ما أشبه اليوم بالأمس !عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، وأغنى رجل أعمال في المغرب، وصاحب أكبر شركة للمحروقات في البلد، مستهدَف من جديد في حملة ضده. فبالأمس كان في مرمى الاحتجاج الرقمي إثر حملة مقاطعة غير مسبوقة لمؤسسته التي كانت واحدة من بين ثلاث شركات مستهدفة بالمقاطعة عام 2018. أما اليوم، فالحملة الإلكترونية تطالبه بخفض أسعار الوقود أولاً، وبالرحيل ثانياً.
الهاشتاغ هو الحل
منتصف شهر تموز/يوليو الماضي، طفح الكيل بالسواد الأعظم من المغاربة بعد أن سجلت أسعار الوقود ارتفاعاً كبيراً ومستمراً . وهكذا ظهرت وسوم على السوشال ميديا، تقول "akhannoch_dégage" (أخنوش_ارحل) وتطالب بأن تكون الأسعار 8 دراهم لليتر البنزين (حوالي 0.80 دولار) و7 دراهم (حوالي 0.70 دولار) لليتر المازوت/الديزال، بعدما كانت قد بلغت 18 درهماً (حوالي 1.8 دولار) للبنزين و17 درهماً (حوالي1.7 دولار) للمازوت.
تصدرت هذه الوسوم فضاء الفيسبوك بشكل خاص، وسجلت أكثر من مليون منشور بعد أيام قليلة من تداولها. ولم يكن لهذا الانتشار أن يحصل لولا انضمام فئات عريضة من المغاربة للحملة بمن فيهم فنانون ومؤثرون وسياسيون وصحافيون ومهنيون في مجالات متنوعة، منتقدين المهام المزدوجة لأخنوش. فهو من جهة رئيساً للحكومة ومن جهة أخرى صاحب مؤسسة توصف بـ"المحتكرة" لاستيراد المحروقات وتوزيعها في المغرب، وهو ما يُعتبر تجسيداً صارخاً لتضارب المصالح.
استمرار هذه الأزمة دفع ببعض المغاربة إلى متابعة أسعار النفط أول بأول عبر المنصات المتخصصة، إذ لاحظوا تفاوتاً صارخاً بين سعر الخام وسعر الوقود المسوّق في البلد. فحينما كان سعر برميل النفط في حزيران/ يونيو الماضي أكثر من 120 دولاراً ارتفع سعر الوقود أكثر من 16 درهماً. في حين لما انخفض الثمن في السوق الدولية إلى ما بين 90 و100 دولار للبرميل في شهر تموز/يوليو الماضي لم يوازيه انخفاض ملموس في سعر هذه المواد النفطية.
الهاشتاغ ليس حلاً كافياً
استمرت هذه الحملة الرقمية أسابيع لاحقة، لكن جدواها لم تصل بعد إلى نتائج مرضية، فمحطات الوقود ما زالت تعتمد تخفيضاً ضيئلاً جداً يتراوح ما بين نصف درهم ودرهم ونصف في أفضل الأحوال، وهو لا يتبع انخفاض الأسعار العالمية بنسبة متناسقة.
وقد اقترحت أصوات نقابية حلولاً عملية، أهمها إعادة تشغيل مصافي شركة "لاسامير" المتخصصة في تكرير البترول ومشتقاته، والإلغاء الكلي أو الجزئي - ولو مرحلياً - للرسوم الضريبية المفروضة على استهلاك المحروقات، كما دعت إلى وضع سقف لأسعار المحروقات بناءً على سعر مرجعي يراعي معدل الدخل الفردي والناتج الداخلي الخام، وناشدت الحكومة اعتماد "الغازوال المهني" الذي يقي قطاع النقل من الانهيار تحت وطأة أسعار السوق المتفلتة وتحقيق العدالة المجالية بخصوص مراكز ومستودعات تخزين المحروقات بمختلف الجهات للتخفيف من مصاريف سعر النقل والشح، علاوة على اعتماد سياسة قادرة على الحفاظ على القدرة الشرائية وعلى التوازنات الاجتماعية لمواجهة مثل هذه الظروف.
عزيز أخنوش هو رئيس الحكومة وأغنى رجل أعمال في المغرب، وهو في الوقت نفسه صاحب أكبر شركة للمحروقات، تحتكر استيرادها وتوزيعها في المغرب، فهل هناك مثال أشد لتجسيد تضارب المصالح؟
الحكومة من جهتها،اجتمعت في شخص وزير الداخلية بمسؤولي تجمع النفطيين المغربي بغية التداول في مسألة التقليص من هامش أرباحهم من المحروقات، و دعوتهم إلى التوقف عند ما سماه الوزير بـ" السلم الاجتماعي" و"ضرورة المساهمة، كل من موقعه، في الحفاظ عليه".
قطاعُ الطاقةِ بالمغرب: التبعيّة الدائمة
28-12-2021
وبالمجمل، لا توجد مؤشرات على حل لهذه الأزمة بشكل سريع وعملي، فالحكومة ما زالت تلوذ بالصمت أو في أفضل الأحوال ترد بأجوبة غير مقنعة أو بلغة خشبية. و على الرغم من حضور بعض المقترحات السياسية المدنية إلا أنها تظل خجولة وغير مؤثرة على صناع القرار لينهوا أو على الأقل ليخففوا من حدة جشع شركات المحروقات، التي وجدت في السياسات النيوليبرالية (تحرير الأسعار ورفع الدعم الحكومي) المتبعة في السنوات الماضية أرضية خصبة لفرض منطق الربح بأي ثمن.
فهل الهاشتاغ سيهزم جشع هذا اللوبي؟ وهل من بديل للشارع في ظل مناخ سياسي يتسم بالركود والصمت..