بروز ما سمّي "جيش عدن- أبين" أواخر التسعينيات الفائتة، مروراً بتفجير المدمرة الأمريكية "كول" من قبل تنظيم القاعدة في تشرين الأول/ أكتوبر 2000 أثناء رسوها في ميناء عدن. ثم جاءت أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001، التي أوصلت السعار الأمريكي في "محاربة الإرهاب" إلى ذروته. ومن المقاربات اللافتة أن الإنتاج النفطي في اليمن كان في ذروته سنة 2001، وبعدها أخذ بالانحسار حتى اندلعت الحرب الشاملة في 2015. وبينما استأنفت الحكومة المعترف بها دولياً تصدير النفط في 2018 من ميناء "الضَّبّة" في حضرموت وتصدير الغاز من ميناء "بَلْحاف" في شبوة، أقدمت جماعة الحوثيين (أنصار الله) في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، على قصف الميناءين بطائرات مسيرة وصواريخ مطورة محلياً، مطالبة الحكومة بتقاسم إيرادات النفط والغاز.
في مرمى تنافس متعدد الأبعاد
لم تصل معارك الحرب بين الحركة الحوثية والحكومة المعترف بها دولياً إلى حضرموت. فبعد أسبوع فقط من التدخل العسكري للسعودية والإمارات في 26 آذار/ مارس 2015، سقطت مدينة المكلّا في قبضة "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب". وفي نيسان/ أبريل من السنة التالية، تبنّت الإمارات، بمساعدة قوات يمنية مدرّبة حديثاً، عملية هجومية خاطفة من الجو والبر، فتحررت المدينة من عناصر التنظيم خلال يومين. لاحقاً عُرفت تلك القوات باسم "النخبة الحضرمية"، وهي إحدى ثلاث قوات رئيسية تبنّت الإمارات تدريبها ودعمها في جنوب وشرق اليمن، مع قوات "النخبة الشبوانية" وقوات "الحزام الأمني" في عدن وأبين. وهذه الأخيرة تابعة مباشرة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالِب باستعادة دولة الجنوب قبل الوحدة وفك الارتباط بالشمال.
بعد أن امتدت حمى استكشاف النفط إلى محافظة شبوة التابعة للجنوب آنذاك، ومحافظة مأرب التابعة للشمال، نشبت مواجهات دامية بين جيشي الشمال والجنوب في السنوات الأخيرة من ذلك العقد الثامن المحموم من القرن العشرين. ولعبت تلك الحمى النفطية دوراً في تسريع تحقيق الوحدة بين الشطرين في 1990، ثم في إعلان انفصال الجنوب عن الشمال واندلاع حرب صيف 1994.
على الرغم من إحاطة كميات الإنتاج النفطي بالسرية من قبل الحكومة آنذاك، أشارت دراسة الدكتور عبد الله سالم باصريح من جامعة حضرموت، إلى أن الكمية التي أنتجتها قطاعات المحافظة الثمانية خلال العقد الأول من الألفية الثالثة (2000-2011)، بلغت 998 مليون و161 292 برميل. ومعظم هذه الكمية أُنتج من حوض المسيلة-سيئون!
ليست الإمارات وحدها من تسعى لحيازة النفوذ في جنوب وشرق اليمن. لدى السعودية أيضاً معسكراتها وموالوها من العسكريين وزعماء القبائل ورجال الدولة. ومنذ أيار/ مايو 2023، تصاعدت حدة التنافس على حضرموت إثر تحركات نشطة للمجلس الانتقالي في المحافظات الشرقية ودعوته قوى "الحراك الجنوبي" إلى التوحد معه في المطالبة باستعادة الدولة. محلياً، يعتبر حزب التجمع اليمني للإصلاح (الاخوان المسلمين)، المدعوم بشكل رئيسي من قطر وتركيا، هو المنافس الأبرز للمجلس الانتقالي، وإقليمياً يواجه المجلس ضغطاً سعودياً لفرملة تحركاته باتجاه الانفصال. تبنّت السعودية في حزيران/ يونيو 2023 "تشكيل مجلس حضرموت الوطني" بعد مشاورات مع زعماء قبائل وسياسيين من حضرموت استمرت شهراً في الرياض. وعلى خط التنافس الإقليمي هذا تدخل سلطنة عمان. جميع هذه القوى الإقليمية ترتبط في أكثر من جانب مع الولايات المتحدة وبريطانيا، وهما أبرز المتنافسين الدوليين في الشرق اليمني.
من الواضح أن الولايات المتحدة الامريكية تخشى من منافسة قوى دولية وإقليمية في واحدة من أهم المناطق الحيوية في العالم، ومعلوم أن أبرز الدول المنافسة أو المرشحة لمنافسة واشنطن في اليمن، هي إيران، روسيا، الصين وتركيا. لتأمين موقعها التنافسي هذا، عمدت الحكومة الأمريكية مؤخراً إلى تكثيف أنشطتها الدبلوماسية وتحركاتها العسكرية في منطقة الخليج واليمن. زيارات المبعوث الأمريكي الخاص باليمن المكثفة خلال الأشهر الماضية إلى عواصم الدول الخليجية وعدن، وتعزيز القوات الأمريكية في الخليج العربي والبحر الأحمر بثلاثة آلاف جندي في تموز/ يوليو، وأخيراً وليس آخراً، الزيارات المتتالية لسفير واشنطن لدى اليمن إلى عدن وحضرموت، ليست سوى بعض المؤشرات على أن اليمن بات في مرمى الاهتمام الأمريكي من زوايا محدّثة وقابلة للتحديث: عين على الممرات البحرية وأخرى على الثروات.
[1] "النفط في محافظة حضرموت"، سالم عبدالله باصريح، مجلة جامعة حضرموت، المجلد 12، العدد 2، كانون الأول/ ديسمبر 2015.
[2] "النفط في حضرموت"، سالم عبدالله باصريح...
[3] زار شارلز كرين الحجاز واليمن في 1927 رفقة المؤرخ السوري نزيه مؤيد العظم، الذي رأى عمّالاً في جزيرة ميّون في مضيق باب المندب يحفرون آباراً ثم يردمونها. وبعد أن شمّ رائحة التراب عرف أن الإنجليز يبحثون عن النفط في الجزيرة العربية، فأبلغ الإمام يحيى والملك عبدالعزيز آل سعود. وفي 1928، أرسل كرين فريقاً هندسياً إلى اليمن، وبعد رفض الإمام ذهبوا إلى الملك عبدالعزيز فوافق "وكان ذلك طليعة لبروز شركة أرامكو في جزيرة العرب". "من مصر إلى صنعاء.. رحلة في بلاد العربية السعيدة"، نزيه مؤيد العظم، دار السويدي للنشر والتوزيع، الإمارات، 2011.
[4] المعلومات الخاصة بالشركات وامتيازات التنقيب مأخوذة من موقع وزارة النفط والمعادن اليمنية /
[5]هذه الأرقام مصدرها وزارة النفط والمعادن، وقد كان معروفاً خلال تلك الفترة أن الحكومة تتحفظ على الأرقام الحقيقية التي تزيد عن الأرقام المعلنة.