لا عتب على كلام الذين يمارسون جلد الذات في مقالاتهم عن مجتمعنا المنهار (...) الذين يلومون الأفراد لضعف الأخلاق، فالمظاهر واضحة والانحطاط مرتسم على وجوه الفاسدين. والنصائح تأتي بالالتزام بالتعاليم الدينية وبالتقاليد والشرف والأخلاق والثقافة (...). لكنها صفات تبقى محصورة في سلوكيات الأفراد وطرق تفكيرهم وليس في أسباب هيكلية... وليس الانتباه الزائد للأسباب الأخلاقية والفردية محصور في العراق والعراقيين فقد انتشرت في وسائل الإعلام حكاية ذات صلة، والسرد كان حول خبير اقتصادي في دولة أفريقية كثر فيها الفساد، أشار على حكومتها أن ترفع مستوى الدخل للأجهزة الأمنية والموظفين المرتشين بحيث لا تكون حاجة الأفراد للمال هي الدافع والذريعة لقبول الرشوة، وكانت المفاجئة أن المرتشين لم يتوقفوا عن تلقي رشاويهم بعد زيادة رواتبهم بل أصبحوا يطالبون بمبالغ أكبر..
العربي الذي عاش جل حياته في محيط فاسد لا يستمر فساده حين يغادر إلى بلد الهجرة، ولا ينشئ أبناءه في المهجر على الفساد.. وبالعكس، فالأميركي أو الأوروبي حين يحل بيننا قد نجده وقد تحول إلى سارق ومرتشٍ وكذاب، والسبب بسيط وواضح: لا يوجد حساب ولا قضاء، وإن وجد فسوف يطبق في الخارج في بلد الأجنبي الأصلي وليس في العراق.. العامل الأهم في سلوكيات الأفراد هو في فعالية مؤسسات الدولة، أي في هيكل المجتمع الذي يعيشون فيه.
من مدونة "فيصل قدري" العراق