في الجزائر تنبّهت مجموعة من الأطباء النفسيين إلى مخاطر هذا العيش خارج الزمن والهرب من الواقع وتعقيداته إلى الافتراض وبساطته، الذي بات اليوم يصنّف إدماناً (وإن كانت منظّمة الصحة العالميّة لم توافق على هذا التصنيف بعد). هكذا افتتحت أوّل عيادة لـ "العلاج من الإدمان على الإنترنت في العالم العربيّ وأفريقيا" في مستشفى بشير منتوري بقسنطينة التي تبعد 450 كيلومتراً عن عاصمة بلد يفوق عدد سكّانه 40 مليوناً ونسبة مستخدمي الإنترنت فيه منهم 32.8 في المئة، وفيه أكثر من 9 ملايين مشترِك على موقع فايسبوك. في العيادة يجري العلاج عبر الرياضة التي تمارس مع أشخاصٍ يعانون من المشكلة نفسها، ووصل الأمر ببعضهم حدّ البقاء أمام شاشة الكمبيوتر طوال اليوم دون تناول الأكل أو دخول الحمّام. العوارض التي يعالجها المختصون في العيادة تتراوح بين التململ والقلق وتصل إلى التّصرفات العدوانيّة عندما لا يستطيع المدمن الدخول إلى العالم الافتراضي. وقد استقبل المعالجون في العيادة أكثر من مئة شخص في حزيران/ يونيو الماضي، عندما أغلقت الحكومة مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تسريب امتحانات البكالوريا عبرها.
نسبة مستخدمي الإنترنت في الجزائر ليست مرتفعة إذا ما قورنت بالنسب في العالم (النسبة مثلاً 92 في المئة في بريطانيا و69.6 في المئة في السعودية)، والدول التي افتتحت فيها عيادات للعلاج من الإدمان على الإنترنت قليلة، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وكوريا الجنوبية التي فيها واحدة من أسرع شبكات الإنترنت في العالم، ونسبة المدمنين على الإنترنت بين مراهقيها تصل إلى 14 في المئة منهم، لكنّ هذا التنبّه الباكر إلى المشكلة فيه وعي بالحاجة إلى "استعادة الناس من الوهم إلى الواقع". وهذا مأزوم على المستويات كلها، ويبدو في الجزائر متوتراً للغاية بسبب تراجع تدابير الدولة الرعائية ــ الاتّكاليّة في الواقع ــ التي سدّت بفضل عائدات النفط والغاز في ما مضى بعض شقوق تعطل الإنتاج الفعلي الصناعي والزراعي (أي غير الريعي)، وما استجَرّه ذلك من نسب بطالة مرتفعة ومن تكدس النازحين من الأرياف في المدن كمتبطّلين. وهي أزمات فرديّة واجتماعيّة حقيقيّة، إلّا أنّ الهرب منها ليس حلّا.