تنويصور

هذه هي المرّة الأولى التي يُجري فيها عدنان المتنوّر تحليلاً لأمعائه. حمل كيس الأدوية وخرج وهو يردّد مواعيد الأدوية، حتى إنه قال لسائق التاكسي الذي استوقفه وسأله عن وجهته: ثلاث مرات بعد الأكل.
وضع رجله في السيارة ووقعت صورة الأشعة وتزحلق فوقها. كتاب جان جاك روسو ("في العقد الاجتماعي") الذي يرافقه إذا خرج مثل ملاك حارس.
لم يفتح كتابه ولم يحصِ "الطسات" (المطبات) في الشارع، فعدنان مصاب بمتلازمة الإحصاء القسري، لأنه يجد نفسه مضطراً لإحصاء الطسات والحفر وأكوام النفايات.
بل، وخلافاً لعادته المرَضية تلك، بسط صورة الأشعّة في حجره وظل يدقق فيها. ثمّ رفعها إلى الشمس وتتبع تفاصيلها وتعرّف لأول مرة على ذلك النفق المرعب في جوفه.
أمعاء عدنان متنورة على طريقته، متسامحة وحنونة ورؤومة ومتعاطفة وعقلانية وكريمة وساجدة وشوقية وابتهال
2016-08-11

مرتضى كزار

رسّام وسينمائي من العراق


شارك

هذه هي المرّة الأولى التي يُجري فيها عدنان المتنوّر تحليلاً لأمعائه. حمل كيس الأدوية وخرج وهو يردّد مواعيد الأدوية، حتى إنه قال لسائق التاكسي الذي استوقفه وسأله عن وجهته: ثلاث مرات بعد الأكل.
وضع رجله في السيارة ووقعت صورة الأشعة وتزحلق فوقها. كتاب جان جاك روسو ("في العقد الاجتماعي") الذي يرافقه إذا خرج مثل ملاك حارس.
لم يفتح كتابه ولم يحصِ "الطسات" (المطبات) في الشارع، فعدنان مصاب بمتلازمة الإحصاء القسري، لأنه يجد نفسه مضطراً لإحصاء الطسات والحفر وأكوام النفايات.
بل، وخلافاً لعادته المرَضية تلك، بسط صورة الأشعّة في حجره وظل يدقق فيها. ثمّ رفعها إلى الشمس وتتبع تفاصيلها وتعرّف لأول مرة على ذلك النفق المرعب في جوفه.
أمعاء عدنان متنورة على طريقته، متسامحة وحنونة ورؤومة ومتعاطفة وعقلانية وكريمة وساجدة وشوقية وابتهال.
بينما الطسّة الأخيرة في الشارع ترفعهم وتخفضهم كموجة عاتية، صرخ عدنان المتنور: في بطني فراشة.
وضع الأشعة أمام عيني السائق وأشار له نحو الفراشة.. فراشة.. هذه أجنحتها وهذا شنبها وهذا.. هذا ذيلها، كلّا هذا لا شيء، لكنها فراشة، ألا ترى؟
حاول السائق قراءة أي تميمة فائضة في رأسه لدرء شرور هذه الظهرية الملعونة والاعتصام بالسكوت والتصبّر على ركّاب مخابيل مثل عدنان المتنور وأترابه.
وبلا جدوى أرغمه عدنان على الجواب فصرخ وهو يغذّ السير: لا، لا، لا، ليست فراشة. هذا ديناصور. ديناصور واضح وضوح الشمس.
وأصر السائق على رأيه وحلف له بكل الأيمان والأسماء التي يعرفها.
لكن عدنان طلب منه أن يتوقف، أنزلني هنا، لا أريد أن أذهب إلى بيتي.
أخذ يسأل الناس ويحاول إقناعهم أن في بطنه فراشة، وكانوا مثل السائق يحلفون له بأنه ديناصور.
نسي عدنان ذاكرته في كتاب روسو الذي تركه في السيارة، وعاش ما تبقى له من الحياة يحاور الفراشة ويحترم وجودها السرطاني في بطنه.
يتحمل الألم والمرارة والنار التي تستعر في أمعائه وتتسلل إلى أوردته وشرايينه. تطور الأمر فيما بعد، وأخذ يبرهن للناس بأنه الناطق الرسمي باسم الفراشة الوادعة


وسوم: العدد 203

للكاتب نفسه

فسحة العيش في كرتونة

مرتضى كزار 2016-12-07

.. أما الناس الذين لا يعرفون اسمه فيسمّونه "أبو كرتونة". يظهر وحده مرتدياً الكرتونة على ظهره مثلما قوقعة الحلزون. كنزة رمادية عليها رسمة رجل آلي بمجسّات طويلة. هذا ما يستره...

في كل يوم ومنذ 41 عاماً!

مرتضى كزار 2016-12-01

ينتصب في قلب العاصمة بغداد تمثال شهريار و "قصخونته" شهرزاد، نديمته وراوية حكاياته. إنه واحد من أجمل تماثيل النحّات الراحل محمد غني حكمت. في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة...

نزيف الكتب

مرتضى كزار 2016-11-16

صحيح أنّ الكتاب سلعة أيضاً، تباع وتشترى ويروج لها، تخزن وتقتنى وتعرض وتفسد وتتجدد، لكن الاتجار بالكتب لا يشبه الاتجار بأي شيء آخر. أسواق الكتب في المدن العراقية، كالمتنبي ببغداد...