لم يعرفا

كانا يُمضيان ساعات على الهاتف الأرضي، يتحدثان ويضحكان ويتذكران أيام "البلاد"، في التسعين من عمريهما، صديقان وجاران في أيام "البلاد" وصديقان وجاران في ما بعد البلاد (أي المخيم). بعد أيام البلاد، كلاهما أصيب بسرطان العظام، أحفاد الأول بالاتفاق مع أحفاد الثاني اتفقا على خطة لتجنيبهما رعب اقتراب النهاية: الأول يعرف أن الثاني مصاب بالسرطان
2016-05-13

شارك

كانا يُمضيان ساعات على الهاتف الأرضي، يتحدثان ويضحكان ويتذكران أيام "البلاد"، في التسعين من عمريهما، صديقان وجاران في أيام "البلاد" وصديقان وجاران في ما بعد البلاد (أي المخيم). بعد أيام البلاد، كلاهما أصيب بسرطان العظام، أحفاد الأول بالاتفاق مع أحفاد الثاني اتفقا على خطة لتجنيبهما رعب اقتراب النهاية: الأول يعرف أن الثاني مصاب بالسرطان، والثاني يعرف أن الأول مصاب به، كلاهما يعرفان أنهما معاً مصابان فقط بالتهابات في العظام، يتحدثان عن التهابات ما قبل المخيم، فيتفقان أن مجرد الحياة هناك كانت أفضل لقاح ضد الالتهاب ويضحكان. "يا أخي شو هالصدفة أنه أنا وأنت ننصاب بالتهاب بالعظام؟" يقول أحدهما للآخر، ثم فجأة يصمتان، ثم فجأة مرة أخرى، يتحدث كلاهما للآخر بمرح وهو مشفق عليه سراً لأنه سيموت قبله.
بعد أن يغلقا الهاتف، كان الأول يقول لأحفاده: "مسكين السرطان نهش عظامه وهو بيفكره التهاب". وكان الثاني يكرر الجملة نفسها عن صاحبه.
بعد ستة أشهر توقف رنين الهاتفَين، فقد مات الأول..
عاش الثاني ستة أشهر أخرى، مات بعدها، دفن الثاني قرب الأول تماماً. فيما بعد، استلم أحفاد الأول والثاني فاتورتَي هاتفَي الجدَّين...

من صفحة زياد خداش (عن فايسبوك)


وسوم: العدد 188