فلسطين نجمة المونديال!

2022-11-24

شارك
من شوارع العاصمة القطرية الدوحة

انطلق مونديال 2022 الذي تستضيفه قطر في دورته الحالية يوم الأحد في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، وسط نقاشات عالمية متعددة وعلامات استفهام كبرى حول انتهاكات حقوق العمال في بناء المدرجات والمنشآت التابعة من جهة، وحول منع الخمور و"أعلام المثليين" من الملاعب، مقابل جدل يتعلّق بـ"نفاق دول الغرب" في الصمت عن انتهاكات دول معينة في حين تشجب انتهاكات قطر. الأكيد أنّ الحدث يمثّل فرصة سياسية لتبييض الصفحات أمام العالم - أو تلطيخها - ولإحراز "أهداف" خارج الملاعب كذلك.

ووسط كل النقاشات، ثمة جمهور متلهّف لحدث يجمع أعداداً هائلة من البشر حوله، للاستمتاع باللعبة الأكثر شعبية في العالم: كرة القدم. وهذه المرة، كانت الفرصة أكبر لمزيد من المشجعين العرب بالحضور شخصياً إلى دورة تتمثل فيها 4 من منتخباتهم الوطنية: قطر والسعودية وتونس والمغرب.

علم فلسطين يُرفع خلف مراسل محطة البث الإسرائيلي

وفيما يحضُر هؤلاء لتشجيع أبناء بلدهم، يدور مراسل هيئة البث الإسرائيلية "كان" بين المشجعين العرب في الدوحة كمن يبحث محموماً عن ورقة يانصيب رابحة بين الجموع. يكرّر بلا يأس الـ"أهلاً" والـ"سلام" و"يا أخي"، بصوت يملؤه الحماس والحذر، فلا يلقى إلّا الصمت والوجوم أو الهزء والاستنكار فور سماع الآخرينَ النبأ: "من إسرائيل"!

"أنت من إسرائيل؟ ما في إسرائيل! اسمها فلسطين،" يقول له أحد المشجعين اللبنانيين الذي ابعتد خطوات عن المراسل فور معرفته هوية المحطة. أحد المواطنين القطريين كان يشتري شماغاً في أحد أسواق الدوحة عندما باغته المذيع الإسرائيلي. بعد أن لاحظ إشاحة المواطن بوجهه عنه، سأله المذيع "محطة إسرائيلية، وهل هناك من مشكلة؟"، ليرد عليه المواطن "نعم، في الواقع لا أريد التكلم". وفي تفاعلٍ آخر، صرخ مصري بمذياع المحطة الإسرائيلية حين مدّ إليه: Viva Palestina (تحيا فلسطين)! سعوديون أيضاً أبدوا ردود فعل رافضة للتفاعل مع المحطة، ومثلهم مواطنون من جنسيات متنوعة، فيما تحوّلت خلفية مراسل القناة 13 الإسرائيلية إلى مظاهرة مرتَجلة داعمة لفلسطين، حيث جمع المشجعون بعضهم مع بضعة أعلام فلسطينية وبدأوا بالهتاف.

لقطات من ردود فعل مشجعين من جنسيات عربية مختلفة على محاولة القناة الإسرائيلية الحديث معهم

وسط هذا المشهد، استغربت بعض وسائل الإعلام العالمية التناقض الحاصل، بين تطبيع رحلات السفر - على سبيل المثال – بين تل أبيب والدوحة من جهة، مع تواجد ما يقدر بـ 10 إلى 20 ألف مشجع إسرائيلي قادم لحضور مباريات كأس العالم في قطر، وبين الرفض الجماهيري العربي للقبول بهذا المستوى من التطبيع. ولكن الإجابة ببساطة تكمن في هذا السؤال الساخر: ومنذ متى يستمع حكّامنا إلى آراء شعوبهم؟ فـ"التناقض" المرصود ليس إلا انعكاساً لحقيقة أن ما هو "طبيعي" من علاقات بين الأنظمة والاحتلال – حتى وإن لم يكن على مستوى الاعتراف الرسمي بدولة إسرائيل - ما زال "غير طبيعي" مطلقاً في صفوف الشعوب، من أي بلد عربي أتوا.

هذا الخيط من الأمل والوفاء لفلسطين.. لعلّه أحد آخر المشاعر الحقيقية والحيّة التي ما زالت تربط بين أبناء هذه المنطقة التي تشظّت فرقاً وعصبيات، المنكوبة طولاً وعرضاً (حتى وإن كانت بعض بلدانها تتباهى بالأموال الطائلة). بل إن فلسطين خيط يجمع ما هو أبعد من أطر "العروبة" و"الإسلام" وغيرها من التحديدات التي تفترض قرابةً ما كشرطٍ للتضامن. ففي كرة القدم تحديداً، لطالما رفع جمهور فريق سلتيك الاسكتلندي – على سبيل المثال، وهناك سواه في العالم - أعلام فلسطين عالياً بشكل منظّم، حتى غطى بها كل مدرجاته، على الرغم من التهديدات المتوالية من "الاتحاد الأوروبي لكرة القدم" بمنعه وتغريمه مبالغ مالية بذريعة "إقحام السياسة في الرياضة".

جماهير سلتيك الاسكتلندي (AFP)

بهذه الروحية أيضاً حضر مشجّعو منتخب تونس يوم الثلاثاء الماضي إلى مباراتهم مع الدنمارك، مجهّزين إلى جانب أعلامهم أعلام فلسطين!

هكذا صارت فلسطين نجم المونديال بمعايير الجماهير المُحبّة، دون أن يكون لها فريق أو مباريات أو أهداف أو كأس.

مقالات من العالم العربي

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.

فلسطين في أربع جداريات دائمة في "المتحف الفلسطيني"

2024-12-19

"جاءت انتفاضة الحجارة في 8 كانون الاول/ديسمبر 1987، وجلبت معها فلسفة الاعتماد على الذات، وبدأ الناس يزرعون أرضهم ويشترون من المنتوجات المحليّة، ويحتجّون على الاحتلال بأساليب ومواد وأدوات محليّة. وشعرت...