كشوف العذرية للطالبات المصريات.. وأشياء أخرى

لمْ تمرّ سوى أيام قليلة على بداية عام دراسي جديد بالجامعات إلا وانفجرت الأزمات الاجتماعية والسياسية (وفي الذيل، التعليمية) في وجه الجميع، من الطلاب إلى أولياء الأمور إلى السياسيين.. وكان أكثرها حِدّة هو تقدّم أحد نواب البرلمان الحالي باقتراح إضافة بند عند التقديم لكل سنة دراسية: إجراء كشف العذرية على طالبات التعليم العالي!
2016-10-23

إيمان رسلان

صحافية من مصر مختصة بالتعليم


شارك
نور بهجت - سوريا

لمْ تمرّ سوى أيام قليلة على بداية عام دراسي جديد بالجامعات إلا وانفجرت الأزمات الاجتماعية والسياسية (وفي الذيل، التعليمية) في وجه الجميع، من الطلاب إلى أولياء الأمور إلى السياسيين.. وكان أكثرها حِدّة هو تقدّم أحد نواب البرلمان الحالي باقتراح إضافة بند عند التقديم لكل سنة دراسية: إجراء كشف العذرية على طالبات التعليم العالي! وكانت حجّة النائب (واسمه إلهامي عجينة) أن مقترَحَهُ الذي يجهّز له الآن كمشروع قانون يهدف للحدّ من الزواج العرفي في الجامعات. وصفت بعض التعليقات اقتراح النائب (الذي لم يتراجع عنه حتى الآن) بقولها إنّ: "غشاء البكارة سيصبح أحد مسوّغات وشروط التعليم والتخرّج من الجامعات". الدعوة استفزّت المنظمات النسائية التي وصفتها بـ"الشاذة"، وعدد منها رفع قضايا أمام النائب العام ضده وتقدم بمذكرات إلى مجلس النواب ضد تصريحات النائب ومشروعه المقترح، فاضطر البرلمان إلى تحويل النائب للجنة القيم لسماع أقواله، خاصة بعد أن وقفت نائبات بالمجلس معاً ضدّ تصريحاته.

كشوف العذرية وهتك الأعراض

وكان يمكن أن يقتصر الأمر على ذلك، ويصبح قضية نضالية للمنظمات النسائية ضد النائب وأمثاله، خاصة بعد أن ظهر نائب آخر أعلن عن تضامنه في تبني هذا الاقتراح ودعمه التشريعي له. ولكن الأمر تطوّر إلى صراع وتجاذب داخل الجامعات نفسها، وبين أساتذة الجامعات ورئيس جامعة القاهرة من جهة ووزير التعليم العالي من جهة أخرى. فعقب إصدار أعضاء هيئات التدريس لبيانات الإدانة والرفض لهذا المقترح الغريب، أقام رئيس جامعة القاهرة دعوى قضائية أمام النائب العام يتّهم فيها النائب بالسبّ والقذف إضافة لتهمة الخوض في الأعراض، وعقوبتها في القانون هي الحبس الوجوبي. وكان الوحيد الوحيد الذي تصدّى للنائب، من إجمالي 21 جامعة حكومية يضمّها المجلس الأعلى للجامعات. وبدلاً من خروج بيان تضامن في القضية من هذا المجلس الذي تضمّ جامعاته ما يقرب من 50 في المئة من الطالبات (أي حوالي 850 ألف طالبة جامعية طبقاً لإحصاء أخير للجهاز المركزي للإحصاء، وهو مؤسسة حكومية)، خرج وزير التعليم العالي الذي يرأس المجلس الأعلى بتصريحات نارية ورافضة لموقف جامعة القاهرة قائلاً: "إن رئيسها تصرف بشكل شخصي لأنه في الأصل محامٍ وكان عميداً للحقوق"، وأضاف الوزير "انه المتحدث الوحيد باسم الجامعات، ويرفض رفع قضية على عضو مجلس النواب لأن ما حدث أمر داخلي في المجلس النيابي وهو حر في اتخاذ القرار تجاه النواب"، وأن بناتنا "زيّ الفل"! وهو ما دعا أعضاء هيئات التدريس للحديث عن أن القانون والدستور يجعل الجامعات ومجالسها مستقلة في اتخاذ القرار، وأنّه لا سلطة للوزير في ذلك، وأن المجلس الأعلى للجامعات هو مجلس للتنسيق بين الجامعات والتمثيل أمام البرلمان إذا استدعى الأمر. أمّا اتخاذ القرارات فهو سلطة كل جامعة. والمعروف أن رئيس جامعة القاهرة، د. جابر نصّار، له آراء مستقلة وتنويرية، وهو رئيس الجامعة الوحيد الباقي الآن من نظام الانتخاب للقيادات الجامعية وفق التعديلات التي تمّت على قانون الجامعات عقب ثورة يناير 2011، كما أعلن أنه ضدّ العودة لنظام التعيين ويفضل نظام الانتخابات المعمول به في أغلب دول العالم، وهو القانون الذي تمّ التراجع عنه مؤخراً. وكان عرف بقراره بمنع النقاب لأستاذات الجامعات والعاملات بها.

