أخذتُ قلمي إلى الحي الصناعي، ساعدت الحمّالين في رفعه إلى الشاحنة. استعنّا بشاحنة قاطرة ومقطورة من تلك التي تنقل البضائع من الميناء.
لا يمكن لأي وسيلة شحن ونقل أخرى أن تستوعب حجم قلمي. محيط قلمي أوسع قليلاً من بالوعة. وطوله عشرة أمتار ونصف المتر، وقد يزيد شبراً أو ينقص.
قلمي ومنذ سنتين زبون دائم في الحي الصناعي، يعاني من أعْطال ومشكلات فنية، والصنايعية هناك يبذلون جهداً ليستعيد عافيته. وكالعادة، قبل أن نصل إلى ورشة التصليح، ينشغل العمال بتنظيفه في الطريق وهو يئن على صهوة الشاحنة، يحكون ويقشطون ويشطفون دواخله. وجدوا هذه المرة جيفة كلبة يابسة وعدداً معتبراً من القطط الميتة. أخرجوا من قلمي جمعاً غفيراً من الجنادب والجرذان والصراصير.
كما يبدو، قلمي كان مقراً لجمعيات ومنظمات القوارض.
هذه المرة اكتست أمعاء قلمي بطبقة ثخينة من العرق المالح، عرق جبيني أو عرق جبين شخص آخر، لا أدري. سمعنا في الطريق تشكيلة جديدة من الشتائم لأن قلمي ينفث رائحة كريهة عمّت الأحياء والأسواق والسكك.
بعد إنزاله في رحبة السمكري، نام تحته عشرة من أمهر الأساتذة، اسمع طرطشة كلامهم: صارحوه يا جماعة، قولوا له الحقيقة وارحموه.
أتجاهل كلماتهم نصف المنطوقة وأنشغل بالدعاء لقلمي.
قلتُ لهم يا أخوان يا سمكرية يا كهربائية يا فيترية (مصلحو الدواليب) يا أهل الرحم والمفهومية، ما علّة قلمي، لماذا يصدر صوتاً يشبه صوت فقمة زعلانة وهو يكتب؟
ما الذي ينقصه، ما الذي يريده؟ لقد وفروا له كل شيء، كل ما يطلب ويشتهي، لم يقصّر معه أهل السماحة والرياسة والوزارة أعزهم الله، ما الذي ينقصه، ها؟ ما الذي ينقصه؟
"ذرة حياء".
قالوا جميعاً: "ذرة حياء". كنّا نخاف على مشاعرك، لأن ذرات الحياء الأصلية غالية، سنركب لك واحدة مغشوشة مثل كل مرة، لكنك ستعود إلينا في الأسبوع القادم.
بيتونة
وأنت تأخذ قلمك إلى الكهربائي
أخذتُ قلمي إلى الحي الصناعي، ساعدت الحمّالين في رفعه إلى الشاحنة. استعنّا بشاحنة قاطرة ومقطورة من تلك التي تنقل البضائع من الميناء.
لا يمكن لأي وسيلة شحن ونقل أخرى أن تستوعب حجم قلمي. محيط قلمي أوسع قليلاً من بالوعة. وطوله عشرة أمتار ونصف المتر، وقد يزيد شبراً أو ينقص.
للكاتب نفسه
فسحة العيش في كرتونة
مرتضى كزار 2016-12-07
.. أما الناس الذين لا يعرفون اسمه فيسمّونه "أبو كرتونة". يظهر وحده مرتدياً الكرتونة على ظهره مثلما قوقعة الحلزون. كنزة رمادية عليها رسمة رجل آلي بمجسّات طويلة. هذا ما يستره...
في كل يوم ومنذ 41 عاماً!
مرتضى كزار 2016-12-01
ينتصب في قلب العاصمة بغداد تمثال شهريار و "قصخونته" شهرزاد، نديمته وراوية حكاياته. إنه واحد من أجمل تماثيل النحّات الراحل محمد غني حكمت. في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة...
نزيف الكتب
مرتضى كزار 2016-11-16
صحيح أنّ الكتاب سلعة أيضاً، تباع وتشترى ويروج لها، تخزن وتقتنى وتعرض وتفسد وتتجدد، لكن الاتجار بالكتب لا يشبه الاتجار بأي شيء آخر. أسواق الكتب في المدن العراقية، كالمتنبي ببغداد...