السعودية وإيران تسطوان على العراق سككيا.. وميناء الفاو يدفع الثمن باهظا

متخصصون بالنقل الدولي والاقتصاد، كشفوا أن الربط السككي مع إيران والسعودية، يشكل خطرا كبيرا على ميناء الفاو، خاصة وأنها تأتي في ظل سعي تركيا لمد خط سكك حديد بينها وبين السعودية عبر العراق لإيصال بضائعها، ما يحول البلاد إلى ترانزيت فقط، لاسيما وأنه يفتقر إلى الصناعة ليستخدم هذه الطرق ويصدر بضائعه.
2023-09-21

شارك

من ربط إلى آخر، حتى تحول العراق إلى مجرد ممر إقليمي تنقل دول الجوار بضائعها عبر أراضيه، دون أي استفادة من موقعه، لاسيما وأن المردود المادي من النقل السككي بسيط في ظل تكلفة تشغيله المرتفعة، كما أن الثمن الأكبر للربط السككي مع إيران والسعودية، سيدفعه ميناء الفاو الكبير، الذي سيقتصر دوره على استقبال البضائع التي تصل للعراق حصرا، أي تلك التي يستوردها فقط، لتنتهي بذلك القصة الكبيرة بشأن تحوله لنقطة ربط بين الشرق بالغرب.

متخصصون بالنقل الدولي والاقتصاد، كشفوا أن الربط السككي مع إيران والسعودية، يشكل خطرا كبيرا على ميناء الفاو، خاصة وأنها تأتي في ظل سعي تركيا لمد خط سكك حديد بينها وبين السعودية عبر العراق لإيصال بضائعها، ما يحول البلاد إلى ترانزيت فقط، لاسيما وأنه يفتقر إلى الصناعة ليستخدم هذه الطرق ويصدر بضائعه.

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، كشف أمس الأول الإثنين، عن بحث وزير النقل مع السعودية، لقضية الربط السككي، الذي سيكون مخصصا لنقل الحجاج، حسب تصريحه، فيما شدد على أن موقفه ما زال رافضا لأي ربط سككي تجاري.

ويقول المستشار في الاقتصاد والنقل الدولي والباحث في العلاقات الاقتصادية الدولية زياد الهاشمي، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، إن "الحديث عن الربط السككي مع السعودية، يتزامن مع حديث تركيا عن نيتها إنشاء ربط سككي بين طريق التنمية ودول الخليج، حتى توصل بضائعها للخليج العربي عبر السعودية".

ويضيف الهاشمي، أن "دول الخليج ترتبط جميعها بشبكة طرق موحدة، لذلك تسعى تركيا لاتخاذ العراق معبر بينها وبين الخليج، وهذا الطرح هو بمقابل طريق التنمية، فالعراق اقترح الطريق، وهو يمر بالأراضي التركية تجاه أوروبا، وبالتالي طلبت تركيا هذا الربط"، مبينا أن "الربط مع السعودية، سيكون لفائدة الخليج وتركيا، وسيكون المتضرر الأول هو ميناء الفاو".

ويوضح أن "ميناء الفاو وبدلا من استلام البضائع بشكل مباشر، سيكون النقل سككيا، أي أن البضائع لن تصله وستصل لموانئ دول الخليج، ومنها تتجه شمالا نحو العراق وتصل لتركيا"، مؤكدا أن "العراق في الظرف الراهن ليس أمام خيارات عديدة بشأن طريق التنمية، لذا يجب أن يرتبط سككيا بدول الجوار، لكن بالمقابل هو يفتقر إلى مدن صناعية وإنتاج وصناعة حقيقية، وبالتالي لا توجد جدوى من الربط، بل سيكون العراق عبارة عن ممر".

ويشير إلى أن "هذا الربط سيضر بالعراق، ويحوله لمستقبل للبضائع سككيا، وبالتالي سيفقد ميناء الفاو جزء من حصته السوقية لصالح دول الخليج"، مستطردا أن "النقل السككي لا يوجد فيه أي مردود مادي، فتكلفة تشغيله عالية وأرباحه قليلة، فالعراق لن يحصل على مردود كبير من مرور البضائع بأرضه".

وفيما يخص إيران، يرى الهاشمي، أنها "ستشغل 3 موانئ للربط السككي، وأول ربط عبر منفذ الشلامجة والثاني عبر منفذ خسروي، الذي تنوي أن تفتحه مع العراق من جهة خانقين في ديالى، وهذا سيمتد إلى البو كمال ومنه للموانئ السورية، وهذا يعني أن العراق سيكون ممرا للبضائع الإيرانية"، مبينا أن "كل الدول تستغل جغرافية العراق، لكن البلد لم يستغل موقعه ولم يفعل الصناعة، فلو كانت هناك صناعة لاشترط العراق أن تصل بضائعه للموانئ السورية عبر السكك الإيرانية".

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وضع أمس الأول السبت، حجر الأساس لمشروع الربط السككي في منفذ الشلامجة الحدودي بمحافظة البصرة، وأكد أهمية المشروع في نقل المسافرين وزائري العتبات الدينية من إيران وبلدان وسط آسيا، فيما بين أن المشروع خضع لسنوات من النقاش وتم الاتفاق على إكماله بين العراق وإيران عام 2021.

وكشفت "العالم الجديد"، في تقرير سابق، أن الاتفاقية التي وقعها العراق عان 2021 مع إيران، بشأن الربط السككي، نصت على أن الـAxel Load وهي الحمولة المحورية للسكك، تكون بقيمة 25 طنا، وتستخدم لغرض نقل البضائع، في حين تبلغ قيمة مثيلتها المستخدمة لنقل المسافرين 14 طنا.

يشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كشف في العاشر من الشهر الحالي، عن مشروع ممر تجاري كبير يربط تركيا بالسعودية والإمارات عبر محافظة البصرة في العراق، وذلك لقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الهند.

وبحسب تقرير مفصل نشرته "العالم الجديد" في 25 تموز يوليو 2020، فان ميناء الفاو سيكون نقطة الربط بين شرق آسيا وبين أوروبا، وسيحول العراق إلى ممر للبضائع، تبدأ من ميناء الفاو وتمر بريا عبر خطوط حديثة إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، ما يختصر الفترة الزمنية لنقل البضائع إلى ساعات، بدلا من 20 يوما تقريبا عبر قناة السويس، وهي الممر الحالي الرابط بين شرق آسيا وأوروبا.

إلى ذلك، يبين عضو لجنة النقل النيابية، وزير النقل الأسبق عامر عبد الجبار، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "قضية الربط السككي مع إيران والسعودية ستكون لها نتائج سلبية على مشروع ميناء الفاو الكبير وطريق التنمية".

ويؤكد عبد الجبار، أن "لجنة النقل النيابية، ستعمل خلال الفترة المقبلة على استضافة وزير النقل والجهات المسؤولة عن مشروع الربط السككي مع إيران والسعودية لمعرفة تفاصيل هذا الربط، فهناك مخاوف وشكوك بأن الربط سيكون لأهداف تجارية وليس بهدف نقل المسافرين"، مبينا أن "المنفعة الاقتصادية الحقيقية للعراق هي الإسراع بإنجاز مشروع ميناء الفاو، فهو في حال أنجز بشكل كامل وإدارة صحيحة، سيحدث طفرة نوعية للاقتصاد العراقي خلال السنوات القليلة المقبلة".

يشار إلى أن السوداني، سبق وأن أبدى رفضه للربط السككي مع إيران، وأكد قبل توليه منصبه: "لا أجد حاليا أي مصلحة للعراق في أي ربط سككي مع دول الجوار قبل أن ننشئ ميناء الفاو الكبير".

وفي تموز يوليو 2019، طلبت طهران من بغداد الإسراع في تخصيص قطع الأراضي اللازمة لإقامة المشروع، وتفريغها من أية عوائق قبل البدء به، وحددت في وقتها مدة 90 يوما لإنجاز المشروع.

وبدأ مشروع الربط السككي بين البصرة وإيران، يأخذ صداه في العام 2014، خلال تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة العراقية، حيث طرحت طهران مشروع ربط سككي بين البصرة وميناء الإمام الخميني جنوبي إيران على الخليج العربي، وتضمن المشروع في وقته ربط ميناء الإمام الخميني بمنفذ الشلامجة والبصرة، وصولا الى ميناء اللاذقية في سوريا، ويبلغ طول الربط السككي من البصرة الى منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران 32.5 كليومتر فقط، ومن المفترض أن تستخدم هذه السكة لنقل المسافرين والبضائع.

من جهته، يرى الخبير في الشأن الاقتصادي عامر الجواهري، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "السعودية راغبة بشكل حقيقي بقضية الربط السككي مع العراق، لكن هي لا تريد ذلك حالياً، فهي تريد ربط سككي مع باقي الدول في البداية ثم التوجه للعراق".

ويلفت الجواهري، إلى أن "الربط السككي مع أي جانب ليس بالأمر السهل، خاصة مع وجود طريق تنمية، وهو مشروع اقتصادي جيوسياسي اجتماعي دبلوماسي سياحي، لذلك نحن لا نقلق من أي ربط سككي حاليا لغرض نقل المسافرين، لكن المقلق هو أن يستخدم لنقل البضائع، لأن هذا سيؤثر على ميناء الفاو".

ويرى "يجب أن ينجز ميناء الفاو بطاقة استيعابية كاملة، وليس بخمسة أرصفة، وغير هذا الكلام، فالوضع خطير، كما يجب أن تبرم اتفاقيات مع دولية، نستطيع من خلال التحكم بوجهة الشحنات".

يذكر أن مساعي الربط السككي لم تقتصر على إيران فقط، بل طرحت الكويت مرارا مشروعا مشابها لربط البصرة بميناء مبارك الكويتي عبر خط سكك حديد، تستخدم لنقل البضائع، مستخدمة كل السبل لتنفيذه، ما أثار ردود أفعال شعبية ورسمية رافضة.

وبحسب تقرير مفصل نشرته "العالم الجديد" في 25 تموز يوليو 2020، فإن ميناء الفاو سيكون نقطة الربط بين شرق آسيا وبين أوروبا، وسيحول العراق إلى ممر للبضائع، تبدأ من ميناء الفاو وتمر بريا عبر خطوط حديثة إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، ما يختصر الفترة الزمنية لنقل البضائع إلى ساعات، بدلا من 20 يوما تقريبا عبر قناة السويس، وهي الممر الحالي الرابط بين شرق آسيا وأوروبا.

مقالات من العالم العربي

ميلادٌ آخر بلا عيدٍ

2024-12-26

وجّه الأب "منذر إسحق" رسالة الميلاد من بيت لحم إلى العالم، قائلاً: "احتفالات الميلاد ملغاة. لا وجود لشجرة ميلاد، للأضواء، للاحتفالات في الشارع... من الصعب تصديق أننا نعيش ميلاداً آخر...