قصة للأطفال عن رمزية ميدان التحرير

ذات يوم، عثر شخص ما على السعادة في ميدان التحرير. كان يتمشى في يوم شتوي مشمس وجميل. استراح قليلاً على الدكة الخشبية المجاورة لتمثال عمر مكرم في الميدان. بجانبه كانت امرأة عجوز تطعم مجموعة من القطط الجائعة، وفجأة شعر بالسعادة.ولأن الرجل كان شديد الإيمان بالتكنولوجيا الحديثة فقد كتب بعد عودته على الفيسبوك قائلاً إنه شعر بالسعادة في ميدان التحرير.في اليوم التالي قرر أصدقاؤه زيارة ميدان
2012-11-14

شارك

ذات يوم، عثر شخص ما على السعادة في ميدان التحرير. كان يتمشى في يوم شتوي مشمس وجميل. استراح قليلاً على الدكة الخشبية المجاورة لتمثال عمر مكرم في الميدان. بجانبه كانت امرأة عجوز تطعم مجموعة من القطط الجائعة، وفجأة شعر بالسعادة.
ولأن الرجل كان شديد الإيمان بالتكنولوجيا الحديثة فقد كتب بعد عودته على الفيسبوك قائلاً إنه شعر بالسعادة في ميدان التحرير.
في اليوم التالي قرر أصدقاؤه زيارة ميدان التحرير للحصول على لحظات السعادة. والسعادة، بدورها، لم تتأخر. ما زلنا في الطقس الشتوي المشمس الجميل، وما زالت العجوز تطعم القطط الجائعة. كتب كل منهم بعد عودته عن السعادة في ميدان التحرير.
في الشهور التالية تحول ميدان التحرير إلى قبلة الباحثين عن السعادة. تدارس المسؤولون فكرة إطلاق اسم ميدان السعادة على الميدان، ولم يتم الموضوع لأسباب بيروقراطية كثيرة. ما علينا، المهم أن الأيام مرت، وبدأ الطقس الشتوي المشمس يتحول إلى ربيعي مترب، ثم صيفي حار وعنيف. وبدأت السعادة تتناقص، لكن رمزية الميدان، كميدان للسعادة، لا تتناقص.
من منا لا يرغب في السعادة؟ من منا لا يرغب في كتيب يحوي تعليمات محددة بكيفية الوصول للسعادة؟ لا أحد. ما زالت الناس تتوافد على ميدان التحرير، وما زالت بقايا من فرحة منكسرة تلوح فيه، فرحة منكسرة يشوبها بعض الخوف، ثم بعض التوتر، ثم بعض الإحباط، ثم الكثير من الاكتئاب. كل هذا والجموع تزور الميدان بوصفه ميداناً مقدساً، تستحضر خيالات قديمة وغامضة ومجردة عن فكرة السعادة، يجتهدون في محاولة الشعور بالسعادة ولا يفلحون. في هذا الوقت قررت الحكومة إطلاق اسم «السعادة» على الميدان، الميدان الذي تحول ليصبح أكثر البقع كآبة على وجه الأرض.
لكن أين ذهبت المرأة العجوز؟ المرأة العجوز تطعم القطط الجائعة في مكان آخر. المرأة العجوز تعرف أنه يمكنها إطعام القطط في أي مكان. وجميع الناس، باستثناء الحمقى طبعاً، يعرفون هذا الأمر.


كتب نائل ورسم مخلوف