مؤخراً، وفي الوقت نفسه الذي بدأت مجموعة "إيجيكو" الحكومية الأعمال الضخمة لإنشاء حاجز غاطس داخل البحر ينطلق من حي سيدي بشر، شرقي الإسكندرية، باتجاه الغرب، تضع شركة خاصة اللمسات الأخيرة على إنشاء حاجز بحري مترّس بالكتل الإسمنتية الضخمة، حول قلعة قايتباي، تقام عليه مقاهٍ وميناء لليخوت. يهدف المشروع الذي يشتمل على 3 مراحل إلى إقامة حاجز أسمنتي طويل على مسافة آلاف الأمتار من شاطئ الإسكندرية لكسر الأمواج داخل البحر. يفتخر أحد المهندسين القائمين على هذا المشروع "الفذ" الذي ستتعدى تكلفته مليار جنيه، بأنه سيمنع وصول الأمواج إلى غالبية شواطئ الأسكندرية وسيتولى حمايتها.
بالتوازي، تضع القوات المسلحة اللمسات الأخيرة على مشروع إنشاء كتل أسمنتية ضخمة لحماية شاطئ وسط المدينة. فمنذ 2017، تعمل آلات الإسمنت بلا كلل على إنشاء عشرات الآلاف من الكتل الخراسانية العملاقة، لإنشاء حاجز بعرض يصل إلى 7 أمتار على شاطئ وسط المدينة، تحت ذريعة منعه من التآكل بفعل موجات البحر. يرافق هذه الكتل الأسمنتية عمليات ردم للعديد من الشواطئ من أجل استغلالها كمجمعات استهلاكية، مع تخصيص غالبية مساحة الكورنيش بالمدينة إلى رجال أعمال ومطوِّرين لإنشاء مقاهي ومطاعم خاصة، تحجب ما تبقى من رؤية البحر للمواطن العادي. تتغنى الحكومة ووسائل الإعلام بعدد المشروعات غير المسبوق التي تنفذ تحت إشراف "هيئة حماية الشواطئ" والقوات المسلحة، لحماية المدينة المهددة بفعل التغير المناخي عبر إنشاء حواجز وكتل إسمنتية لمواجهة البحر أو إنشاء مدن وفنادق وتجمعات استهلاكية جديدة على شواطئها.
حولت هذه المشروعات الضخمة الأسكندرية، الملقبة ب"عروس البحر المتوسط"، إلى مدينة مترّسة بالكتل الإسمنتية. لا يمكن رؤية هذه المتاريس الأسمنتية في أي مدينة أخرى مشاطئة للبحر المتوسط والتي من المفترض أنها تواجه التهديد المناخي نفسه. الإسكندرية التي كانت يوماً مدينة "كوزموبوليتانية" تتسابق إليها الجاليات الأجنبية ويتغنى بها الشعراء والفنانون، أصبحت تقدم منظراً بشعاً يكسوه اللون الرمادي، ولا تختلف كثيرا عن المدن المتناثرة في أنحاء البلاد، بلا أي معلم أو خصوصية مميزة.
يتعجب الاسكندرانيون حينما يرون غياب الحماس في تحسين الخدمات الأساسية التي يحتاجونها، كالصرف الصحي المتهالك والشوارع المتدهورة والقمامة المنتشرة في كل مكان ووسائل المواصلات القديمة. تختفي ميزانية المحافظة حينما يتم الحديث عن الاستعدادات لموسم الشتاء الذي دائما ما يشهد حوادث غرق وتدمير جراء الأمطار الغزيرة
أصبح من الصعب التمتع بمنظر البحر، بسبب المقاهي الفاخرة والمطاعم والفنادق والمباني الشاهقة التي أنشئت بشكل متسارع، بتحفيز من السلطات الحاكمة، في محاولة لاستغلال كل شبر على الشاطئ لتحفيز الميل الاستهلاكي للمواطنين وجني الأموال. نظرة واحدة من داخل البحر على المدينة، يكشف وجهها البائس، إسكندرية بلا شواطئ رملية، فقط كتل أسمنتية رمادية قبيحة تتراءى في كل اتجاه. مدينة تاريخية تحتضر على يد سلطةٍ وجهاتٍ شرهة تتسابق في تدمير كل ما هو تاريخي فيها تحت مسمى "التطوير والحماية"، دون أن تترك فرصة في المستقبل لإصلاح ما يتم تدميره.
