ولماذا لا نرى ضابطاً في المخابرات العامة يتعامل مع مهنته بمنطق احترافي.
ما هو المنطق الاحترافي المقصود؟ لنتخيل مثلا هذا الضابط وهو يرى مرتبه لا يكفي مصاريف بيته وعياله. وبالتالي، كأي موظف أصيل، يضطر لأن يعمل عملاً آخر. يضطر الضابط الكبير، في محاولة لتحسين دخله، للعمل في أجهزة استخبارات أخرى. مثلما أن المدرس الحكومي يعطي دروساً خصوصية في المساء، فضابط المخابرات من حقه البحث عن عمل آخر.
ضابط المخابرات ينهي عمله في الثالثة عصراً، يتناول وجبة الغداء ثم يقضي ساعتين في مقر مخابرات الدولة الصديقة، ثم يقضي
سهرته في مخابرات الدولة المعادية. لديه كراسة يقسّم فيها أجهزة المخابرات التي يعمل لصالحها ولا يخلط بينها أبداً. صحيح أنه يعمل لدى أكثر من جهة، لكنه لا يرضى على نفسه اللقمة الحرام.
قوانين العمل في المخابرات تحظر الجمع بين أكثر من وظيفة. وإذا عرف رؤساؤه فقد يتم الخصم من مرتبه الشهري. وبالتالي فالضابط لا يصرح بهذا إلا لزملائه المقربين، الذين يتفهمون الأمر جيداً. يخبر زميله بصوت هامس: «انا هازوغ ساعتين كدا، هطلع على الشغلانة التانية اللي قلتلك عليها، هكشف لهم كام جاسوس من عندنا هناك، وبعدين ارجع هنا احاول ازرع جاسوس تاني عندهم. لو حد سأل عليا ابقى قولّه راح يتغدى»، ينظر له زميله نظرة تفهم وحسد في ذلك الوقت، ويتمنى أن يأتي عليه يوم يصبح فيه مطلوباً بالاسم في أكثر من مكان مثل زميله، ليتمكن أخيراً من تسديد أقساط سيارته.
صديقنا المحترف تمكن من تسديد أقساط سيارته من زمان. ولكن لأن الأيام القادمة هي للمشاريع الخاصة وليست للعمل الحكومي، فهو الآن يبدأ في تأسيس مشروعه الخاص: جهاز مخابرات جديد تماماً، يعمل وفق أحدث الطرق العالمية، سيكون نواة لدولة جديدة يتم افتتاحها في أواخر العام 2013، والدولة الجديدة سوف تغطي نفقاتها بعد عام واحد من افتتاحها. هو الآن لا ينتظر سوى بعض التصاريح اللازمة لإشهار الدولة، ولكن التصاريح متأخرة قليلاً. اللعنة على البيروقراطية المصرية!
الزاوية الحمرا
مرحباً بكم في الدولة العميقة
ولماذا لا نرى ضابطاً في المخابرات العامة يتعامل مع مهنته بمنطق احترافي.ما هو المنطق الاحترافي المقصود؟ لنتخيل مثلا هذا الضابط وهو يرى مرتبه لا يكفي مصاريف بيته وعياله. وبالتالي، كأي موظف أصيل، يضطر لأن يعمل عملاً آخر. يضطر الضابط الكبير، في محاولة لتحسين دخله، للعمل في أجهزة استخبارات أخرى. مثلما أن المدرس الحكومي يعطي دروساً خصوصية في المساء، فضابط المخابرات من حقه البحث عن عمل آخر.<br
2012-12-05
شارك