الجزر النيلية: نوافذ الفقراء على النيل إلى زوال

الجزر النيلية ظاهرة من ظواهر الإرساب النهري، تكونت عبر سنوات من ترسبات الطمي، وأراضيها خصبة لا يسهل تعويضها بعد بناء السد العالي. يبلغ عددها 144 جزيرة، بواقع 95 جزيرة على طول المجرى الرئيسي من أسوان حتى قناطر الدلتا، بمساحة حوالي 32500 فدان. كما يوجد في فرع رشيد 30 جزيرة بمساحة 3400 فدان، وفي فرع دمياط 19 جزيرة بمساحة 1250 فدانا.
2023-06-17

صفاء عاشور

باحثة وصحافية من مصر


شارك
جزيرة القرصاية حيث بدأ بعض الاثرياء في بناء منازل فخمة

"هقول تعبير صعب جداً جداً.. والله العظيم أنا لو ينفع أتباع لاتباع"، عبارة (1) صادمة قالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في بداية عام 2016، في معرض حديثه عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، خلال حفل تدشين "استراتيجية مصر للتنمية المستدامة". عبارة الرئيس تبعها بعد بضعة أشهر انخفاض قيمة الجنيه المصري لأول مرة منذ "ثورة يناير 2011" تنفيذاً لتوجيهات البنك الدولي. وهذا بات يملي شروطه نتيجة لسياسة السلطة التي تربط مصير البلاد بالقروض الممنوحة من قبله، فتضطر الحكومة من غير أدنى مقاومة إلى عرض الأصول المملوكة من الدولة للبيع، من مصانع وأراضٍ... وبذلك يتحقق كلام الرئيس عن البيع مقابل النجاة!

 أحاديث الرئيس في المناسبات العامة تبدو مرتجلة وعفوية، لكنها دائماً ما تشير إلى الاستراتيجية التي تتبعها السلطة، تلك المعلن منها أو غير المعلن، المتمثلة في تقديم توفير السيولة المادية لسداد الديون على أي شيء آخر، فلا ينسى المصريون أبداً حديث الرئيس عن ثلاجته الفارغة لمدة 10 سنوات إلا من زجاجات المياه (2)، وأنه على الرغم من وضعه المادي ذاك لم يشكُ، وكأنها كانت رسالة للصبر بالأمر المباشر على ما ستعانيه الطبقتان الفقيرة والوسطى من ارتفاع مرعب في أسعار السلع الرئيسية، وبخاصة الغذائية.

يتضمن المشهد في مصر أيضاً أجواء مشحونة ومرتبِكة تشهدها عمليات بيع الأصول المملوكة للدولة للمستثمر الأجنبي، وبخاصة من دول الخليج العربي، منذ الإعلان عن "وثيقة ملكية الدولة" منتصف العام الماضي، وذلك بسبب مناورة المستثمرين لتحقيق أعلى المكاسب بأدنى مقابل. فالمستثمر الأجنبي لن يضع أمواله في الهواء، ولن يوافق على صفقات لا تحقق أضعاف أضعاف ما سينفق. وهوالأمر الذي دفع مجلس الوزراء إلى الحديث عن حصر الأصول المملوكة للدولة والمطلة على النيل، لتعظيم الاستفادة منها وطرحها للاستثمار. سبق ذلك الإعلان عن تطوير كورنيش النيل في عدد من المواضع، إضافة إلى طرح أربعة جزر نيلية للتطوير أسوة بما حدث مع جزيرة الورّاق، والتي عانى أهلها من الإخلاء القسري، والبعد عن مصادر أرزاقهم، والجزر هي: الدهب، والقرصاية، والديسمي، والشوبك البحرية.

تقع جميع هذه الجزر ضمن نطاق إقليم القاهرة الكبرى، أو مدن العاصمة، وهي محرومة من بعض خدمات البنية التحتية وبخاصة الصرف الصحي، فيما يسكنها آلاف الأسر التي تعمل في الصيد أو الزراعة، وإن كان تعدادهم أقل من جزيرة الورّاق. هذه الأخيرة، مثّل تهجير أهلها صداعاً في رأس النظام، إذ يزيد عدد سكانها عن ستين ألف نسمة، وهم متملكون لأراضي الجزيرة منذ أجيال، إضافة إلى العامل الجغرافي إذ أنّها أكبر الجزر النيلية مساحةً في إقليم القاهرة الكبرى.