خراب الإسكندرية: جنرال ومقاول وكَحُول
23-11-2021
حين اختفت الكلاب من منازل الإسكندرية
25-06-2015
كان للمدينة طابعها الخاص ومكانتها المتميزة. استطاعت الاسكندرية المبنية في العام 331 ق.م. أن تنجو من الكثير من الأحداث الجسام التي كانت كافية لتدميرها، وكانت تُبعث من جديد مثل العنقاء. سقطت دولة البطالمة فيها لصالح الرومان، حُرقت مكتبة الأسكندرية أشهر معالمها خلال حرب دينية، ثم سقط فنارها الشهير، تعرضت للقصف المدمر أبان الاحتلال الإنجليزي في القرن التاسع عشر، لكنها استطاعت النجاة. ساهمت هذه الأحداث والتحولات العنيفة على مدار تاريخها في تشكيل أسطورتها الخالدة. لكن هذه الأسطورة مهددة اليوم. لم تحتج المدينة لحرب دينية جديدة أو لقصف احتلال حتى تفقد بريقها الموروث، يكفي أنه امتدت إليها يد سلطة تنتهج سياسات رعناء لا يحركها إلا الربح وإرضاء المتنفذين، وتتيح المجال لـ "مطورين عقاريين" يرون في المعالم التاريخية أحجاراً قديمة تعيق مخططاتهم، ويرون أن المساحات العامة المتاحة للمواطنين، يمكن تكديسها بمقاهٍ ومطاعم لتحقيق عوائد مالية.
بيزنس الكتل الأسمنتية
خلال عمله على مشروع إقامة الحاجز الأسمنتي في البحر بالمنطقة المحيطة بقلعة قايتباي، يفتخر رئيس المهندسين المنفِّذين بأنه أمضى 25 عاماً يعمل في بناء الكتل الأسمنتية على شواطئ الإسكندرية. يشرح بابتسامة كيف أن الكتل الأسمنتية التي صنعها باتت تغطي رمال عشرات الشواطئ في المدينة. يؤمن هذا المهندس تماماً بأن عمله ساهم في حماية الإسكندرية من البحر، لكنه لا يضع في باله هذا المنظر القبيح الذي صنعه ويستمر في صناعته، وأنه دمر شواطئ رملية تشكلت عبر آلاف السنين، وستحتاج المدينة لمئات من السنين حتى يراكم البحر رمالاً جديدة.
امتدت إلى الاسكندرية يد سلطة تنتهج سياسات رعناء لا يحركها إلا الربح وإرضاء المتنفذين، وتتيح المجال ل"مطورين عقاريين" يرون في المعالم التاريخية أحجاراً قديمة تعيق مخططاتهم، ويرون أن المساحات العامة المتاحة للمواطنين يمكن تكديسها بمقاهٍ ومطاعم لتحقيق عوائد مالية.
اقترحت دراسات أنه بدلاً من إقامة هذه الكتل الأسمنتية، كان يمكن إنشاء ممرات من الكثبان الرملية داخل البحر تسمح بإضعاف الأمواج قبل وصولها للشاطئ. كان هذا الحل أقل تكلفة، وسيحافظ على جمال الشواطئ، لكنه لم يلق اهتمام السلطات المتعاقبة.
