"إلى إخوتي، حاولتُ النجاة وفشلت، سامحوني.
إلى أصدقائي، التجربة قاسية وأنا أضعف من أن أقاومَها، سامحوني.
إلى العالم، كنتَ قاسياً إلى حدٍّ عظيم، لكنّني أسامح".
هذا نصّ رسالة سارة حجازي الأخيرة إلى العالم قبل انسحابها منه انتحاراً منذ عامين، في 14 حزيران / يونيو 2020. كانت سارة مناضلة سياسية، شيوعية، كويريّة. ساهمت في تأسيس "حزب العيش والحرّيّة الاشتراكي" في مصر، واعتقلت على خلفية رفعها لعلم قوس قزح أثناء حفلة لفرقة "مشروع ليلى" في القاهرة عام 2017، بتهمة الترويج للمثلية والتحريض والفجور.
"كانت كهرباء. جرى تعذيبي بالكهرباء"، تقول في شهادتها عن مرحلة السجن، "وجرى تهديدي بإيذاء أمّي إن أخبرتُ أحداً، أمي التي ماتت بعد مغادرتي (...) لم يكتفِ النظام بتعذيبي، بل حرّض رجال قسم السيدة زينب نساء التخشيبة على التحرش الجنسي واللفظي بي". انتحرت سارة في كندا التي سافرت إليها بعد خروجها من السجن للعلاج من آثار اكتئاب ما بعد الصدمة. "كانت عايزة العالم يكون أحسن. بسّ. دي أحلامها كلّها"، قال محاميها وصديقها مصطفى.. "سارة انتحرت، لكن الدولة والمجتمع قاما بقتلها على مدار 3 سنوات".
"هنا نفعل أشياء لا تصدّق"
07-09-2017
السجين مثليّ الجنس
27-09-2016
يستعيد رفاقها في النضال في ذكراها الثانية هذا العام الشابة التي رحلت عن 31 سنة، ونعتها الأحزاب والمجموعات الثورية في مصر. "المناضلة الاستثنائية سواء في قضايا الجندر أو النسوية أو الطبقية" التي "كانت تتضامن مع المعتقلين السياسيين، ولم تدَّخِر جهداً في التضامن مع نضالات العمال ضد استغلالهم وإفقارهم"، و"المؤمنة بحقّ الجميع في العيش بكرامة وحرّيّة دون استغلالٍ طبقي أو تمييزٍ مبني على النوع أو الهويّة الجنسيّة"، والناشطة التي "تُعبّر عن آرائها بشجاعةٍ نادرةٍ"...
من أجل كل ما تمثله سارة لجيل كامل يحلم مثلها بعالم أفضل وأكثر تسامحاً، أطلق أصدقاؤها موقعاً إلكترونياً باسمها ليكون مرجعاً يضمّ صورها ومدوناتها، وبالأخص مذكراتها ويومياتها في سجن القناطر، تلك التي رغبت هي بنشرها لتُعلن معاناتها وصنوف العنف والاضطهاد الذي واجهته.
"إنّ خطاب الكراهية والمجتمع الأبوي أسلحة قتل ممنهجة لا تُجرّمها القوانين"، يؤكد رفاقها الذين يتصدون اليوم لحملة كراهية مستمرة ومستعرة كلما أتى ذِكر سارة في منشور أو صورة! لنروِ قصتها إذاً، رفضاً لذلك القتل الممنهج الذي يسعى خلف أنقى شباب مجتمعاتنا، متقصّداً خنق أملهم، ولنستلهم مقاومة ذلك الشبح في كل ميادين الحياة، وفاء لسارة ومَن رحل مثلها، وخصوصاً لمن بقي..