العودة لحسني مبارك

لم تكن هذه أزمة وزير التعليم العالي الوحيدة مع بداية الدراسة، فقد سبقها بتصريحات وقرارات واضحة بأن انتخابات الاتحادات الطلابية أوائل الشهر القادم ستتمّ وفق لائحة عام 2007 التي تمّ إقرارها في عهد الرئيس حسني مبارك وليس وفق اللائحة الطلابية لعام 2013 التي تمّ العمل بها في انتخابات العام الماضي. وقال تحديداً: "إن الانتخابات ستتمّ في كلّ جامعة بشكل مستقلّ، ولن يكون هناك انتخابات على المستوى القومي (الوطني) لاختيار منصب رئيس اتحاد طلاب الجمهورية أو نائبه أو اتحاد طلاب مصر من الأساس"، مبرراً قراره "بوجود منازعات أمام القضاء حول هذه اللائحة من جانب الطلاب أنفسهم ولم تُحسم بعد"، بينما الحقيقة أن الجميع العام الماضي سواء من الطلاب أو من مسؤولي الجامعات لم يعترضوا على اللائحة والعمل بها حتى المرحلة النهائية من الانتخابات (منصب اتحاد طلاب الجمهورية)، بل أشرفت وزارة التعليم العالي عليها. ولكن حينما لم تفز قائمة الطلاب التي كانت تدعمها الوزارة علناً، طبقاً لشهادات الطلاب أنفسهم، وفازت القائمة المنافسة بعد الإعادة مرتين لتساوي الأصوات، رفض الوزير اعتماد النتيجة وأعلن عن وجود منازعة قضائية من الخاسرين، وأوقف عمل اتحاد الطلاب طوال العام الجامعي الماضي والاعتراف به، حتى أعلن منذ أيام إلغاء اللائحة التي تمّ وضعها عقب ثورة 25 يناير والعودة للائحة ما قبل هذا التاريخ، أي لائحة 2007، وهي نفسها اللائحة التي وضعها السادات عام 1979 عقب كامب ديفيد ليتخلص من "صداع" الحركة الطلابية واتّحاد طلاب مصر حين أعلن رفضه للمعاهدة والصلح مع إسرائيل، وكان يرأسه في منتصف السبعينيات حمدين صباحي وكان نائبه د. عبد المنعم أبو الفتوح، وكلاهما ترشّح بعد ثورة يناير إلى منصب رئيس الجمهورية.

ارتفاع المصروفات

على الهامش، تراجعت الاعتراضات القليلة على زيادة المصروفات الجامعية هذا العام سواء لطلاب الانتظام أو الانتساب، لأنها في النهاية "لم تتجاوز الحدّ المعقول" (أقلّ من ألف جنيه مصري، أي ما يوازي 100 دولار) وهي زيادة تتمّ لأول مرة منذ سنوات، والجامعات معذورة لأن المخصصات المالية من الدولة لم تصل حتى إلى الحد الأدنى الموجود في الدستور وهو نسبة 2 في المئة من الدخل القومي للصرف على الجامعات، وهكذا رفعت بعض الجامعات الرسوم الدراسية بنسبة قليلة، وكذلك فرضت "تبرّعا إجباريا" من الأساتذة مقابل الأجازات الممنوحة لهم، سواء للسفر للخارج أو الداخل أو للتدريس بالجامعات والمعاهد الخاصة، ووصل المبلغ في بعض الجامعات إلى ألف دولار سنوياً. وتراجعت أيضاً مناقشة أوضاع التعليم الجامعي بعد خروج الجامعات المصرية من التصنيف الدولي لأفضل 500 جامعة، اللهم إلا جامعة القاهرة التي حافظت على مكانها ضمن أفضل 500 جامعة... في المرتبة الـ400 دولياً.

مقالات من مصر

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.

للكاتب نفسه

مصر: المندوب السامي التعليمي؟

مدراء مشروع "المعلمون أولاً" الذي ترعاه وزارة التربية ويهدف الى تطوير وتدريب مليون ونصف معلم مصري.. كلهم أجانب: لم يُعرَف للمشروعات  التعليمية بمصر مدير أجنبي إلاّ فى عهد الاحتلال الانجليزي.

المعلمون في مصر: الحرامية الشرفاء

وزير التعليم وصف المعلمين بالحرامية، ما أثار ضجة كبيرة غطى عليها ارتفاع رسوم التسجيل في المدارس الرسمية بنسبة 50 في المئة وقلق المعلمين على وظائفهم بعدما اعتبرهم الوزير فائضون عن...

فقراؤك يا وطن

قصة مريم وعبد الراضي، الشابان الآتيان من عائلات موغلة في الفقر، واللذان حصلا على مجموع تام في شهادة البكالوريا هذا العام، وسؤال مصيرهما لولا وجود مجانية التعليم التي يُسعى لإلغائها...