تزامنت مسيرة هذا المهندس، مع توسع سياسات إنشاء "الكتل الأسمنتية" على شواطئ الإسكندرية، مع مجيء اللواء عبد السلام محجوب كمحافظ في النصف الثاني من تسعينات القرن الفائت. أظهر هذا المحافظ منذ يومه الأول عداوته لشواطئ المدينة الرملية عبر توسيع الطريق السريع على حسابها وإنشاء المتاريس الأسمنتية. سمح لأول مرة لجهات خاصة ببناء مقاهي في جانب البحر وتخصيص الشواطئ. ولم يكتف بهذه السياسات، بل أعطى الضوء الأخضر لرجال أعمال بهدم المباني التاريخية المطلة على الكورنيش، لإنشاء مباني شاهقة تحجب الرؤية.
على الرغم من ادعاء السلطة بأن هذه الكتل الأسمنتية على الشواطئ ستحمي المدينة، لكنها في نظر الخبراء الحل السهل والمربح للشركات والأطراف المنفذة. اقترحت دراسات أنه بدلاً من إقامة هذه الكتل الأسمنتية، كان يمكن إنشاء ممرات من الكثبان الرملية داخل البحر تسمح بإضعاف الأمواج قبل وصولها للشاطئ. كان هذا الحل أقل تكلفة، وسيحافظ على جمال الشواطئ، لكنه لم يلق اهتمام السلطات المتعاقبة.
ومع الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي،أصبحت الإسكندرية هدفاً رئيسياً لسياساته القائمة على الاستفادة القصوى من الموارد. أسندت عشرات المشاريع بالأمر المباشر للقوات المسلحة لبناء كتل أسمنتية في البحر تدر لخزينة القوات المسلحة مئات الملايين من الجنيهات. استفاد الجيش أيضاً من السلطات المطلقة التي يحظى بها ليضع يده على كل مساحة متاحة لتحويلها إلى مورد للأموال: في 2016، أطلق الجيش مشروعاً لبناء فندق ضخم يحمل اسم "توليب سي سكوير" بعد هدمه لمسرح قديم كان موجوداً في المنطقة. حاول ناشطون من الأسكندرية الاعتراض على المشروع، لكن أصواتهم لم تلق صدى. خرج محافظ الإسكندرية، اللواء رضا فرحات، ليشكك في نوايا المعترضين، قائلاً خلال مداخلة تليفزيونية حينها "متخيلتش أن حد يشك فينا إننا هندمر المحافظة".
عودة لمحبوبتي .. بعد زمن بعيد
31-03-2014
لا شيء يمكن أن يوقف هذا الشره للتدمير والإحلال بغرض تعظيم الربح في كل شبر في الإسكندرية. بالاتجاه شرق المدينة، تعمل بلا توقف ليلاً ونهاراً آلات ضخمة تمّ التعاقد عليها من دولة بلجيكا، لردم شاطئ أبو قير من أجل إنشاء جزيرة داخل البحر لإقامة مدينة "أبو قير الجديدة" بالتعاون بين القوات المسلحة ودولة الإمارات. تتغنى بالمدينة الجديدة السلطة باعتبارها ستكون أول مدينة "جيل خامس" من نوعها في مصر. لا يأبه المنفذون بأن المدينة الجديدة تقام في الأساس على منطقة يشتبه بأنها أثرية على حافة مدينة هرقليون الغارقة: الأهم هو انشاء مباني شاهقة وفيلات تستهدف الذين يملكون المال.
وخلال الأيام الأخيرة، وقعت أعين المسؤولين العسكريين على "حديقة أنطونيادس" التي أهداها أحد الأثرياء اليونانيين في بداية القرن العشرين لأهالي أسكندرية قبل وفاته خلال عهد الملك فؤاد، وأصبحت بعد دولة 1952 تابعة لوزارة الزراعة ولجنة التراث بجهاز التنسيق الحضاري. لفتت مساحة الحديقة وموقعها انتباه المطورين العسكريين، الذين لم يلاحظوا جمال الحديقة الخضراء والمباني التي يعبق التاريخ في كل جنباتها. تثبت المشروعات المتتالية في مصر أن أعين السلطة الحالية تكره اللون الأخضر والأشجار وتعشق الأسمنت. يكشف مصدر لوسائل إعلام مصرية أن القوات المسلحة تنوي إقامة مشروع أنشطة ألعاب مائية، وممشى سياحي وملعب كرة قدم، وكافيهات وبعض المطاعم، ولا ننسى قاعة أفراح المدرة للدخل، ضمن المشروع الجديد.
