رمضان في القدس: اختبار نذالة الاحتلال

مرحبا بكم في دولة "أحد أسعد شعوب العالم"! كم هو سهل أن تعمّ الكيان المحتلّ السعادة عندما يكون متأكداً من كونه غير خاضع لأية معايير قانونية أو إنسانية.
2023-04-06

شارك
حاجز قلنديا - الآلاف من النساء والرجال ينتظرون للعبور إلى القدس- تصوير ضياء حوشية
إعداد وتحرير: صباح جلّول

يطالعك في الصحف وفي النشرات أن الكيان المسمى إسرائيل حلّ في المرتبة الرابعة في لائحة أسعد بلدان العالم. وأغلب الظن أنك قبل الخبر وبعده بدقائق ستجد خبراً آخر عن جريمة رهيبة أخرى ارتكبتها قوات الاحتلال أو المستوطنون في إحدى بقاع فلسطين، تمرّ دونما محاسبة أو إدانة أو استفظاع حتى من قبل دول العالم.

الأسبوع الفائت فقط، في منتصف ليل 31 آذار / مارس 2023، أطلقوا النار وقتلوا الشاب محمد العصيبي (26 عاماً) عند باب السلسلة المفضي إلى المسجد الأقصى. كان الشهيد طالب طبّ يستعد لتقديم امتحاناته النهائية في رومانيا، يزور بلده لتمديد تأشيرته وصودف أنه أحب زيارة الأقصى في شهر رمضان، حيث قررت شرطة الاحتلال قطع حبل حياته برصاصات إعدامٍ ميداني حاولوا التنصل منه بادعاء أنه كان "يحاول أخذ بارودة جندي إسرائيلي!". أنهوا ببرودة حياة شاب كان أمل والديه – الأم المربية في روضة الأطفال والأب المقْعد - اللذين شقيا لضمان حصول ولدهما على فرصة في الحياة. لكن إسرائيل ارتأت غير ذلك.. مرحبا بكم في دولة أحد أسعد شعوب العالم! كم هو سهل أن تعمّ الكيان المحتلّ السعادة عندما يكون متأكداً من كونه غير خاضع لأية معايير قانونية أو إنسانية.

أما الآن، وكما في كل عام، فشهر رمضان ذو خصوصية فريدة بالنسبة للفلسطينيين، هو عيدٌ ممتدٌ على شهر من الزمن، وهو صلاة التراويح بعد الإفطار في حرم المسجد الأقصى لمن استطاع إليه سبيلاً. هو تقليد سنوي يعني الكثير للفلسطينيين الذين لا يوفرون طريقة للوصول إلى الأقصى للاعتكاف فيه في أقدس ليالي السنة بالنسبة لكثر. مشهد آلاف المصلين كل عام يتعدى الرمزية الدينية له، وتفهمه دولة الاحتلال بما يريد لها المصلون أن تفهمه: كدليل على تمسك الفلسطينيين بمساحاتهم في القدس رغم أنف الاحتلال - أنها لهم هم - وكبرهان على استعدادهم لتخطي عشرات العقبات في طريقهم إليها، من حواجز إسرائيلية وتفتيش وجدار فصل عنصري وعرقلة متعمَّدة وتهديدات المستوطنين وخنق الشرطة والجيش لأماكن العبادة والأسواق في القدس. صار التعنّت الإسرائيلي سبباً لإصرار أكبر على عدم هجر المكان. يتسلق الشبان الجدار كأنهم يفتحون باباً بالمفتاح.. ممارسةٌ اعتادوها للمرور من أرضهم إلى أرضهم، من غرفة في بيتهم إلى غرفة أخرى، حتى صارت من "تقاليد" الشهر الفضيل. في اعتلائهم الحائط صائمين للوصول إلى حيث يفطرون شيء من السحر، كأن طقوسهم مرهونة بالزمن من طلوع الشمس إلى غروبها، وبالمكان أيضاً: من خلف الجدار إلى حرم الأقصى. هو رابط يصعب على الجيش المستعمِر فهمه وفكه.

وهكذا يأتي الشهر الفضيل فيتوقع الفلسطينيون تلقائياً المزيد من عنف الاحتلال – ونذالته... منذ أيام، مساء 4 نيسان / أبريل 2023، دعا المستوطنون إلى اقتحام المسجد الأقصى الذي رابَط فيه آلاف المصلين والمصليات بعد صلاة التراويح، فما كان من قوات الاحتلال إلا أن كسرت الأبواب والنوافذ وانفلتت مسعورة على المعتكفين في الأقصى منهالة عليهم ضرباً واعتداء، فأصيب أكثر من 240 شخصاً، اثنان منهم في حالة حرجة، واعتقل المئات من النساء والرجال والأطفال أيضاً.

مشاهد من داخل المسجد الأقصى بعد اقتحام قوات الاحتلال المصلى وضربهم المصلين بطريقة وحشية

مساجد القدس تدعو الأهالي إلى نجدة المرابطين في الأقصى بعد عرقلة الاحتلال لوصول سيارات الإسعاف إلى المصابين

لا يتورّع الجنود في هذا الموسم المبارك، بل تزداد شهوتهم للدم، كما عندما قصفوا غزّة في وقت الإفطار في 2019، وكما عندما حاولوا تطهير حي الشيخ جراح من أهله في رمضان 2021 وحتى اليوم، وكما عندما قتلوا محمد العصيبي الأسبوع الفائت...

قد لا يتوقف الاحتلال عن شدّ الخناق، لكن الأكيد أيضاً أن أصحاب البيت لن تُلوى ذراعهم فيتركوه، فها هُم هنا عاماً بعد عام.. 

مقالات من العالم العربي

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.

فلسطين في أربع جداريات دائمة في "المتحف الفلسطيني"

2024-12-19

"جاءت انتفاضة الحجارة في 8 كانون الاول/ديسمبر 1987، وجلبت معها فلسفة الاعتماد على الذات، وبدأ الناس يزرعون أرضهم ويشترون من المنتوجات المحليّة، ويحتجّون على الاحتلال بأساليب ومواد وأدوات محليّة. وشعرت...