فلان الفلاني

أعتذر قبل كلّ شيء عن ذكر اسمي، سمّني فلان الفلاني، وفلان الفلاني هو أنا أينما ذُكر في هذه القصة.
اسمعني، كنتُ أخرج يومياً ساعة الغروب، لمّا يذوب قرص الشمس في عصير السطوح والبلكونات وحبال الغسيل.
اطلع وأقف في ركن الشارع. هذا ما أفعله يومياً، أقف وأردّ السلام على المارّة وأحدِّث نفسي. تطور الموضوع قليلاً دون أن يصبح جالباً للنظر، صرت أحدّث نفسي بصوت عال، أتخانق معها وألوّح بيدي.
2016-07-21

مرتضى كزار

رسّام وسينمائي من العراق


شارك
أعتذر قبل كلّ شيء عن ذكر اسمي، سمّني فلان الفلاني، وفلان الفلاني هو أنا أينما ذُكر في هذه القصة.
اسمعني، كنتُ أخرج يومياً ساعة الغروب، لمّا يذوب قرص الشمس في عصير السطوح والبلكونات وحبال الغسيل.
اطلع وأقف في ركن الشارع. هذا ما أفعله يومياً، أقف وأردّ السلام على المارّة وأحدِّث نفسي. تطور الموضوع قليلاً دون أن يصبح جالباً للنظر، صرت أحدّث نفسي بصوت عال، أتخانق معها وألوّح بيدي.
لم يلاحظ الناس هذه الحالة لكني تداركتُ وضعي واستعدتُ وقاري.
يبدو أن الناس يتعاطفون معي، هذا لأنهم يحبونني لدرجة التغاضي عن وجودي، يحبونني حد انعدام الرؤية!
أمّا ما الذي أصاب صِبْية حيّنا الذين لا يفوتهم فوت طريدة جاهزة مثل هذه، فلا أدري. كيف تسامحوا مع منظري المضحك وأنا أحدّث نفسي؟ كيف؟
تطوّر الأمر، تطوّر. والناس يصفحون عني ولا يركزون عليّ.
البارحة وأنا أقف موقفي عند ناصية الشارع، توقف باص أبيض وسألني عن بيت فلان الفلاني، ضحكتُ وأشرت للسائق نحو بيتنا.
لكنه لم يسمعني. لأنه يسأل رجلًا آخر.
بعد ربع ساعة توقفت سيارة أخرى، معبأة بنسوان أكاد أعرف بعضهن، وسألوا عن بيت فلان الفلاني. لم أجب لأن شخصاً آخر أجابهم غيري.
الجميع يسأل عن فلان الفلاني في ذلك اليوم، عن بيته وأقصر الطرق إليه، يسألون وهم يتباكون وينشجون.
قررتُ أن أسال مثلهم عني، عن فلان الفلاني، لم يصغِ أحدٌ إلى سؤالي، كأنهم يتعمدون ذلك هذه المرّة. قدّم شابان ملثمان وعلّقا يافطة شهيد اسمه فلان الفلاني، وفي سطرها الأخير الوصف الكامل لعنوان بيتنا.
هذا الأمر ساعد السائلين كثيراً، لم يعد هناك من يسألني عن بيت فلان وهو ينحب.
الأمور اختلفت، تكاثرت اليافطات السود فوق يافطتي في الأيام التالية. اختفيتُ تماماً. ظهر "فلانيّون" غيري ينهمك الناس بالسؤال عنهم ويزورون أهلهم ويغفلون عنهم فيما بعد، يتحولون إلى يافطة.
حيّنا هو حي الفلانييّن الشباب، لماذا لا يطلقون عليه هذا الاسم؟ لا أحد يسمع.
 

وسوم: العدد 200

للكاتب نفسه

فسحة العيش في كرتونة

مرتضى كزار 2016-12-07

.. أما الناس الذين لا يعرفون اسمه فيسمّونه "أبو كرتونة". يظهر وحده مرتدياً الكرتونة على ظهره مثلما قوقعة الحلزون. كنزة رمادية عليها رسمة رجل آلي بمجسّات طويلة. هذا ما يستره...

في كل يوم ومنذ 41 عاماً!

مرتضى كزار 2016-12-01

ينتصب في قلب العاصمة بغداد تمثال شهريار و "قصخونته" شهرزاد، نديمته وراوية حكاياته. إنه واحد من أجمل تماثيل النحّات الراحل محمد غني حكمت. في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة...

نزيف الكتب

مرتضى كزار 2016-11-16

صحيح أنّ الكتاب سلعة أيضاً، تباع وتشترى ويروج لها، تخزن وتقتنى وتعرض وتفسد وتتجدد، لكن الاتجار بالكتب لا يشبه الاتجار بأي شيء آخر. أسواق الكتب في المدن العراقية، كالمتنبي ببغداد...