فلنتفق من البداية بأن لا دلائل كافية تثبت وجود السيدة الطاهرة صاحبة الكرامات، سعيدة. البرهان الوحيد على وجودها هو تلك الأشعار التي كانت تتناقلها النساء في هور السعادة، وهذا هور صغير في الجزء الغربي من نقطة التقاء الفرات بطريدته دجلة.
من المعلوم أيضاً أن لا أحد زار قبر المسعدة السعيدة وطلب منها مراده إلا النساء، وإذا توخينا الدقة، إلا الشابات الصغيرات دون سن العشرين.
تقول طرواهن (74 سنة): حينما تمرضت بالعشق في صباي كنت أقصد السعيدة المسعدة كل ليلة خميس، في تلك الأيام كنتُ ألوج وأبكي على زعل هواي، متظاهرة بأن ضرسي يؤلمني، أشوف المسعدة تطلع غفلة بالسما، تحلّق وهي تسوق قاربها وتغني مع سرب من الجواميس الطائرة.
تجوب المسعدة فضاء الهور في الليل بحثاً عن العاشقات المعذبات، تتسلل إلى حجرة العاشقة وتقلع ضرسها فتجعلها تبكي لسبب معلوم بدلاً من البكاء بلا سبب.
يومئذ، كان قلّاعو الضروس والمطهرجية والحلاقون من الرجال يفتعلون المشكلات مع النساء لأنهن في غنى دائم عن خدماتهم.
لا يفهم أولاد طرواهن وأحفادها كل ما تقوله لأنها فقدت كل أسنانها يوم كانت شابة. ومع أسنانها الضائعة ضاعت القصص الحقيقية وأصبحت كل الكلمات نيّة وغير مطبوخة بـ "الحسجة" (اللهجة المحلية لأهل الجنوب).
طرواهن تضحك كثيراً، تكركر محتفظة بوقارها ولا تُتهم بالسفاهة وقلة العقل. لأنها تخلصت من ضروسها وعشقت بما فيه الكفاية، وشفيت من العشق لتصبح سعيدة مدى الحياة. ساعدتها المسعدة أم الجِمس الطايرة وقلاّعة الضروس على تخطي أزماتها السريّة، ولعلهم يسمونها السعيدة المسعدة لأنها تمنح السعادة لضحاياها بعد أن تمر عليهم وهم يؤلفون الأبوذيات (أشعار) الوجودية.
بعدما نشف هذا الهور في أواخر القرن الماضي، لم نكن نعثر على المحار في شقوق التربة المتيبسة مثل ما يحدث في كل الأهوار المجففة، كنّا نعثر على جسيمات كلسية تشبه الأسنان.
من المعلوم أيضاً أن لا أحد زار قبر المسعدة السعيدة وطلب منها مراده إلا النساء، وإذا توخينا الدقة، إلا الشابات الصغيرات دون سن العشرين.
تقول طرواهن (74 سنة): حينما تمرضت بالعشق في صباي كنت أقصد السعيدة المسعدة كل ليلة خميس، في تلك الأيام كنتُ ألوج وأبكي على زعل هواي، متظاهرة بأن ضرسي يؤلمني، أشوف المسعدة تطلع غفلة بالسما، تحلّق وهي تسوق قاربها وتغني مع سرب من الجواميس الطائرة.
تجوب المسعدة فضاء الهور في الليل بحثاً عن العاشقات المعذبات، تتسلل إلى حجرة العاشقة وتقلع ضرسها فتجعلها تبكي لسبب معلوم بدلاً من البكاء بلا سبب.
يومئذ، كان قلّاعو الضروس والمطهرجية والحلاقون من الرجال يفتعلون المشكلات مع النساء لأنهن في غنى دائم عن خدماتهم.
لا يفهم أولاد طرواهن وأحفادها كل ما تقوله لأنها فقدت كل أسنانها يوم كانت شابة. ومع أسنانها الضائعة ضاعت القصص الحقيقية وأصبحت كل الكلمات نيّة وغير مطبوخة بـ "الحسجة" (اللهجة المحلية لأهل الجنوب).
طرواهن تضحك كثيراً، تكركر محتفظة بوقارها ولا تُتهم بالسفاهة وقلة العقل. لأنها تخلصت من ضروسها وعشقت بما فيه الكفاية، وشفيت من العشق لتصبح سعيدة مدى الحياة. ساعدتها المسعدة أم الجِمس الطايرة وقلاّعة الضروس على تخطي أزماتها السريّة، ولعلهم يسمونها السعيدة المسعدة لأنها تمنح السعادة لضحاياها بعد أن تمر عليهم وهم يؤلفون الأبوذيات (أشعار) الوجودية.
بعدما نشف هذا الهور في أواخر القرن الماضي، لم نكن نعثر على المحار في شقوق التربة المتيبسة مثل ما يحدث في كل الأهوار المجففة، كنّا نعثر على جسيمات كلسية تشبه الأسنان.