إلغاء شهادة البكالوريا المصرية!

عقب غضب وتظاهرات طلاب البكالوريا المصرية اعتراضاً على ما حدث في امتحانات هذا العام من تسريب لأغلب الأسئلة ومن غش، وغيرها من الأزمات التي شهدتها أعمال الامتحانات، حتى وصل الأمر إلى إلغاء بعض المواد أو تأجيلها حتى تتمكن "جهات سيادية" بالدولة من تولي مسؤولية الامتحان وطباعة الأسئلة، طبقا لتصريحات وزير التعليم الذي يطالب الطلاب بإقالته
2016-07-31

إيمان رسلان

صحافية من مصر مختصة بالتعليم


شارك
رياض نعمة - العراق

عقب غضب وتظاهرات طلاب البكالوريا المصرية اعتراضاً على ما حدث في امتحانات هذا العام من تسريب لأغلب الأسئلة ومن غش، وغيرها من الأزمات التي شهدتها أعمال الامتحانات، حتى وصل الأمر إلى إلغاء بعض المواد أو تأجيلها حتى تتمكن "جهات سيادية" بالدولة من تولي مسؤولية الامتحان وطباعة الأسئلة، طبقا لتصريحات وزير التعليم الذي يطالب الطلاب بإقالته. أعلن الرئيس السيسي أنه يقترح دراسة وضع نظام جديد للتعليم لا تكون به مشاكل شهادة ثانوية عامة (البكالوريا). وأضاف أن المجلس الرئاسي التخصصي للتعليم سيجتمع فى أوائل أيلول/ سبتمبر القادم لوضع النظام التعليمي الجديد، وأن يبدأ العمل به اعتباراً من العام القادم.

نظام تعليم موازٍ

ونظراً للمفاجأة في إعلان خبر وجود نظام جديد للتعليم سيطبق بدءاً من العام القادم، تحدث د. طارق شوقي، رئيس المجلس الرئاسي التخصصي للتعليم الذي تم تشكيله قبل عامين، شارحاً ما قاله الرئيس السيسي ومفسراً: "نظام البكالوريا سيمر بمرحلتين، المرحلة الأولى وهي حل سريع ستتخذه الحكومة لمنع التسريب كي لا يتكرر ما حدث هذا العام. وسيتغير النظام بالكامل من حيث وضع الأسئلة والأجوبة، بحيث لا يتم استخدام المطابع والأوراق وغيرها من الطرق الكلاسيكية، التي تخلق فرصاً أكبر للتسريب، ولكن استخدام التكنولوجيا استخداما أفضل". وأضاف "لكن نظراً لأزمات التعليم التي جسدتها أزمة شهادة البكالوريا، فكرنا بالمرحلة الثانية، وهي التي تحدث عنها الرئيس السيسي. وتتمثل هذه بوضع نظام جديد تماماً يحل مكان النظام الحالي، من الصف الأول الابتدائي وحتى الثانوية العامة، أي نحتاج إلى 13 عاماً حتى نرى نتائج النظام الجديد المقترح، لأننا سنبدأ مع الصف الأول الابتدائي، وفي العام التالي الصف الثاني الابتدائي، وهكذا.. حتى نصل إلى نهاية المرحلة". ووصف النظام الجديد بأنّه سيكون إعادة صياغة كاملة للتعليم المصري بحيث يتم تقييم الطالب على مدار 10 سنوات، أي بدءاً من الصف الثالث الابتدائي وحتى نهاية المرحلة الثانوية، وذلك من خلال نظام النقاط في سنوات الدراسة. وبناء على هذه النقاط وجمعها، ستتحدد الكلية التي يلتحق بها الطالب. وأن النظام الجديد سينفذ في جميع الاتجاهات في آن واحد: تدريب المعلمين ورفع مستواهم الاجتماعي والأكاديمي، وتعديل النظام الاقتصادي للتعليم وما ينفق عليه من أموال! بجانب أن النظام الجديد سيجمع بين الأدبي والعلمي ولن يكون هناك فصل حاد في المواد الدراسية، لأنه سيعتمد على التحليل والابتكار والتفكير العلمي. وهكذا سيتم استبدال النظام القديم بالجديد، وهذا "لن يتم فوراً، بل سيسير النظام الجديد والقديم معاً لفترة حتى يتم إلغاء القديم (...) والنظام الجديد لا يمكن تطبيقه على طلاب المراحل الدراسية الحالية لأنه سيظلمهم، ولكن يمكن تحسين النظام القديم وتطويره".

