رداً على سؤال الرئيس.. نجيب فلوس منين للتعليم والصحة؟

خلينا نفكر في تساؤل الرئيس المنطقي، هل مش معانا فلوس فعلا للإنفاق على التعليم والصحة؟
2023-06-22

شارك

- خلال فعاليات المؤتمر الوطني للشباب في إسكندرية، ومن ضمن التصريحات الكثيرة للرئيس كان في كلام عن الإنفاق على التعليم والصحة والنسب الدستورية المطلوبة، وبما إننا من الناس المهتمة بالقضية دي ودايماً بنطالب بالالتزام الدستوري دا، فلازم نشوف الرئيس قال إيه ونناقشه.

- الرئيس قال نصا "الدولة دي عشان تصرف كويس، عايزة 2 تريليون دولار في السنة، معاك المبلغ ده؟ ها تعمل استحقاق دستوري إزاي للتعليم؟ مش بتقولوا كدا؟ إنتوا، إحنا، إنتوا عايزيني أضحك عليكو كلكو؟ تقول لي استحقاق دستوري للصحة، هو أنا معايا فلوس للكلام ده؟ أنا الدولة، مش أنا عبد الفتاح، الدولة المصرية معاها أموال للـ100 مليون تعمل لهم تعليم 25 مليون بني آدم في التعليم الأساسي، عايزين أكتر من 400، 500 مليار جنيه تعليم. طب إنت بتديهم كام؟ ده أنا بقول لو 10000 جنيه للفرد، للطالب يعني، إنما الطالب بيتكلم عشان تدي له تعليم زي الدول المحترمة، والدول اللي عندها القدرة، 10000 دولار، يعني عايز مني 250 مليار دولار، أجيبه منين؟ أنا أجيبه منين ولا مصر تجيبه منين؟ ونفس الكلام للصحة."

- وكمل الرئيس وقال "الأرقام المطلوبة مش موجودة يا جماعة، ولازم إحنا كلنا نبقى موجودين على أرض الواقع".

**

- في البداية لازم نشيد فعلا بالرئيس اللي اعترف في النهاية رغم كل محاولات الحكومة للتأكيد على استيفاء النسب الدستورية للتعليم والصحة من خلال التلاعبات المحاسبية في الأرقام، لكن الرئيس قرر في النهاية يقولنا أنه الأرقام المطلوبة مش موجودة ياجماعة.

- خلينا نفصل الكلام ده، بعيدا طبعا عن حسبة الـ2 تريليون دولار في السنة، واللي تساوي تقريبا 5 أضعاف الناتج المحلي المصري حاليا، وبالأساس عدد الدول اللي الناتج المحلي بتاعها فوق الـ2 تريليون دولار في العالم كله حوالي 7 دول وهما الG7 تقريبا، وبعيدا طبعا أنه الرقم ده حوالي 14 ضعف كامل الموازنة المصرية السنة دي تقريبا، واللي هي حوالي 147 مليار دولار بما فيها مخصصات الديون الكبيرة.

- خلينا نفكر في تساؤل الرئيس المنطقي، هل مش معانا فلوس فعلا للإنفاق على التعليم والصحة؟

**

محتاجين كام يعني؟

- الدستور بيقول النسبة الدستورية للإنفاق على التعليم 3٪ للتعليم الأساسي ، 2٪ للتعليم العالي، 1٪ للبحث العلمي، و3 ٪ للصحة من الناتج المحلي.

- هل دي أصلا هي المعدلات العالمية؟ لا طبعا المعدلات العالمية للإنفاق على التعليم حوالي 4 ٪ والدول المتقدمة بتنفق في حدود من 6-8 ٪، ده غير الإنفاق على البحث العلمي، وكذلك في الصحة المعدل العالمي للإنفاق حوالي 10٪ تقريبا، وبالتالي الدستور كان نصه أنه يتم زيادة النسب دي مع الوقت عشان توصل للمعدلات العالمية، وبالتالي الناس مش بتطلب المثالي ولا حاجة زي ما الرئيس قال، بالعكس إحنا أقل من المثالي بكتير.

- طيب دول كام كلهم، لو حسبنا زي الحكومة بناءً على الناتج المحلي المتوقع بتاع السنة اللي فاتت، اللي هو حوالي 10 تريليون جنيه، فإحنا محتاجين تقريبا لكل الإنفاق ده حوالي 9٪ من الناتج المحلي يعني 900 مليار تقريبا عشان نبقي أقرب للاستحقاقات الدستورية.

- الـ900 مليار جنيه دول تقريبا هيروح منهم 600 للتعليم الأساسي والجامعي والبحث العلمي، و300 للصحة.

- بننفق منهم دلوقتي حوالي 377 مليار جنيه على التعليم والصحة، يعني عندنا عجز لاستيفاء النسب الدستورية حوالي 523 مليار جنيه.

**

سؤال الـ500 مليار جنيه، نجيبهم منين؟

- هل الـ500 مليار رقم كبير، بالطبع أه، طيب هل مش معانا، الحقيقة كان ممكن يبقي معانا أكثر، إحنا السنة دي هندفع فوائد وأقساط ديون حوالي 2.3 تريليون يعني تقريبا أكثر من 4 أضعاف الرقم ده.

- لكن خلاص بلاش نفكر في الماضي، إحنا لازم ندفع الديون والفوائد، وبغض النظر عن الكلام عن جدوى الديون دي واستخدمت في إيه، وهل كانت ضرورية وأضافت إيه للاقتصاد والإنتاج في البلد.

