من مواقع صديقة: حبر
توتر تظهر آثاره في المعدة، نبضات قلب متسارعة، وتمتمات تحاول أن تحبسها الشفاه حتى لا تظهر أمام الضابط. هكذا يُخيّل إلي شكل الفلسطيني حين يهمّ بتسليم جواز سفره أو بطاقة هويته عند الوصول إلى «شباك ختم الجوازات» الإسرائيلي على جسر الكرامة «معبر اللنبي» بين فلسطين والأردن، وهو المعبر الوحيد الذي يمكن لأهالي الضّفة الغربيّة الخروج من خلاله إلى العالم.
بعد انتظار طويل عادةً، وبعد تفتيش مذّل وسؤال عن الحزام والساعة وحقيبة اليد، وربطة الشعر، ودبوس الحجاب، وغيرها مما خفي أو ظهر، ينتقل الفلسطيني إلى شباك الجوازات. «اقعد هناك استنى» هي الجملة التي لا يريد أن يسمعها أي فلسطيني في ذلك الموقف. هذا الانتظار يعني بالغالب ساعات طويلة، أو حتى تحقيقًا لدى المخابرات، والأسوأ أنه قد يعني منعًا من السّفر.
بيسان جابر (25 عامًا) من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، أنهت قبل ثلاث سنوات دراسة القانون، وبدأت العمل في المحاماة ومجال حقوق الإنسان. دعيت بيسان إلى أكثر من مؤتمر حقوقي خارج فلسطين، كما أنها قُبلت لدراسة الماجستير في إحدى جامعات ألمانيا، كلها فرص ضاعت من يدها بسبب منعها من السفر من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
تقول بيسان بأن عائلتها المكونة من عشرة أشخاص، ثمانية إخوة وأخوات مع الأم والأب، جميعهم ما عدا أخت واحدة منعوا في مرّات متفرقة من السّفر، وما زالوا حتى هذه اللحظة ممنوعين. لم تسافر بيسان في حياتها خارج فلسطين، وهي ممنوعة من قبل المخابرات الإسرائيلية من الحصول على تصاريح لدخول الأراضي المحتلة عام 1948.
في سخرية مؤلمة، وكما يعدد البعض سعيدًا المرات التي سافر فيها خارج وطنه، والبلاد التي زارها، تعدد بيسان المرات التي منعت هي وأفراد عائلتها فيها من السفر. كانت آخر مرة سافر فيها والدها الممنوع من السفر في ثمانينيّات القرن الماضي، وآخر مرة سافرت فيها والدتها في العام 1991. أما إخوانها وأخواتها فآخر مرة سافروا فيها كانت قبل سنوات.