طرح النهر

الجزر المشار إليها تعد ضمن قائمة مكونة من سبع عشرة جزيرة صدر قرار رقم 1310 لسنة 2017 بإخراجها من قائمة المحميات الطبيعية، وبذلك لا ينطبق عليها القرار الوزاري رقم 1969 لسنة 1998، وترى السلطة في جميعها إمكانيات واسعة للاستثمار، بسبب إطلالتها النيلية، وأرضها الخصبة، مع قربها من جميع مراكز العاصمة الحيوية، وسهولة النقل والمواصلات، وهي في النهاية جزر يسكنها فقراء يسهل استبعادهم لصالح المستثمرين الطامحين.

تبدو أحاديث الرئيس في المناسبات العامة مرتجلة وعفوية، لكنها دائماً ما تشير إلى الاستراتيجية التي تتبعها السلطة، ذاك المعلن منها أو غير المعلن، وهي تتمثل في تغليب توفير السيولة المادية لسداد الديون على أي شيء آخر.

الجزر النيلية ظاهرة من ظواهر الإرساب النهري، والتي تكونت عبر سنوات من ترسبات الطمي، وأراضيها خصبة لا يسهل تعويضها بعد بناء السد العالي. يبلغ عددها 144 جزيرة (3)، بواقع 95 جزيرة على طول المجرى الرئيسي من أسوان حتى قناطر الدلتا، بمساحة حوالي 32500 فدان. كما يوجد في فرع رشيد 30 جزيرة بمساحة 3400 فدان، وفي فرع دمياط 19 جزيرة بمساحة 1250 فدانا.

وعقب ثورة يناير 2011 أصدرت الهيئة العامة للتخطيط العمراني دراسة (4) مشتركة مع "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي"، و"برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية" حول رؤية تطوير القاهرة الكبرى. تضمنت الدراسة الإشارة إلى ضرورة الاهتمام بتنمية المساحات الخضراء في الجزر النيلية، لجعلها رئة للعاصمة المجهَدة من التلوث. لكن صور مخطط تطوير جزيرة الورّاق الأخير خالف ذلك كثيراً. كشف المخطط جنوحَ السلطة نحو استغلال أراضي الجزيرة لصالح البناء الفاخر والترفيه، على حساب المناطق الزراعية والتشجير.

والمطامع في الجزر النيلية لا تنتهي، فكانت جزيرة القرصاية -إحدى الجزر الخمس التي أعلن تطويرها - من أوائل الجزر التي لفتت انتباه المستثمرين، وحاولت جهات حكومية نزع ملكيتها أكثر من مرة، بداية من عام 2001، عقب صدور قرار مجلس الوزراء رقم 452 للعام نفسه بنزع ملكية أراضي جزيرتي الذهب والورّاق، واعتبارها ضمن المنفعة العامة. وعلى الرغم من عدم ورود ذكر جزيرة القرصاية ضمن القرار، إلا أن الأهالي انتبهوا مبكراً لخطورة الأمر وللمطامع.

وخلال عام 2007 أصدرت محافظة الجيزة ورئاسة مجلس الوزراء أمراً لأهالي الجزيرة بإخلائها، وبالفعل بدأت قوات من الجيش والشرطة محاولات لطرد الأهالي، الأمر الذي تسبب فى مواجهات أدت لوقوع ضحايا وتحويل عدد من ساكني الجزيرة إلى محاكمات عسكرية ومدنية. خلال عام 2008 قضت محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار بطرد أهالي جزيرة القرصاية من أراضيهم (5)، وتقنين أوضاعهم. وفي عام 2010 قضت المحكمة الإدارية العليا (6) برئاسة المستشار محمد الحسيني، رئيس مجلس الدولة، برفض طعن الحكومة ضد الحكم السابق، وأيدت أحقية الأهالي في جزيرتهم.

لكن تجددت المواجهة بين الأهالي والدولة ممثلة بمؤسسة الجيش خلال عامي 2012 و2013، ما أدى إلى مقتل شاب (7)  من أهل الجزيرة، وإصابة عدد آخر من الأهالي، ومثول 25 آخرين أمام المحكمة العسكرية (8). انتصر القضاء مرة أخرى للأهالي، إذ جاء تقرير هيئة مفوضي الدولة الصادر بتاريخ 21 آب/ أغسطس 2013 ليوصي وزارة الدفاع بسحب أفراد القوات المسلحة وفرقها المتواجدة على أرض الجزيرة.

يتضمن المشهد في مصر أجواء مشحونة ومرتبِكة تشهدها عمليات بيع الأصول المملوكة للدولة للمستثمر الأجنبي، وبخاصة من دول الخليج العربي، منذ الإعلان عن "وثيقة ملكية الدولة" منتصف العام الماضي، وذلك بسبب مناورة المستثمرين لتحقيق أعلى المكاسب بأدنى مقابل. 