مقالات ذات صلة

- لكن خلينا نفكر في المستقبل، بحسب الرئيس فإحنا أنفقنا حوالي 6 تريليون جنيه في الفترة من 2014 وحتى 2021 على المشروعات القومية، وبالتالي يعني في المتوسط في السنة كنا بننفق 857 مليار جنيه على المشروعات دي، كان ممكن ننفق منهم على التعليم والصحة مع العلم أنه النسب الدستورية للتعليم والصحة دي لحد 2021 كانت لا يتخطى كل الإنفاق عليها حوالي 450 مليار، وكانت فجوة الإنفاق فيهم حوالي 250 مليار جنيه مش 500 زي دلوقتي.

- الإنفاق الاستثماري داخل الموازنة بس ، واللي معظمه إتوجه للمشروعات القومية من 2017 لحد الموازنة الجديدة حوالي 1.8 تريليون جنيه، يعني في المتوسط في السنة كانت حوالي 260 مليار جنيه دي كانت كافية بالمناسبة بحسبة الناتج المحلي في السنين اللي فاتت للإنفاق على التعليم والصحة وإستيفاءهم للنسب الدستورية.

- مش بنقول نوقف كل الإنفاق الاستثماري ده، لكن على الأقل كان يمكن توجيه من 40٪ لـ 50٪ منه سنويا للإنفاق على التعليم والصحة والاستثمار فيهم، وده بالمناسبة عائده أكبر بكثير على رأس المال البشري والتنمية على المدى الطويل من الإنفاق على الطرق والكباري والعقارات.

- كان في طرق تانية للتوفير في مشروعات معينة، مثلا تكلفة المرحلة الأولى من القطار الكهربائي السريع حوالي 3.5 مليار دولار، وتكلفة المراحل الثلاثة حوالي 11 مليار دولار يعني تقريبا سنة للإنفاق على التعليم الصحة.

- مشروع زي المونوريل مثلا متوقع تكلفته تكون في حدود 30 مليون دولار لكل كيلو متر، يعني حوالي 1.6 مليار دولار لـ53 كيلو متر متوقع أو 50 مليار جنيه بسعر الصرف الحالي، دي كانت تسد 10٪ من فجوة الإنفاق علي التعليم والصحة حاليا.

- حاجات كثيرة ومشاريع كثيرة كان ممكن تتأجل شوية، ويكون للتعليم والصحة أولوية عليها، وساعتها كنا هنلاقي فلوس وكان الاستثمار في ده هو استثمار في مستقبل البلد ومشروعها التنموي الحقيقي.

- المشكلة أنه ضعف الإنفاق على التعليم والصحة مش بس أثره دلوقتي، بالعكس أثره مستمر وكل ما تأخرنا أكثر دلوقتي كل ما هنضطر ننفق أكثر لمعالجة الآثار دي في المستقبل، وكلنا شوفنا إزاي ضعف الإنفاق على التعليم في مصر في خلال الـ20 سنة اللي فاتوا ويمكن من قبل كده عمل إيه فى البلد على المستوى الاقتصادي والثقافي والاجتماعي.

- وكذلك الإنفاق على الصحة، كل جنيه بتنفقه على تطوير منظومة الرعاية الصحية دلوقتي هو جنيه زيادة في الإنتاجية وجنيه أقل في المستقبل لعلاج الأمراض المزمنة واللي تكلفتها على الاقتصاد والإنتاجية وسوق العمل كبيرة جدا.

- مشكلتنا الكبيرة إنه رأس الدولة وأجهزتها مش شايفين إن التعليم والصحة أولوية مطلقة في أي مشروع تنموي، بنسمع كلام من الحكومة واللي بيدوروا في فلكها عن إن مفيش دولة تقدمت بدون بنية تحتية قوية، ودا فعلا صحيح نسبياً، بس هل فيه دولة تقدمت بمنظومة صحية مهترئة وبنظام تعليمي عاجز عن يزق البلد لقدام ناحية التطور وتحسين معيشة الناس؟

- هنكرر تاني إنه كل ما بنتأخر وندفن راسنا في الرمل، ونذكر أرقام مبالغ فيها زي ما الرئيس بيعمل عشان يعترف بوجود المشكلة وفي نفس الوقت يصعب حلها ويخليه شبه مستحيل، عشان مجرد يدافع عن مساره الاقتصادي السيء في مقابل أي محاولة لعقلنة اللي بيحصل، هتكون النتيجة واحدة رأس مال بشري غير متعلم ولا يجد العلاج المناسب، هينتج إزاي في الطوب والأسمنت اللي بيتبنى.

- عدم الاستثمار الفوري في التعليم والصحة مشكلة بتتصدر للأجيال الجاية مش زي ما الحكومة متخيلة دلوقتي، وكل ما بنتأخر فاتورته هتزيد.

- نتمنى الحكومة ومن قبلها الرئيس يدركوا بالفعل أهمية الإنفاق والاستثمار الاجتماعي في التعليم والصحة، لأنه ده بالفعل مش رفاهية وشيء شديد الأهمية للبلد على المدى الطويل وده اللي بيعمل تقدم ونهضة اقتصادية لأنه بدون تعليم جيد وصحة جيدة مفيش قوة عمل جيدة ولا إنتاجية كويسة في الاقتصاد ولا نمو اقتصادي مستدام. 

مقالات من العالم العربي

ميلادٌ آخر بلا عيدٍ

2024-12-26

وجّه الأب "منذر إسحق" رسالة الميلاد من بيت لحم إلى العالم، قائلاً: "احتفالات الميلاد ملغاة. لا وجود لشجرة ميلاد، للأضواء، للاحتفالات في الشارع... من الصعب تصديق أننا نعيش ميلاداً آخر...