كي لا يجفّ النهر

في حَضرةِ مصائب المصارف وانفراط العملة وشظف العيش وانعدام فرص العمل وانهيار كلّ القطاعات الاقتصادية والتعليم والطبابة، إلخ... قد تبدو شكوى عشرات أو مئات من المواطنين في الشأن البيئي في آخر سلّم الأولويات في لبنان.
2022-10-13

شارك
السيدة زينب مقلد وناشطات جمعية نداء الأرض في جولة تفقدية بعد صدور قرار إيقاف العمل على المشروع (عن فيسبوك)

ثمة فكرة شائعة بأن لا أحد في لبنان "فاضي البال" ليسمع مخاوف أهالي بلدة ما حول البيئة مثلاً... في حَضرةِ مصائب المصارف وانفراط العملة وشظف العيش وانعدام فرص العمل وانهيار كلّ القطاعات الاقتصادية والتعليم والطبابة، إلخ... قد تبدو شكوى عشرات أو مئات من المواطنين في الشأن البيئي في آخر سلّم الأولويات في البلد. لكن في ظلّ هذا الجوّ التيئيسي، يبقى أنّ هناك – على الرغم من كلّ شيء - مَن يأخذ على عاتقه أن يقول "لا". ليست البيئة آخر ما يجب أن نلتفت إليه، ولا ينبغي أن تكون..

يحتدم النقاش في قريتَي عربصاليم وجرجوع جنوبي لبنان حول مشروعٍ عنوانه "تطوير وتأهيل فائض المياه الشتوي في نبع الطاسة". والمشروع المموَّل من اليونيسف، إلى جانب الصندوق الألماني Kfw، هدفه المعلَن "تجميع وجرّ مياه النبع إلى القرى التي تعاني نقصاً في المياه". ويعتبر قسم من أهالي منطقة إقليم التفاح بالإضافة إلى ناشطي الجمعيات البيئية والمتخصصين، أنّ المشروع يرتكب جريمة بجرّ مياه الشتاء بكميات هائلة من مصدرها: النبع ونوافذه، ما سيؤدي حتماً إلى تجفيف نهر الزهراني والحكم عليه بالموت على امتداده. وهذا يقضي على منظومة بيئية حساسة، ويدمّر التنوع البيولوجي، عدا عن تشويه وجه المنطقة وهويتها من خلال مشروعٍ لا يستند إلى دراسة تقييم أثر بيئي مسبَقة، على الرغم من أن القانون يوجبها.

بعد إثارة الأهالي للموضوع مراراً، قدمت مصلحة الليطاني طلباً لليونيسف بوقف تمويل المشروع، مشيرة إلى أنه "لا يستند إلى قياسات مائية حقيقية وصحيحة صادرة من أي جهة رسمية"، وأن ما يسميه فائض المياه هو بالتالي "فائض وهمي وموسمي وبكميات غير استثمارية". وعلى الرغم من صدور قرار قضائي بوقف الأشغال، بقي المتعهّد – مدعوماً من نافذي المنطقة - مُصرّاً على استكمال العمل، فيما يثيرُ البعض شكوكاً بتلاعبات مالية تخص فساداً في صرف التمويل قبل التنفيذ، بشكلٍ يجعل المتعهد "مستقتلاً" على استكماله على وجه السرعة، تغطية للأمر.

اعتصم الأهالي عدة مرّات في موقع المشروع، واتجه عدد من أهالي منطقة إقليم التفاح (جنوب لبنان) وناشطو جمعيتي "لبنان الأرض" و"نداء الأرض" في الرابع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري للاعتراض أمام مقرّ اليونيسيف في بيروت، كمّا قُدّمت شكاوى خطية للصندوق الألماني، في ظلّ ترقب لمصير هذا المشروع غير الواضح.

"خذوا كهربائكم وأعيدوا لنا نهرنا الحبيب الذي لا يحلو لنا العيش إلا على ضفافه"، هكذا عبّرت الدكتورة زينب مقلّد نور الدين الملقّبة بأمّ ناصر، السيدة الثمانينية التي ناضلت بمبادرة شخصية ضمّت نساء قريتها، من أجل بيئة أفضل في منطقتها. وبكلماتها: "أما متعهّدو المشاريع فكانوا كدولتهم شديدي الذكاء، يستغلّون انشغال الناس بهمومهم المعيشية والأمنية فينفذون مشاريعهم "على السكّيت" (...) كلّ الأنهار اللبنانية من الشمال إلى الجنوب تصل مياهها إلى البحر إلا الزهراني، فقد خنقوه وهو يطل رأسه من النبع". وأنهت بيانها بالقول: "يؤرّقني ما نحن فيه".  

مقالات من العالم العربي

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.

فلسطين في أربع جداريات دائمة في "المتحف الفلسطيني"

2024-12-19

"جاءت انتفاضة الحجارة في 8 كانون الاول/ديسمبر 1987، وجلبت معها فلسفة الاعتماد على الذات، وبدأ الناس يزرعون أرضهم ويشترون من المنتوجات المحليّة، ويحتجّون على الاحتلال بأساليب ومواد وأدوات محليّة. وشعرت...