أُدرجت الجزيرة أيضاً ضمن مشروعات تطوير محافظة الجيزة 2030-2050 بهدف إقامة سلسلة من المشروعات الترفيهية والخدمية والثقافية إلى جانب إقامة عدد من المراسي النيلية وطرح مراكز تجارية على المسطحات الممتدة على ضفاف النيل، بحجم استثمارات متوقع بملياري جنيه.

جنة الفقراء

الحقيقة، أن زيارة واحدة لتلك الجزيرة تجعلك تتفهم أسباب الأطماع المستمرة فيها. فجزيرة القرصاية أو بين البحرين - كما يطلق عليها أهلها - تتمتع بمشاهد خلابة في وسط النيل بالقرب من منطقة البحر الأعظم، وتتخذ شكل قوس حده المستقيم موازٍ لكورنيش الجيزة. لا تتوافر بيانات دقيقة حول عدد سكانها، وإن كانت الأرقام لا تتعدى بضعة آلاف. ومنذ عام 1902 برزت الجزيرة كأرض للزراعة الموسمية، إذ كانت تختفي خلال موسم الفيضان وحتى بناء السد العالي عام 1964. وقتها أصبحت الجزيرة ظاهرة في جميع أيام السنة، وبدأ استيطانها.

وسيلة الوصول إلى الجزيرة هي معدِّية صدئة متهالكة، أو مركب صيد صغير، وهو الأمر الذي يتكرر مع كافة الجزر النهرية، وكأن هناك نية متعمَدة من الجهات المسؤولة لتغييب الرقابة على المعدّيات الأهلية أو لتوفير بدائل، على الرغم مما يمثله ذلك من خطورة على حياة السكان، إضافة إلى الحوادث التي يتعرضون لها عند عبور شارع البحر الأعظم، بسبب عدم وجود كوبري للمشاة أيضاً.

العبور إلى الجزيرة يكشف الغرباء! فالجميع يعرفون بعضهم البعض، بينما يغشى الصمت والقلق وجوه السكان البسطاء، فهم يخشون مصير سكان جزيرة الوراق، خاصة أن الجزيرة تخضع لنفوذ الجيش في مواضع منها، وهي على ذلك محرومة من الخدمات التعليمية، وتعاني من مشكلات القمامة وارتفاع منسوب المياه الجوفية، خاصة خلال فصل الصيف.

أشار مجلس الوزراء إلى حصر الأصول المملوكة للدولة والمطلة على النيل، لتعظيم الاستفادة منها وطرحها للاستثمار. سبق ذلك، الإعلان عن تطوير كورنيش النيل في عدد من المواضع، إضافة إلى طرح أربع جزر نيلية للتطوير أسوة بما حدث مع جزيرة الورّاق، والتي عانى أهلها من الإخلاء القسري، والبعد عن مصادر أرزاقهم، والجزر هي: الدهب، والقرصاية، والديسمي، والشوبك البحرية. 

رائحة السمك المشوي والطمي المخلوط بالمزروعات تملأ الأنف والروح، مع أجواء بسيطة يدلل عليها النمط العمراني الريفي المبعثر في الجزيرة، وإضاءة ساطعة نهاراً تمتزج بلمعة مياه النيل العظيم تحت لهيب شمس صيف أيار/ مايو المبكر، بينما يخيم الهدوء والسكينة ليلاً.

الأجواء اللطيفة في الجزيرة يشوبها طفح المياه المبتذلة، المنتشر نتيجة لعدم توافر صرف صحي على الرغم من مطالبات الأهالي. والرد لدى السلطة حاضر دائماً، وهو ارتفاع تكلفة مد أنابيب الصرف للجزر النيلية، خاصة الثلاثة الكبار، وهي جزيرة الوراق والدهب والقرصاية. علماً أنّ مشكلة الصرف في نهر النيل هي الحجة نفسها التي لجأت إليها السلطات لتهجير سكان جزيرة الورّاق وطردهم.

تهجير قسري

جزيرة القرصاية تشكِّل مجتمعاً مغلقاً. أغلب سكانها من المزارعين والصيادين، يعيشون بشكل دائم على ما تجنيه شباكهم من رزق النيل. تتعدد المحاصيل المزروعة على الجزيرة وبخاصة زراعة البونيكام، الذي يدخل ضمن الأعلاف، كبديل عن مثيله المستورد مرتفع الثمن.

