كانت هناك سحلية طفلة، وكانت لديها نظريات عن الحياة.
آراء السحلية الطفلة لم تكن مقبولة بالنسبة لأقرانها من السحالي الأطفال، كانوا يرونها مملة بعض الشيء. كانوا يقاطعونها طوال الوقت. لم تستطع أبداً إكمال الجملة.
كبرت السحلية الطفلة، أصبحت سحلية شابة. تضخم حجمها قليلاً، لكن كلامها ظل مملاً بالنسبة للسحالي الشابة. بمجرد أن تقول السحلية الشابة "أنا أرى أن.."، حتى تغير السحالي موضوع الكلام. عانت السحلية من مخزون كبير من الكلام بداخلها غير قادرة على إخراجه. تريد شرح آرائها ولكن لا أحد حولها يريد السماع. كانت لديها مفكرة صغيرة تكتب فيها كل يوم جملة تبدأ بـ"أنا أرى أن..".
عند سن الثلاثين فهمت السحلية أن لا شيء سيمكّنها من شرح آرائها سوى القوة. لا بد من أن تكون في يدها سلطة ما حتى تتمكن من الكلام بدون مقاطعة. الجملة في مفكرتها أصبحت تبدأ بـ: "أنا أريد الوصول للسلطة كي أقول للسحالي أني أرى أن..".
سعت السحلية الشابة جاهدة للوصول للسلطة، ونجحت بشكل كبير، ولم يتوقف حجمها عن التضخم، تحولت إلى ديناصور كبير، ثم ديناصور ضخم، وعلى قدر ما يتضخم حجم الديناصور كانت مناصبه تزداد. نحن الآن نراه وهو رئيس الديناصورات. تجلس الديناصورات الصغيرة حوله ولا يتوقف عن الكلام، ساعة ساعتين ثلاثاً، لا شيء يريده الديناصور من الدنيا سوى أن يتكلم ويحقق حلمه القديم. ولا أحد يقاطعه أخيراً.
دولة السحالي الآن، بحمد الله، مصنفة واحدة من أكثر الدول فشلاً، وبلاهة في العالم. كل يوم تحدث مصيبة جديدة، وفي كل مصيبة يظهر الديناصور في التلفزيون ليشرح آراءه عن الحياة، وبالطبع، يحرص كل مرة على أن يبلغ عائلته من الديناصورات والسحالي بميعاد ظهوره في التلفزيون.
الشيء المؤكد أن الديناصور سعيد الآن.
كتب نائل ورسم مخلوف