«لم أزر غزة يوماً. لا أعرف شوارعها ولا البيوت ولا الأزقة التي يمشي فيها أصدقائي هُناك. لكن ما بينها وبين مدينتي عكّا ذات البحر، مجرد صور يشاركها الأصدقاء عبر الفايسبوك، أو في فيلم قصير صورته مجموعة من هواة السينما، أو حين تنجح صديقة أن تدخل المدينة المحاصرة للعمل على فيلم وثائقي يروي حكايتها. كأن غزة تعيش في «محرك غوغل للبحث»، أو يضيء اسمها حين تكون تحت القصف لتصبح «تريند» في موقع «تويتر»...
خلال أيام العدوان الفاشي الأخير على غزة، خرجت حافلات من القاهرة إليها. الحافلات تحتضن ما يقارب 500 شاب وصبية قرروا أن يكسروا حصارها بطريقتهم الخاصة، ويقضون ليلة واحدة تحت القصف. يتحدثون مع الناس ويزورون الجرحى ويزغردون مع أمهات الشهداء. هذا الحُلم الذي يجتاح معظمنا: أن يأتي أصدقاؤنا العرب إلى فلسطين، أن ألوّح لهم بمنديل أحمر عند ميناء عكّا وهم قادمون على مراكب من تونس والإسكندرية وبيروت.
كم هو عبثي هذا المشهد. أصدقاء مصريون يصلون إلى مدينة فلسطينية لا يمكن لي ولآخرين في فلسطين الوصول إليها. لا نعرفها حتى. لا نعرف غزة. لا نعرف هذه المدينة الجميلة. لا نعرف كيف يكون شكل مدينة فلسطينية وصلها 500 مصري يهتفون في شوارعها للحرية..».
من مدونة «زغرودة» الفلسطينية