اعتاد سكان القرصاية – على الرغم من بساطة حياتهم - على السكن بقرب مراكز حضرية بمحافظة الجيزة حيث تتوافر الخدمات الصحية والإدارية ومدارس أولادهم، وتهجيرهم سيبدل من أنماط حياتهم بشكل جذري، ويعزلهم عن مصدر رزقهم، في حالة نقلهم إلى أحد المساكن البديلة بحي الأسمرات أو غيرها.

أما إعادة توطين السكان في الجزيرة نفسها بعد تطويرها فلن تتاح للجميع، وهو ما حدث مع سكان منطقة "مثلث ماسبيرو"، إذ لم تتسم فرص إعادتهم إلى المنطقة عقب تطويرها بالعدالة المرجوة. التعويضات التي دفعتها الدولة لأهالي مثلث ماسبيرو لا تزيد عن 60 ألف جنيه للغرفة الواحدة، واشترطت لتملك منازل المنطقة بعد تطويرها دفع أقساط شهرية تبدأ من ألف أو ألف وخمسئمة جنيه، وهو مبلغ ربما يبدو زهيداً، لكن لم يستطع سكان المنطقة من أصحاب المعاشات، والأرامل، وأصحاب الدخل غير الثابت الالتزام به، مما تسبب في إبعاد آلاف الأهالي عن مسكنهم المتميز بوسط العاصمة. كأن الدولة هنا تتعامل بمنطق مقاول الهدم والبناء، وكان الأولى منح أهالي المنطقة شققا مجانية ليس فقط مقابل منازلهم، ولكن مقابل قيمة الأرض أيضاً وموقعها المتميز في قلب القاهرة.

في التاريخ المصري الحديث، مثالٌ صارخ غير موفق لعملية تهجير وإخلاء قامت بها الحكومة المصرية، يجب التعلم منها وعدم تكرارها، وهو تهجير النوبيين المصريين من قراهم إبان بناء السد العالي إلى منطقة الاستصلاح الزراعي بمنطقة كومبو بالقرب من محافظة أسوان. كان من الشاقّ حينها على الرجل النوبي التحول من فلاحٍ وفقاً لمواسم الزراعة التي يوفّرها فيض نهر النيل، إلى مستصلح أراضٍ زراعية، الأمر الذي أورث الأجيال المتلاحقة استياء ومرارة، وذلك على الرغم من أن النقل وقتها جرى فعلاً للمصلحة العامة لإتمام عملية بناء السد الذي كان ضرورياً لحماية مصر من الفيضانات والجفاف.

الجزر المشار إليها تقع ضمن قائمة مكونة من سبع عشرة جزيرة صدر قرار رقم 1310 لسنة 2017 بإخراجها من قائمة المحميات الطبيعية.

كان الأوَلى منح أهالي تلك المناطق شققا مجانية ليس فقط مقابل منازلهم، ولكن مقابل قيمة الأرض أيضاً وموقعها المتميز في قلب القاهرة. 

الآن لا يوجد ضرورة ملحة لنقل ساكني الجزر النيلية سوى محاولة السلطة تعظيم مواردها على حساب حياة البسطاء، خاصة أن الوعود بتحسين أوضاع سكان تلك الجزر كانت تنهال عقب "ثورة يناير". هذا بالإضافة إلى أن إزالة المساكن في مناطق أخرى بسبب العشوائية أو بناء الكباري وإعادة تخطيط الطرق وحتى هدم الجبّانات تم من غير حوار مجتمعي فعال، أو تعويضات مناسبة تعادل القيمة السوقية للموقع والموضع وليس فقط للمنازل. في المقابل يتبدل بسرعة جنونية وجه العاصمة العجوز التي تُكبِّلها المشكلات العمرانية منذ عقود، دون طرح خطط التطوير بشكل مسبق، ومناقشتها بشكل علني وفعال، وبمشاركة كافة أطياف المجتمع، للتخفيف من آثار الغضب المستعر داخل الصدور، وكأن لا أحد يتعلم من دروس الماضي.

وحلوان والأقصر وسوهاج كذلك

من ضمن الجزر التي من المقرر تطويرها أيضاً، جزيرة حلوان البلد. وهي تقع قرب ثلاثة مصانع تمت تصفيتها خلال الفترة الماضية، وهي مصنع اسمنت حلوان، ومصنع الحديد والصلب، ومصنع الكوك، وثلاثتها قريبة من النيل، فيما يمتلك مصنع الحديد ميناءً نهرياً. وهناك تكهنات بإمكانية إقامة مناطق ترفيهية على المساحات الشاسعة التي كانت تحتلها تلك المصانع، لتفقد مدينة حلوان بذلك سنوات من تاريخ العرَق والتصنيع.