يُردم شاطئ أبو قير لإنشاء جزيرة داخل البحر وإقامة مدينة "أبو قير الجديدة" بالتعاون بين القوات المسلحة ودولة الإمارات. تتغنى السلطة بالمدينة الجديدة باعتبارها ستكون أول مدينة "جيل خامس" من نوعها في مصر. لا يأبه المنفذون بأن المدينة الجديدة تقام في الأساس على منطقة يشتبه بأنها أثرية، على حافة مدينة هرقليون الغارقة.
بعد أقل من عامين ستختفي هذه الحديقة من أرض الواقع، وستنضم إلى الأماكن التي تثير النوستالجيا لدى المواطنين الذين عرفوها، مثلما حدث منذ خمس سنوات ل"حديقة الخالدين"، بمحطة الرمل بوسط الإسكندرية، التي أزالت القوات المسلحة مساحتها الخضراء لتحولها إلى مجمع محلات تجارية ومطاعم ومقاه فارهة، وأطلقت على المشروع اسم "Immortals"، كتلك الأسماء المستوردة الركيكة.
دفع النزعة الاستهلاكية
على مدار السنوات الماضية، عملت السلطة الحالية والجيش على دفع النزعة الاستهلاكية لدى الطبقة المتوسطة العليا والغنية إلى أقصى طاقة ممكنة. يفهم هذا النظام كيف يداعب أحلام ورغبات تلك الشرائح فيما يفترض أنه "تعبير عن مستواها الاجتماعي". يبني النظام المقاهي والمطاعم في أي مكان متاح في المدن، ينشر لهم على كل طريق سريع صور الكومباوندات السكنية الفاخرة المعزولة من أجل عالمهم المثالي الذي يحلمون به، يبني طرق سريعة حديثة على أعلى مستوى تتجه للأماكن السياحية الجديدة التي يمكن أن تستقطبهم.
تدرك السلطة أن هذه الطبقات تقدّر المقاهي والمطاعم والأماكن الاستهلاكية أكثر من المباني التاريخية والمساحات الخضراء والساحات الحرة والشواطئ الرملية. على مدار التاريخ الحديث كانت هذه الطبقات أول من تخلّى عن التراث لصالح عمليات البناء الخرسانية. نجحت سياسة السلطة في تشكيل هذه القوة الاستهلاكية وباتت تجني ثمارها. ويشكل هذا النجاح والتواطؤ من هذه الطبقات على تشجيع الهدم، نقطة دفع للنظام في استمرار الهدم.
كل يوم يمر، يفقد الإسكندريون ماضيهم شيئاً فشيئاً. تسلب معالم مدينتهم الرائعة واحدة تلو الأخىر بشكل متسارع. أضحت المدينة فريسة لهذا التحالف بين سلطات تسعى للربحية ورجال أعمال ومطورين عقاريين شرهين ، وطبقات حديثة الغنى ومتواطئة. يفترس هذا التحالف الذي بات ينضم إليه مطورون من الخارج ولاسيما من الإمارات، كل مساحة متاحة وأي مبنى تاريخي مغلق تقع عليه أعينهم.
استطاع هذا التحالف أيضاً قتل أي معارضة محلية تقف أمام شهيته، عبر التخويف. إبان عهد مبارك، استطاعت المعارضة المدنية كبح التوحش الدولتي وعرقلة العديد من المشروعات التي حاولت الدولة بناءها. يختلف الوضع أمام سلطة ترتدي الزي الكاكي في الوقت الحالي. تكسي السلطة والجيش مشروعاتهما بالسرية، ويخفيانها وراء ستار الجهة السيادية المنفذة، دون أي شفافية أو نقاش اجتماعي مع الأهالي الذين يعيشون في محيط الموقع. لا أحد من المدنيين يعلم ما الذي يُنفذ في المناطق التي يعيشون فيها، ولا يمكنهم طرح الأسئلة، فقط يعيشون في الشائعات حتى اكتمال المشروع، ليصبح أمامهم كأمر واقع.