تضارب وغياب الشفافية

وبسؤال وزير التربية والتعليم عن تفاصيل النظام التعليمي الجديد، وكيف سيطبق، ومصير منظومة التعليم الحالية.. قال: "بالفعل يوجد الآن اتجاه لتطبيق نظام جديد للتعليم، ولكن عصبه هو تطوير المناهج جذرياً. حتى الآن لم يحدث اتفاق على هذه المناهج أو مضمونها، ونحن في انتظار آراء المؤسسات الدولية مثل اليونيسكو، حتى نتخذ القرار في حسم اختيار المناهج الجديدة، والتي ستطبق على الطلاب الجدد بالصف الأول الابتدائي". ونفى علمه بنظام النقاط لدخول الجامعة، وإلغاء الامتحانات في شهادة البكالوريا. وأضاف أن مجلس الوزراء سيناقش مشروعاً لتطوير الثانوية تقدمت به الوزارة.
أما لجنة التعليم بمجلس النواب، والتي من المفترض طبقاً لجدول أعمالها أن تفتح نقاشاً حول تطوير التعليم في الشهور القادمة، فقد صرح عدد من أعضائها أنهم لا يعرفون شيئا عن النظام الجديد، ولم تعرض عليهم أية مقترحات خاصة، وأن تغيير نظام التعليم سيتبعه تغيير قانون التعليم، وهو يستلزم موافقة المجلس. وكانت لجنة التعليم قد تحفظت على استقبال وزير التعليم عقب تسريب أغلب مواد الامتحانات وعادت واستقبلته بعد تظاهرات طلاب البكالوريا التي طالبت بإقالته.
منذ لحظة إطلاق هذه التصريحات، والتضارب الشديد في المعلومات، أصيب أساتذة الجامعات (وخاصة أساتذة التربية) بحالة من الاندهاش نظرا لأنهم تفاجأوا بالإعلان عن المشروع الجديد الذى سيطبق من العام القادم، كما وصفه البعض "بتطوير الغرف المغلقة"، وهي سابقة جديدة تحدث لأول مرة في مجال التعليم لأن تطويراً بهذا الحجم الضخم يتم من دون الاستعانة بأهل الاختصاص الأكاديمي أو أصحاب الخبرات الميدانية. بل لا يُعرف من هم الذين شاركوا في وضع تصورات النظام الجديد المقترح. الشفافية غائبة تماما.
أما الرئيسة السابقة لمشروع التعليم الثانوي فقد فقالت: "هناك جهود ضخمة تمّت في هذا الشأن واستمرت سنوات، منها دراسة رسمية أجرتها وزارة التربية والتعليم بتمويل كامل من البنك الدولي حول تطوير المرحلة الثانوية، لا سيما أن هذه المرحلة تحديداً لم تشهد تطويراً منذ عقود طويلة. وتمّ خلال هذه الدراسة عقد لجان استماع لكلّ فئات الشعب وأولياء الأمور والطلاب، بجانب أهل الاختصاص من التربويين والمفكرين، استمرت عامين كاملين. ولكن آفة التعليم المصري أنه لا أحد يبني على جهود السابقين، وأن قضايا التعليم أصبحت مرتبطة بأسماء وشخصيات الوزراء والمسؤولين، خاصة أن مشروع تطوير المرحلة الثانوية بأكملها، ومنها شهادة البكالوريا، كان إلى حد كبير مكتملاً وتمّ الاتفاق فيه على وحدة المناهج الأساسية لمرحلة الثانوي بين طلاب التعليم العام والفني، وأن يكون التقييم على ثلاث سنوات. ولكن لم نسمع أبداً عن نظام النقاط لدخول الجامعة، وأن يبدأ تقييم الطالب من الصف الثالث الابتدائي، أي من مرحلة الطفولة حتى الثانوي. وهذا على عكس ما يقال سيزيد الصراع وينقله إلى مراحل أخرى. من المفترض أن تكون المرحلة للتعلم فقط، لا لجمع النقاط مثل دوري كرة القدم"!
من جانبها، قالت د. ملك زعلوك، أستاذة التربية وأحد أعضاء الفريق الرئاسي الاستشاري "من المنتظر أن يتم بحث هذا المشروع خلال المرحلة القادمة. ولكن فكرة تقييم الطالب، أي الامتحان في نهاية المرحلة من أساسيات العلوم التربوية وموجود في كل العالم. والاختلاف فقط في طرق التقييم. للأسف نحن في مصر نأخذ لقطة واحدة للطالب في امتحان لمدة ساعتين، يتقرر بعدها مصيره. ولذلك فالأفضل هو امتحان وتقييم الطالب عدة مرات في المرحلة الثانوية، مثلما هو موجود في الشهادات الدولية، الإنكليزية والفرنسية والأميركية، وليس إلغاء التقييم والامتحان نهائياً". ولكن الأهم وقبل كل شيء، كما تقول هو "طرح هذه الأفكار للحوار المجتمعي الواسع ضمانة لنجاحها، وليس التعتيم عليها لأنه في النهاية هناك أجيال كاملة لمدة 12 عاماً، هم الطلاب والمعلمون الآن في المدارس، لن يستفيدوا من هذا التطوير، ولن يستفيد منه إلّا طلّاب الصف الاول الابتدائي في العام القادم، وهم لن يتخرجوا من الثانوي إلا في عام 2030"!

مقالات من مصر

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.

في مصر يمكنك فقط الاختيار بين سجن صغير وآخر أكبر

إيمان عوف 2024-12-09

تحوّل القانون رقم (73) لسنة 2021، الذي يتيح فصل الموظفين المتعاطين للمخدرات، إلى أداة لملاحقة العمال والنشطاء النقابيين العماليين، والنشطاء السياسيين والصحافيين. وعلى الرغم من اعتراض النقابات والجهات الحقوقية على...

للكاتب نفسه

مصر: المندوب السامي التعليمي؟

مدراء مشروع "المعلمون أولاً" الذي ترعاه وزارة التربية ويهدف الى تطوير وتدريب مليون ونصف معلم مصري.. كلهم أجانب: لم يُعرَف للمشروعات  التعليمية بمصر مدير أجنبي إلاّ فى عهد الاحتلال الانجليزي.

المعلمون في مصر: الحرامية الشرفاء

وزير التعليم وصف المعلمين بالحرامية، ما أثار ضجة كبيرة غطى عليها ارتفاع رسوم التسجيل في المدارس الرسمية بنسبة 50 في المئة وقلق المعلمين على وظائفهم بعدما اعتبرهم الوزير فائضون عن...

فقراؤك يا وطن

قصة مريم وعبد الراضي، الشابان الآتيان من عائلات موغلة في الفقر، واللذان حصلا على مجموع تام في شهادة البكالوريا هذا العام، وسؤال مصيرهما لولا وجود مجانية التعليم التي يُسعى لإلغائها...