كان سقراط يُرهِق محاوريه بتركهم يقولون ما يشاؤون، يسمح لهم بشرح أفكارهم والاستطراد بتوضيحها، يمنحهم وقتاً لضرب الأمثلة واستعمال الكنايات والقصص، يجعلهم يُسهبون في تبيان وجهة نظرهم حدّ الإنهاك، حدّ المبالغة، حدّ الشرح المفصّل والوضوح الزائد.
لأن الأفكار المصابة بخواء المنطق لا شيء ينقضها غير توضيحها! ولأن التعاليم الضارّة بالمجتمع ستتداعى لو انكشفت تماماً وسقطت عنها ستارة القداسة والعقلانية.
ثرثر حتى أفهمك، خذ وقتك حتى تخرج الفكرة الكاملة من رأسك، سليمة ومعافاة. لو أنني قاطعتك أو اضطهدتك أو منعتك من الكلام فستولد فكرتك مبتورة الأطراف، فيظنّ سامعوك ومريدوك أن فكرتك حقّة لكنني شوهتها لأني صادرت حرية رأيك. كما أنّ الأفكار المغلوطة قد تتشابه علينا، وتتصرف كأفكار قويمة لو أنني حبستها أو طاردتها أو اضطهدتها.
لذلك، خذ وقتك واطرح رأيك كما تحب. عندها، إذا ولدت فكرتك عرجاء فهذه مشكلتها هي، مشكلتك، خلل فيها أو فيك، ولا ذنب لي!
أحياناً، تفسد الحريات المفرطة الكثير من الآراء، لأنها آراء غير سويّة من الأساس، ولا تحتاج سوى إلى النور لتحترق في عالم الخرافات.
أما الظلام والطرد والنبذ والرقيب، فهذه تحييها وتدعمها!
منبر الحسين في العراق، ممارسة قديمة وأصيلة. خاض هذا المنبر تلك اللعبة السقراطية منذ عقود، وما يحدث في بعض نماذجه اليوم هو وقت فائض ممنوح لخطباء غير مؤهلين لتقليم أظافرهم بأنفسهم، لكنهم يمارسون مهمة الوعظ العام لمجتمع متعَب، بينما تنحسر الفرصة أمام خطباء تنويريين ومرشدين يشعرون بمسؤولية غير مسؤولية حرث الفتن وتربية الأرصدة السُحْت.
ترتبط المروية التاريخية لمقتل الحسين بالمتخيَّل. والذين لا يحسبون جرعة التخيل بدقة ويفرطون في الهلوسة العقائدية يساهمون في تدنيس هذه المروية مثل ما يفعل أي خصم لهم.
لذلك، لا شيء يقضي على أفكار هؤلاء سوى إتاحة الفرصة الكاملة لهم لقول ما يشاؤون، وكيف يشاؤون، حتى تكشف الحرية عن حفرة كبيرة في المنطق والأخلاق والضمير.
فماذا يجد المخمور بأوهامه وتحريضاته ليقوله إذا أعطيناه منبراً وجمهوراً، غير القيء الرجعي الخالص!
سيتحوّل الضحايا إلى جُناة، وسيتلفتون يمنة ويسرة، ويلمسون وجوههم ولحاهم، يطلبون المرايا، ويعاينون أنفسهم وقد تحوّلت من سوء الخلق وشتم الناس إلى "شمر" (الشَمِر بن ذي الجوشن قاتل الحسين). تحولوا في فيلم "المتحولون" الذي نعيش داخله.
لأن الأفكار المصابة بخواء المنطق لا شيء ينقضها غير توضيحها! ولأن التعاليم الضارّة بالمجتمع ستتداعى لو انكشفت تماماً وسقطت عنها ستارة القداسة والعقلانية.
ثرثر حتى أفهمك، خذ وقتك حتى تخرج الفكرة الكاملة من رأسك، سليمة ومعافاة. لو أنني قاطعتك أو اضطهدتك أو منعتك من الكلام فستولد فكرتك مبتورة الأطراف، فيظنّ سامعوك ومريدوك أن فكرتك حقّة لكنني شوهتها لأني صادرت حرية رأيك. كما أنّ الأفكار المغلوطة قد تتشابه علينا، وتتصرف كأفكار قويمة لو أنني حبستها أو طاردتها أو اضطهدتها.
لذلك، خذ وقتك واطرح رأيك كما تحب. عندها، إذا ولدت فكرتك عرجاء فهذه مشكلتها هي، مشكلتك، خلل فيها أو فيك، ولا ذنب لي!
أحياناً، تفسد الحريات المفرطة الكثير من الآراء، لأنها آراء غير سويّة من الأساس، ولا تحتاج سوى إلى النور لتحترق في عالم الخرافات.
أما الظلام والطرد والنبذ والرقيب، فهذه تحييها وتدعمها!
منبر الحسين في العراق، ممارسة قديمة وأصيلة. خاض هذا المنبر تلك اللعبة السقراطية منذ عقود، وما يحدث في بعض نماذجه اليوم هو وقت فائض ممنوح لخطباء غير مؤهلين لتقليم أظافرهم بأنفسهم، لكنهم يمارسون مهمة الوعظ العام لمجتمع متعَب، بينما تنحسر الفرصة أمام خطباء تنويريين ومرشدين يشعرون بمسؤولية غير مسؤولية حرث الفتن وتربية الأرصدة السُحْت.
ترتبط المروية التاريخية لمقتل الحسين بالمتخيَّل. والذين لا يحسبون جرعة التخيل بدقة ويفرطون في الهلوسة العقائدية يساهمون في تدنيس هذه المروية مثل ما يفعل أي خصم لهم.
لذلك، لا شيء يقضي على أفكار هؤلاء سوى إتاحة الفرصة الكاملة لهم لقول ما يشاؤون، وكيف يشاؤون، حتى تكشف الحرية عن حفرة كبيرة في المنطق والأخلاق والضمير.
فماذا يجد المخمور بأوهامه وتحريضاته ليقوله إذا أعطيناه منبراً وجمهوراً، غير القيء الرجعي الخالص!
سيتحوّل الضحايا إلى جُناة، وسيتلفتون يمنة ويسرة، ويلمسون وجوههم ولحاهم، يطلبون المرايا، ويعاينون أنفسهم وقد تحوّلت من سوء الخلق وشتم الناس إلى "شمر" (الشَمِر بن ذي الجوشن قاتل الحسين). تحولوا في فيلم "المتحولون" الذي نعيش داخله.