ب، صيف 2007.
كان صباحاً ندياً. يمرّ النسيم وكأنهُ يسلم بمودة على الجميع. لا ذباب في الجو لتهشه عن لقمتك، ولا نار الشمس التي تضرب رأسك بحزمة حرارة تذيب كل أفكارك وأحلامك فيه. لا شيء هنا سوى جمال الصباح وصوت الحياة كما يجب. كنتُ أقضم فطيرتي بالزعتر والجبنة وأنسى أن أمضغها في محاولة مني لاستيعاب السلام في داخلي. وأنا أنظر إلى العربات والمارة أمامي وأدرك كم أن وجه الحياة جميلٌ بدون حرب. صخب الألوان حولي شوّش عليَّ بقائي في مكان جلوسي حيث جسدي. كنتُ أطيرُ مع كل صوت يصلني من بائع متجول، تاجر يهمُّ بفتح باب تجارته أو بنات صغيرات كنّ يتوجهنَّ نحو المخبز وأخذ مكانهن في الصف لشراء الفطائر. موظفات متوجهات إلى مقر عملهن بكامل أناقتهن وعطرهن الثقيل. سواق حافلات و"سرفيس" صغيرة يتحركون في كل الاتجاهات. عجائز وكبار في السن يشقّون غبش صباحاتهم نحو مقهى آمن. إنها الحياة بكل طاقتها كانت تتحرك أمامي على الرصيف والشوارع والأبنية التي لم أدخلها.. الحياة التي نسيتُ وجهها في لحظة ما وأنا غارقة في عتمة الفقد والحرب في وجه نينوى وجسد العراق..
من صفحة Manal Al-Sheikh (شاعرة عراقية)، (عن فايسبوك)