مستثمرون في التعليم العام
ووصف وزير التربية والتعليم المشروع الجديد، وهو الأول من نوعه، في حوار معه عقب عقده لمؤتمر صحافي بعد الإعلان بأيام قليلة بأنه "خطوة هامة في تنفيذ برنامج تطوير التعليم، وهو يتضمّن عدة مراحل. ستكون المرحلة الأولى لتأهيل المستثمرين للمشاركة فى مشروع بناء المدارس على أن يتم فتح باب التقدم بعد ذلك لبناء 200 مدرسة كمرحلة أولى تتبعها مرحلتان تاليتان خلال العام الحالي". وقال الوزير "أن الدراسة ستكون باللغات الأجنبية، ولن يُترك تحديد المصروفات الدراسية للعشوائية أو لمزاج كل مستثمر"، وإنما أعدّت الوزارة نماذج مختلفة عدة يختار بينها المستثمرون، وتمّ تحديد هامش ربحهم بنسبة حوالي من 20 إلى 30 في المئة سنوياً، "بما يحقق عائدا مُجزياً". وأضاف أن دراسة الجدوى للمشروع بيّنت أنه يمكن للمستثمر استعادة استثماراته التي دفعها عند بداية التشغيل والتجهيزات بعد 7 إلى 8 سنوات فقط. ولم يحدّد الوزير حجم المصروفات السنوية للطالب، ولكن تردّد في أروقة الوزارة أنها حوالي 6 آلاف جنيه للتلميذ سنوياً (أي ما يقرب من 850 دولاراً). ويمكن أن ترتفع عن ذلك طبقاً لموقع المدرسة. فالمصروفات في منطقة القاهرة الجديدة ستكون أعلى من منطقة الجيزة مثلاً. وقال الوزير إنه تمّت دراسة المشروع من كل الجوانب مع وزارات الاستثمار والمالية والحكم المحلي لتذليل مشكلة التراخيص، على أساس أن الأراضي "أملاك دولة". ولذلك تقرر أن يتولّى المستثمر البناء والتجهيزات، كما يتولى الإدارة وضع اللوائح والتشغيل، على أن تعود المدرسة الى الدولة بعد 40 عاماً من بدء التشغيل. وأضاف الوزير "أن الملف الذى يقع فى 300 صفحة كاملة يضع الأسس وحق الدولة والمستثمرين، وتمّ وضع حد أقصى للمستثمرين للانتفاع بأراضي الدولة بعدد 12 مدرسة حتى لا يكون هناك احتكار في المشروع لصالح أحد!".
ليست خصخصة ولكن..
ونفى وزير التعليم وجود خصخصة لما هو موجود في التعليم الآن من مؤسسات ومدارس، وإنما "هناك مشروع ورؤية جديدة نبدأ بتطبيقها الآن، وهو المشروع القومي للمشاركة مع المستثمرين لبناء مدارس اللغات. وفي الوقت نفسه ستظلّ الوزارة ملتزمة ببناء المدارس الحكومية المجانية التي تدرّس باللغة العربية، بل إنه تم هذا العام رفع موازنة بناء الفصول لتصل إلى 20 ألف فصل، وذلك كجزء من خطة طويلة الأجل لسدّ العجز في المباني المدرسيّة". وحاول الوزير أن يكون واضحاً، إلا أنّه لم يحسم بالنفي حول طرح المشروع على المستثمرين باللغة الانكليزية وهل يعني فتح باب الاستثمار للشركات والهيئات الدولية الأجنبية، وليس العربية فحسب، للدخول في سوق الاستثمار التعليمي تحت لافتة "المشروع القومي"؟ وهل المشروع (وهو جزء من خطة الحكومة الحالية) له علاقة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي الداعي دائماً لتقليص الإنفاق والاستثمارات في قطاع الخدمات.
مدارس دولية يملكها الجيش
بجانب المشروع القومي لمدارس اللغات، تمّ ولأول مرة أيضاً الإعلان عن أول مدرسة متكاملة من الحضانة حتى الثانوي يمتلكها الجيش المصري وأطلق عليها "مدارس بدر الدولية"، وهي تقوم بتدريس المناهج الأجنبية وتحديداً نظامَي التعليم الإنكليزي والأميركي. والمدرسة فتحت أبوابها لقبول الطلاب الجدد أو حتى التحويلات إليها، وتقع في منطقة السويس وعلى بعد أقل من ساعة من القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية المزمع افتتاحها في الفترة القادمة. وفي حوار مع مسؤولة الملف الإداري بالمدرسة قالت "إن المدرسة فتحت أبوابها منذ العام الماضي ولكن لم يتمّ الإعلان عن ذلك وقتها، وأن المالك الوحيد هو الجيش المصري ولكن الإدارة أُسندت إلى مدنيين. وأكدت وجود المناهج الأجنبية وأنه أيضاً سيدرّسها مدرّسين أجانب، وأن المدرسة حصلت على موافقات الجانب البريطاني الممثل بالمركز الثقافي البريطاني لتدريس المناهج الإنكليزية، لا سيما نظام "كامبريدج"، ولكنها ما زالت في الطريق للحصول على الاعتماد بالنسبة للنظام الأميركي. أما بالنسبة للمصروفات الدراسية، فإنها تبدأ من 20 ألف جنيه مصري لمرحلة رياض الأطفال وحتى 30 ألف جنيه لأعلى مرحلة بالمدرسة. أي تتراوح المصروفات بين 2500 دولار إلى 3 آلاف دولار سنوياً وذلك بخلاف مصروفات الانتقال (أتوبيس المدرسة) وهي في حدود 500 دولار سنوياً بجانب مصروفات الكتب الدراسية. إلا أنه سيتوفر حسم لأبناء القوات المسلحة وأقاربهم في حدود 25 في المئة من قيمة المصروفات السنوية، وكذلك لمن له أكثر من شقيق بالمدرسة. أما الصفحة الرسمية للمدرسة على موقعها الإلكتروني فتوجد عليها رسالة إلى أولياء الأمور تشرح أهداف المدرسة، وأنّ تأسيسها من جانب الجيش المصري هو من أجل أن تكون أفضل مدرسة تقدم تعليماً دولياً أجنبياً لأغلبية الشعب، والمدرسة تعِد بتقديم أعلى جودة تعليمية ممكنة، وذلك من خلال عدد من القيم التي ستحرص عليها المدرسة، والتي ستضم مسرحاً كبيراً ومكتبة وملاعب رياضية وحمام سباحة.. وسيتم وضع العلَمين الإنكليزي والأميركي أسفل العلم المصري في بهو المدرسة!
ويتساءل المتخصصون ليس عن مغزى استثمار الجيش في التعليم الخاص (والذي يتمّ لأوّل مرة) وإنما عن اختيار نماذج المناهج الأجنبية وليس المنهج المحلي. فهل ستكون تلك خطوة لتطوير التعليم الوطني واستيراد المناهج ونظم التعليم المتقدمة لجميع الطلاب؟