منذ 2017، تعمل آلات الاسمنت على إنشاء عشرات الآلاف من الكتل الخراسانية العملاقة لإنشاء حاجز بعرض يصل إلى 7 أمتار على شاطئ وسط المدينة. ويرافق هذه الكتل الأسمنتية عمليات ردم للعديد من الشواطئ من أجل استغلالها كمجمعات استهلاكية، مع تخصيص غالبية مساحة الكورنيش بالمدينة إلى رجال أعمال لإنشاء مقاهي ومطاعم خاصة، تحجب ما تبقى من رؤية البحر للمواطن العادي.
تثبت المشروعات المتتالية في مصر أن أعين السلطة الحالية تكره اللون الأخضر والأشجار وتعشق الأسمنت: تدمر القوات المسلحة "حديقة أنطونيادس" التي أهداها أحد الأثرياء اليونانيين في بداية القرن العشرين لأهالي الاسكندرية قبل وفاته، وتنوي إقامة مشروع أنشطة ألعاب مائية، وممشى سياحي وملعب كرة قدم، وكافيهات وبعض المطاعم، ولا ننسى قاعة أفراح مدرة للدخل.
في المقابل، تنشغل الطبقات الفقيرة والمتوسطة الدنيا بالتحديات اليومية لتوفير قوتها ومحاولات البقاء على قيد الحياة. يمكنهم فقط بحزن مشاهدة هذه المشروعات الاستهلاكية التي تنمو كسرطان على شواطئ المدينة وتسلب ذكرياتهم. يتعجبون حينما يرون غياب هذا الحماس في تحسين الخدمات الأساسية التي يحتاجونها، كالصرف الصحي المتهالك والشوارع المتدهورة والقمامة المنتشرة في كل مكان ووسائل المواصلات القديمة. تختفي ميزانية المحافظة حينما يتم الحديث عن الاستعدادات لموسم الشتاء الذي دائماً ما يشهد حوادث غرق وتدمير جراء الأمطار الغزيرة. باتت هذه الطبقات على دراية بالسياسة ذات المكيالين التي تتبعها الدولة، ويتماهون معها: هناك أموال تغدق على مشروعات تحقق عوائد، لكن ليس هناك موازنة لتطوير الخدمات.
الهروب إلى الساحل الشمالي
مع "مترسة" شواطئ الأسكندرية بالكتل الإسمنتية، وإنشاء مقاهي ومطاعم فاخرة على كل مساحة عامة في المدينة، أفسحت السلطة المجال لظهور المنتجعات البحرية في الساحل الشمالي ومدينة "العلمين" القريبة، لخدمة الطبقة الغنية والمتوسطة من أجل الهروب من الإسكندرية برثاثتها وضوضائها ومضايقاتها خلال فصل الصيف المزدحم.
العريس الذى قتل الناس ليلة الفرح!
21-07-2016
تستمر السلطة في دفع النزعة الاستهلاكية لأقصاها، في الساحل. ويمكنها أن تهندس "يوتوبيتها الاستهلاكية" باكتمال، بعيداً عن العوام وسكان المدن العادية. هناك سيجدون شواطئ نقية معزولة، بسعر لا يصله إلا من يستطيع، ومقاهي ومطاعم وفنادق فاخرة، يمكنها أن ترضي تصوراتهم عن عالمهم الصغير المثالي الذي لا توجد فيه الطبقات الأخرى بنظراتها الحاقدة والغاضبة.
الخشية هي أن تتحول هذه المدينة الألفية إلى مدينة خرسانية بلا روح، ويصبح ما تبقى منها مجرد أسطورة قديمة تثير النوستالجيا.