... وهناك الممشى الغامض الذي بني مؤخراً فى منتصف النيل بالقرب من جزيرة الزمالك، وهو ممشى يشوِّه المشهد العام، ويحتاج تبريراً من قبل الجهة المنفذة حول عدم تعارضه مع قوانين البيئة الضامنة لسلامة الملاحة في نهر النيل.

وبجانب الجزر السابق ذكرها، صدر قرار إضافي من مجلس الوزراء حمل رقم 828 لسنة 2019 يقضي بخروج جزيرة البياضية التابعة لمحافظة الأقصر من ضمن المحميات الطبيعية أيضاً، وهي الجزيرة التي شهدت واقعة فساد كان أبطالها عدد من رجال نظام مبارك السابق في القضية الجنائية رقم 11826 لسنة 2011. بيعت حينها الجزيرة التي تعد من أملاك الدولة إلى رجل الأعمال الراحل حسين سالم بأقل من قيمتها السوقية بسبعمئة مليون جنيه مصري، قبل أن يتم التصالح مع الدولة عام 2014. وإضافة إلى ذلك يزيد الحديث حول ضرورة الاستثمار في الجزر النيلية، ومن ضمنها جزر محافظة سوهاج وعددها 21 جزيرة، تلك المحافظة التي ترتفع فيها نسب الفقر والتسرب من التعليم، حتى أن وزارة التضامن أصدرت عام 2019 قائمة بمئة قرية تقع تحت خط الفقر، كان نصيب سوهاج منها 62 قرية. والمحافظة مع ذلك تتمتع بإطلالة لا مثيل لها على نهر النيل.

بالطبع تمثل الجزر النيلية بديلاً للبناء والاستثمار على ضفتي النيل، بعد أن تكدست التعديات والمباني الحكومية والفنادق والقصور من الدلتا إلى الصعيد. كل هذا لا يمنع أيضاً من الإشارة إلى الممشى الغامض الذي تم بناؤه مؤخراً فى منتصف النيل بالقرب من جزيرة الزمالك، وهو ممشى يشوه المشهد العام، ويحتاج تبريراً من قبل الجهة المنفذة حول عدم تعارضه مع قوانين البيئة الضامنة لسلامة الملاحة في نهر النيل.

يقولون أن عمليات التطوير والتنمية تصاحبها ضحايا لصالح صورة أشمل تنهض بالدولة، لكن لماذا يدفع الفقراء دائماً الثمن؟ ولماذا يُحرَمون من مساكنهم ومصادر رزقهم ويُكتب عليهم البدء من جديد وفقاً لتعليمات حكومية، ومَن بإمكانه الحكم على كفاءة خطط التطوير تلك وما تتضمنه من هدم وتفكيك، وعن مدى قدرتها على تلبية تحديات المستقبل؟ 

______________________

1- https://2u.pw/D2N5VR كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي بتاريخ: 24-2-2016
2- https://2u.pw/pUIIln كلمة للرئيس المصري بتاريخ: 25-10-2016    
3- https://2u.pw/xKaY41 محميات جزر نهر النيل، الهيئة العامة للاستعلامات، 2022
4- دراسة إقليم القاهرة الكبرى إستراتيجية التنمية العمرانية https://2u.pw/DsAyZb
5- دعوى قضائية رقم 782 لسنة 62 قضائيا.
6- تأييد حكم بطلان قرار إخلاء جزيرة القرصاية وتهجير سكانها، دعوى رقم 5730، لسنة 55 قضائيا.   
7- https://2u.pw/xaovp4 القرصاية: نموذج مصغر لنضال المواطن، بيانا حقوقيا مشتركا، القاهرة.
8- أمر إحالة 26 مدنيا للمحاكمة العسكرية في قضية جزيرة القرصاية https://manshurat.org/node/67360 

مقالات من مصر

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.

في مصر يمكنك فقط الاختيار بين سجن صغير وآخر أكبر

إيمان عوف 2024-12-09

تحوّل القانون رقم (73) لسنة 2021، الذي يتيح فصل الموظفين المتعاطين للمخدرات، إلى أداة لملاحقة العمال والنشطاء النقابيين العماليين، والنشطاء السياسيين والصحافيين. وعلى الرغم من اعتراض النقابات والجهات الحقوقية على...

للكاتب نفسه