«سبيل معان»: من إطعام عابري السبيل إلى إطعام محتاجي المدينة

ظل أهل معان يطعمون الحجاج بمجهودات فردية حتى قبل عشرين سنة مضت حين أسّس تجار من المدينة وفاعلو خير مكانًا لإطعام الحجّاج والمسافرين (عابري السبيل) بالمجّان في ما سيعرف لاحقًا بسبيل معان.
2022-04-28

شارك
جانب من مطبخ سبيل معان. تصوير مؤمن ملكاوي (الصورة من موقع حبر)

طرقت قوافل الحجّاج منذ مئات السنين دروبًا رئيسيّة في طريقها إلى مكة المكرمة. وكان الحجاج يتجمعون بأعداد كبيرة تصل إلى الآلاف في واحدةٍ من أربعة أماكن هي العراق، ومصر، واليمن، والشام، ثم تخرج القافلة لأداء الفريضة بإمرة أمير الحج.

ونظرًا لطول المسافة فقد قسّمت طريق الحج إلى منازل أو استراحات عرفت بمنازل الحج، حيث تنزل فيها القافلة للاستراحة عدة أيّام، وعادة ما تحتوي هذه المنازل آبارًا وتجمعات سكانيّة وأسواقًا ومساجد.

بالإضافة إلى حجّاج بلاد الشام، ضمّت قافلة الشام حجّاجًا من آسيا الصغرى وشبه جزيرة البلقان، حيث يبدأ مسيرها من دمشق وتشق طريقها عبر قرى الشام إلى أن تقطع عرض البلقاء حتى تصل إلى معان، وكانت معان عند الحجاج أول الحجاز في الذهاب، وآخره في الإياب، وظلّت حتى منتصف القرن التاسع عشر من أكبر البلدان في طريق الحجّ كما يصفها الرحالة الفنلندي جورج فالين عام 1845.

حوت طريق الحج الشامي 10 منازل في الأردن خلال العهد العثماني هي: الرمثا، والمفرق، والزرقاء، والبلقاء، والقطرانة، والحسا، وعنيزة، ومعان، والعقبة، والمدورة. وقد سجّلت المدونات التاريخية اهتمامَ حكام المنطقة بطريق الحج وخدمة الحجاج بما في ذلك بناء القلاع، وحفر الآبار، وشراء الأمن من البدو بالمال فيما عُرف بالـ«الصرّة».

فضلًا عن ذلك، كان أهالي معان يهتمون بالحجاج كذلك، وتعود الذاكرة الشعبيّة هناك إلى 70 سنة مضت، قدّم فيها المعانيون الطعام والسقاية للحجاج دون مقابل في ما عرف بإطعام عابر السبيل.

درب الحج الشامي. المصدر: -الموسوعة العربية"

يروي الثمانيني أبو ماجد طويلة عادة أهل معان في الخمسينيات في استقبال الحجاج، إذ وفرّ المعانيون مياهًا لعابري السبيل مثلما فعل درويش المكيّ صاحب محل بيع الحلويات الشاميّة من بئر في بيته. وفي السبعينيات بعثت نساء المدينة الطعام مع أطفالهن إلى المساجد الرئيسية التي ينزل فيها الحجاج. يتذكّر محمود أبو صالح الذي كان في التاسعة من عمره حينها كيف خرج من بيته، وكان الفصل شتاء، وشاهد الحجاج في المسجد الهاشمي، وحين عاد أخبر والدته بما رأى فقالت له:«منتا زلمة؟ روح جيبهم»، فرجع إلى الحجاج وقال لهم: «لازم تيجو تتعشوا عنا من المقسوم».

ظل أهل معان يطعمون الحجاج بمجهودات فردية حتى قبل عشرين سنة مضت حين أسّس تجار من المدينة وفاعلو خير مكانًا لإطعام الحجّاج والمسافرين (عابري السبيل) بالمجّان في ما سيعرف لاحقًا بسبيل معان.

قبل حوالي 20 عامًا، وبأيام قليلة تسبق شهر رمضان، دخل زبون إلى متجر محمود أبو صالح في السوق القديم بمعان وطرح عليه فكرة تقديم العصير والعدس للمسافرين الذين لا يحضرون وقت الإفطار في منازلهم. ثم بعد أيام من رمضان مرّ عليه فاعلو خير يجمعون التبرعات لتوزيع التمر والماء فردّ عليهم أبو صالح: «عنا سالفة أفضل؛ نبني صيوان على مثلث دوار سليمان عرار [عند مدخل المدينة] لأنه موخذ طريق خط السعودية والعقبة وعمان، وبنسوّي وجبات عدس وعصير».

بقية التقرير على موقع "حبر"

مقالات من العالم العربي

خالدة جرار مسجونة في قبر!

2024-11-21

"أنا أموت كل يوم، الزنزانة أشبه بصندوق صغير محكم الإغلاق، لا يدخله الهواء. لا يوجد في الزنزانة إلا دورة مياه ونافذة صغيرة فوقه أغلقوها بعد يوم من نقلي إلى هنا...

أطفال عراقيون وسوريون في شوارع الناصرية.. بين التسول واستغلال الشبكات الإجرامية

2024-11-21

حالات الاتجار بالبشر تشمل أيضا استغلال الأطفال في الأعمال الشاقة مقابل أجور زهيدة، بالإضافة إلى استغلالهم لأغراض أخرى، بما في ذلك الترويج وبيع المخدرات. هذه الظاهرة لا تقتصر على الأطفال...