تحيّة للأمهات المهاجِرات..

الفنان البرازيلي الشاب نفسه ابنٌ لأم مهاجِرة يَعتبر أنها سبب في نجاحه، فصارت صورة والدة اللاعب المغربي أشرف حكيمي صورة لوالدته أيضاً ولكلّ أم مكافحة، بالأخص أولئك اللاتي وجدنَ أنفسهنّ في بلاد غريبة فاضطررن للأخذ بيد أطفالهنّ فوق حواجز إضافية لضمان العبور بهم نحو مستقبل يتمنونه لهم.
2022-12-22

شارك
جدارية "الأمهات المهاجرات". حرف ال"S" في آخر كلمات madres migrantes مكتوب "ي" بالعربية.

"تفعل الأمهات كل شيء من أجل أطفالهن، قد يهربن من سوء معاملة شركائهم، وقد يهربن من بلد إلى آخر، ويعملن ضعف ما يعمل الآخرون، يستقين القوة من حيث تنعدم أي قوة ليفعلن لعائلاتهنّ ما لن يجدن الطاقة لفعله لأنفسهنّ!..."

هذا ما كتبه الفنان البرازيلي الشاب دييغو أوهيدا مارينيو (المعروف بـ nadiemedicearte) على صفحته على إنستغرام، مذيّلاً صورة لجداريته الأحدث بعنوان "الأمهات المهاجِرات" في حي "إل رافال" في برشلونة (إسبانيا). تُظهِر الجدارية - المصنوعة عبر إلصاق صور مكبّرة – القبلة التي طبعتها والدة لاعب المنتخب المغربي في كأس العالم، أشرف حكيمي، على خدّه بعد فوز المنتخب المغربي على المنتخب البلجيكي متأهلاً للدور الثاني في المونديال. وخلال ساعات، صارت الجدارية مقصداً للناس عموماً والمغاربة المقيمين في المدينة خصوصاً، لالتقاط الصور أمامها بفخر.

الفنان البرازيلي مع صورة عن جداريته (عن صفحته على انستغرام)

أراد مارينيو، المختص بفنون الشارع والجداريات الملصَقة، التعبير عن تأثره العميق بصور لاعبي المنتخب المغربي مع أمهاتهم بعد المباريات، وجلّهم أبناء عائلات مهاجرة قاست كل صنوف الشقاء والتعب حتى وصل أبناؤها إلى تلك اللحظة الملهِمة في كأس العالم.

الفنان نفسه ابنٌ لأم مهاجِرة يعتبر أنها سبب في نجاحه، فصارت صورة والدة حكيمي صورة لوالدته أيضاً ولكلّ أم مكافحة، بالأخص أولئك اللاتي وجدنَ أنفسهنّ في بلاد غريبة فاضطررن للأخذ بيد أطفالهنّ فوق حواجز إضافية لضمان العبور بهم نحو مستقبل يتمنونه لهم. وليس في الأمر سعيٌ لإضفاء صبغة رومنسية "جميلة" على الشقاء، ولكنه اعتراف صغير بمحورية دور هؤلاء الأمهات في حياة عائلاتهنّ.

وكان لاعب فريق باريس سان جرمان أشرف حكيمي قد ذكر في إحدى المقابلات صعوبات المراحل الأولى لهجرتهم إلى إسبانيا، قائلاً "كان والدي بائعا متجولاً، يتكبد يومياً متاعب العمل مشياً على الأقدام من أجل توفير لقمة العيش لأسرتنا. ووالدتي لم تلزم البيت، بل كانت تشتغل في تنظيف المنازل لدى الأسر الإسبانية لحمل التكاليف اليومية لأسرتنا الصغيرة".

قصّتهم في الواقع ليست غريبة عن مئات الآلاف من أفراد العائلات المكافِحة، مهاجِرة كانت أم لا، وربما لهذا السبب وجدنا أنفسنا متورطين عاطفياً مع الصور الجميلة للاعبي المنتخب المغربي، قِبلهم المتبادلة مع أمهاتهم وعائلاتهم، رقصهم في الملعب، والفخر بمنجزهم بالوصول إلى نصف نهائي كأس العالم لأول مرة، وتشجيعهم بحماس أينما كنا في بلدان المنطقة. لأنهم أولاد بلادنا؟ لأنهم عرب وأمازيغ؟ لأنهم يرفعون علم فلسطين؟ لكلّ ذلك، ولكن لأنهم أيضاً يشبهون معظم عائلاتنا المتعبة ويمثّلون طموحاتنا بكسر حلقات الخيبة والخسارات المتتالية، ويعطوننا شيئاً من الأمل بما هو ممكن لأولاد هذه البلاد.

وبذلك يحقّ لأمهاتهم الفخر ويحق لهنّ التكريم.  

مقالات من العالم العربي

بغداد وأشباحٌ أخرى

نبيل صالح 2024-12-01

عُدتُ إلى بغداد ولم أعد. تركتُ قُبلةً على قبر أُمي ورحلتُ. ما حدث ويحدث لبغداد بعد الغزو الذي قادته جيوش الولايات المتحدة الأمريكية، هو انتقامٌ من الأسلاف والتاريخ معاً.

لبنان مجدداً وغزة في القلب منه

... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...