في الساعات الأولى من يوم 7 أبريل/نيسان، شهد اليمن تغييرًا سياسيًا دراماتيكيًا، حيث أعفى الرئيس عبدربه منصور هادي نائبه علي محسن الأحمر وأعقب الخطوة نقل السلطة التي تولاها على مدى العقد الماضي إلى مجلس رئاسي. أُعلن عن تشكيل المجلس المؤلف من ثمانية أعضاء، والمعروف رسميًا باسم “مجلس القيادة الرئاسي”، من الرياض، حيث اجتمعت الأطراف اليمنية المنضوية تحت التحالف المناهض للحوثيين في إطار مشاورات رعاها مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية.
يجمع المجلس الرئاسي الجديد بين فصائل مختلفة من التحالف المناهض للحوثيين، ويرأسه رشاد العليمي وزير الداخلية الأسبق. أما الأعضاء السبعة الآخرين فهم: محافظ مأرب سلطان العرادة، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي، وقائد المقاومة الوطنية طارق صالح، ومدير مكتب رئاسة الجمهورية عبدالله العليمي، ومحافظ حضرموت فرج البحسني، وقائد ألوية العمالقة عبدالرحمن أبو زرعة، وعضو مجلس النواب عثمان مجلي.
يتناول كبار خبراء مركز صنعاء، ماجد المذحجي وميساء شجاع الدين وعبدالغني الإرياني، التغيّرات الأخيرة في قمة هرم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، ويستشرفون على ضوئها مستقبل الصراع في اليمن.
على المجلس أخذ أهبته للحُكم والتفاوض والقتال
ماجد المذحجي
يُعد إنشاء مجلس رئاسي جديد خطوة إصلاحية كانت تحتاجها الحكومة منذ فترة طويلة. فَقَد الرئيس عبدربه منصور هادي دعم كافة الأحزاب تقريبًا التي أيدت المعركة الدائرة لاستعادة السلطة الشرعية. في عهده، خسرت الحكومة مناطق مهمة لصالح قوات جماعة الحوثيين على مدى العامين الماضيين. كان هادي يزداد ضعفًا، وفي منأى عن مهام منصبه، الأمر الذي أصبح معه إشكالية خاصة مع بلوغ الصراع مؤخرًا نقطة تحوّل حاسمة. وبعد مُضي سبع سنوات من أكثر الحروب دمارًا، بدأ سريان هدنة غير مسبوقة لمدة شهرين، تشمل -ضمن تدابير بناء الثقة -تخفيف الحظر المفروض على دخول شحنات الوقود إلى ميناء الحديدة وإعادة تسيير الرحلات الجوية التجارية من وإلى مطار صنعاء. شكل تعليق العمليات القتالية مصدر ارتياح كبير بالنسبة لليمنيين، إلا أن التجارب السابقة أظهرت مدى هشاشة مثل هذه الاتفاقيات. وإن كان هناك وقت لإظهار أساسيات القيادة، فهو الآن.
جمع المجلس الجديد المكون من ثمانية أعضاء شخصيات بارزة تُمثل مختلف القوى العسكرية في الميدان تحت مظلة واحدة. ويرأسه سياسي متمرس هو رشاد العليمي، المعروف لدى جميع الأطراف. وهناك وفاق مع الجهات الفاعلة الخارجية التي تُعد الداعم الرئيسي للحكومة -السعودية والإمارات -فيما يتعلق بتشكيل المجلس الجديد، فغياب شخصية تُمثل حزب الإصلاح يعكس بوضوح رغبة سعودية في مراعاة الشواغل الإماراتية. بعبارة أخرى، هذه هي الخطوة الأكثر جدية منذ سنوات نحو معالجة الأسباب الجذرية للانقسامات الداخلية والخارجية التي شلّت سياسات الحكومة وعرقلت أداءها.
وفقًا لتوجيهات السعودية والإمارات، يواجه المجلس سيناريوهين: الأول يتضمن التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين لتمديد الهدنة واستغلالها كأساس لتسوية سياسية. والثاني يتعلق بانهيار الهدنة -أو انقضاء مدتها ببساطة -ما سيتطلب النظر في الخيار العسكري مجددًا. لا يخفى على أحد أن السعودية، وبتشجيع قوي من الولايات المتحدة الأمريكية، حريصة على الخروج من الحرب، وهو ما انعكس في إعلان هادي الذي نوّه إلى وجود هدف للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار والتفاوض من أجل إحلال السلام. ماطل الحوثيون في المحادثات لأكثر من عام، في الوقت الذي كانوا يسعون فيه لبسط السيطرة الكاملة على محافظة مأرب ومواردها النفطية. والأمل معقود بأن تتمكن الهدنة المؤقتة من دفع جميع الأطراف، بما في ذلك الحوثيون، إلى إدراك عدم وجود حل عسكري.
وهنا تكمن الأهمية الثانية للمجلس؛ حيث يوضح للحوثيين بأن الحكومة في وضع عسكري يُمكنّها من التصدي لأية محاولات لتغيير الوضع الراهن في مأرب أو أي منطقة أخرى. لكن من دواعي الأسف وجود مؤشرات بالفعل تدل على عودة الحوثيين لنهجهم المعتاد، ويجب أن تكون الحكومة مستعدة لكافة الاحتمالات. فالمكاسب التي حققها الحوثيون كانت نتيجة مباشرة للافتقار إلى التنسيق بين القوات المناهضة لهم، إلا أن التدخل السريع والحاسم لألوية العمالقة في شبوة ومأرب والبيضاء في يناير/ كانون الثاني أظهر ما يُمكن تحقيقه حين يتم تنحية الخلافات جانبًا. هناك احتمال كبير بأن يختبر الحوثيون نوايا المجلس بهذه الطريقة. وثنيهم عن ذلك لن يتطلب فقط ضغطًا سياسيًا قويًا من الأمم المتحدة والولايات المتحدة، ولكن أيضًا وجود وحدة سياسية وعسكرية على الجانب اليمني على غرار ما وعد به المجلس الجديد.
على المدى القصير، سيكون التحدي الرئيسي أمام العليمي هو الحفاظ على وحدة المجلس ونجاعته. النقطة الجوهرية هنا هي عدم وجود قوة عسكرية خاصة به تُسند ظهره في وقت يترأس مجلسًا يتشكل من قادة عسكريين. يمكن أن يعود هذا بالنفع إذا نجح في إدارة العلاقات مع السعودية والإمارات بشكل جيد، وبنى تحالفات تتسم بالشمولية، وعمل بروح جماعية. وهو بحاجة إلى إظهار ثمار ذلك بفرض النظام في المجالين الاقتصادي والأمني داخل الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة وإثبات للشعب أن الحكومة تعرف كيف تحكم مرة أخرى. يتعيّن على المجلس أيضًا إثبات أنه يمتلك القدرة على التفاوض، وإذا لزم الأمر، على القتال.
بقية التقرير على موقع "مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية"