مع نهاية الحرب العراقية- الإيرانية عام 1988، رُفع الدعم عن القطاع العام ومن ضمنه المؤسسة التعليمية، وتم تأسيس أولى الجامعات الأهلية الخاصة سنة 1988، "كلية التراث الجامعة"، وتلتها عدة جامعات أُخرى.
وهناك قانون ينظّم عمل التعليم الأهلي، ويتمّ تأسيس الجامعة أو الكليّة عبر طلب يقدّمه المستثمر ويرفعه وزير التعليم العالي إلى مجلس الوزراء، بعد استكمال متطلّبات التسجيل.
ومنذ 2003، برزت مشاريع لخصخصة القطاع العام إجمالاً، ولكن الأوضاع المضطربة في البلاد أجلت تنفيذها، حتى انطلق في 2011 عدد كبير من الجامعات الأهلية (1) في البلاد، فبلغ عددها (حسب ما ذكر في موقع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي) 75 جامعة وكلية، معترف بها كليا أو جزئيا، وهناك كليات في طور التأسيس وبعضها الآخر مؤسس لكن غير معترف به.
التعليم الخاص يطال كل المستويات
حدثت سلسلة من الإضرابات النقابية التي منعت خصخصة عدد من المؤسسات، لكن انتشار التعليم الخاص ازدهر، وخصوصاً بسبب ما خلفته الحروب من دمار للبنى التحتية في أغلب المؤسسات التعليمية الرسمية. وهذا شمل المدارس (الابتدائية والثانوية). وبينما تحدد وزارة التربية والتعليم سلسلة شروط لمنح الإجازة لفتح مدرسة أهلية، تكون هي بالمقابل عاجزة عن الإشراف التام عليها وتطبيق التعليمات. وبالاخص أن هناك "تسهيلات" توفرها أموال المستثمر على حساب الرصانة.
وفق وزارة التربية، فإن عدد المدارس الأهلية في البلاد بلغ أكثر من 1300 مدرسة، مبينة أن عام 2015 وحدهُ شهد افتتاح أكثر من 200 مدرسة. وتتصدر محافظة البصرة وفق ما صرحت به وزارة التربية والتعليم بقية المحافظات بعدد تلك المدارس.
برزت مشاريع لخصخصة القطاع العام إجمالاً، أجلت تنفيذها الأوضاع المضطربة، حتى انطلق في2011 عدد كبير من الجامعات الأهلية في البلاد، بلغ 75 جامعة وكلية، معترف بها كليا أو جزئيا، وهناك كليات في طور التأسيس وبعضها الآخر مؤسس لكن غير معترف به.
دور الإشراف التربوي إذاً شكلي بالنسبة للمدارس الأهلية، كما أن العقوبات التي يمارسها هذا الإشراف على المدارس الحكومية في حالة التقصير، مثل تأخير العلاوة أو توجيه إنذار أو التوبيخ، لا قيمة لها للمدرس في المدرسة الأهلية، فلا سلطة للوزارة عليه.
مفهوم القطاع الخاص في العراق
11-04-2019
وهناك ماكينة إعلامية وترويجية للتعليم الخاص بكل مستوياته تستغل النواقص التي تعاني منها المدارس والجامعات الحكومية وتستعرض الخدمات التي يقدمها التعليم الأهلي والتي تعتبر عنصر الجذب بالدرجة الأولى، مثل خطوط النقل ووجبة الطعام والمباني الحديثة والجيدة، وما يشاع عن ذلك "النجاح المؤكد"، بلا جهد أحياناً!
ووفق وزارة التربية، فإن عدد المدارس الأهلية في البلاد بلغ أكثر من 1300 مدرسة، مبينة أن عام 2015 وحدهُ شهد افتتاح أكثر من 200 مدرسة. وتتصدر محافظة البصرة وفق ما صرحت به وزارة التربية والتعليم بقية المحافظات بعدد تلك المدارس.
الأسباب والدعاية
الإهمال الحكومي للقطاعات التعليمية الرسمية متعمد، فالتعليم يندرج عادة في مشروع نهضوي ووطني عام، وهو غير قائم في العراق الذي اجتاحه منطق المحاصصات. وبغياب ذلك يصبح المقياس في التقييم مختلفاً، فيرى الطالب انه في المدارس والجامعات الأهلية الصفوف مرتبة والمقاعد مريحة وتوفر الوسائل التي يحق لجميع الطلبة الوصول اليها، فتصبح تلك هي القيمة، على الرغم من الكلفة الباهظة لهكذا تعليم.
ووفقاً لتقارير مختلفة، فإن النسبة الإجمالية للالتحاق في التعليم العالي في العراق تزداد، وبحسب مؤشر التعليم لدى الجهاز المركزي للإحصاء - وزارة التخطيط للعام 2019 - 2020 فإن عدد المتخرجين من الدراسات الجامعية الأولية - الجامعات الحكومية بلغ 107.854، بينما بلغ عدد المتخرجين من الدراسات الجامعية الأولية -الكليات الأهلية 27.368. وقد ذكر وزير التخطيط العراقي "خالد بتال" في تصريح صحافي لوكالة الأنباء العراقية بأن حصة التعليم الجامعي الأهلي في العراق قد بلغت حوالي 30 بالمئة من الطلبة المقبولين سنوياً، وشدد على أن الهدف هو أن تقوم وزارة التعليم العالي بدعمٍ من الطبقة السياسية العراقية برفع هذه النسبة إلى 50 بالمئة ! (2)
وكما تعكس حالة التوسع الذي تشهدها الكليات الأهلية ترهل الجامعات الحكومية وسياسة القبول المتخبطة عدداً ونوعاً والخاضعة لضغوط أعضاء من مجلس النواب والإجراءات غير العادلة والتمييزية، فإن انتشار ظاهرة الغش في الامتحانات الحكومية للدراسة الثانوية وحصول آلاف الطلبة على معدلات كاملة، يجعل من الصعوبة توزيع الطلبة بصورة عادلة على الاختصاصات الجامعية المختلفة.
تطييف التعليم في العراق
10-08-2012
التعليم في العراق: الجامعات بين العمامة والطربوش
18-09-2013
وهذا يشجع العديد من الطلبة على اللجوء للتعليم الأهلي لضمان الدراسة في تخصص يرغب فيه الطالب. ومن جهةٍ أخرى أدى النفوذ السياسي الى ازمات مشهودة، فالجامعات الأهلية غير المعترف بها من قبل الوزارة تسببت بتظاهرات طلابية في محافظة ذي قار قبل عامين، حين رفضت الكلية منح الشهادات إلى عدد من الخريجين بحجة تدقيقها من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بينما انفق الطلاب مبالغ كبيرة للحصول على شهادات اختصاص وبخاصة في هندسة الحاسوبات. وبعد اكتمال السنوات الأربع، يتبيّن أنّ الكليّة غير معترف بها، وشهاداتها لا تساوي شيئاً في سوق العمل.
قال وزير التخطيط العراقي بأن حصة التعليم الجامعي الأهلي في العراق قد بلغت حوالي 30 في المئة من الطلبة المقبولين سنوياً، وشدد على أن الهدف هو أن تقوم وزارة التعليم العالي برفع هذه النسبة إلى 50 في المئة
وما تزال الكليات والجامعات في العراق غير قادرة على تلبية الحد الأدنى من المتطلبات المنصوص عليها في لوائح الاعتماد الدولي، وجامعاتنا اليوم ليست في وضع يمكنها من تحديد مكانها حتى بين الجامعات العربية وجامعات "الدرجة الثالثة" في العالم.
كورونا
طلبت وزارة التعليم العالي من الجامعات الأهلية منح تخفيض في التكاليف لا تقل عن 20 في المئة منها. لكن بعض الجامعات الأهلية لم تلتزم بذلك ولم تحرك الوزارة ساكناً بحجة استقلالية الكليات الأهلية الاقتصادية عن الوزارة. بل اتخذت بعض الجامعات قراراً بغلق الإيميلات الجامعية للطلبة المتعذرين عن دفع الاقساط، وطردت عدداً منهم وحرمتهم من الامتحانات وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تراكمات مالية ضخمة حيث ستطالب الكلية الطالب بدفع رسوم السنة السابقة ملحقة برسوم السنة الحالية "المعادة" .
تعكس حالة التوسع الذي تشهدها الكليات الأهلية ترهل الجامعات الحكومية وسياسة القبول المتخبطة عدداً ونوعاً والخاضعة لضغوط أعضاء من مجلس النواب والإجراءات غير العادلة والتمييزية، فإن انتشار ظاهرة الغش في الامتحانات الحكومية للدراسة الثانوية وحصول آلاف الطلبة على معدلات كاملة، يجعل من الصعوبة توزيع الطلبة بصورة عادلة على الاختصاصات الجامعية المختلفة.
وهكذا عاد الى الواجهة النضال من أجل مجانية التعليم كحق! وهو التعليم الذي عرفه العراق منذ تأسيس الدولة الحديثة فيه في العام 1920، أي قبل أكثرمن قرن من الزمن.
1 - ومنها، ولعلها الاحدث، الجامعة الامريكية في بغداد، التي خصص لمبناها قصر "الرضوانية"، والحدائق والمساحات المحيطة به، وهو أحد قصور صدام حسين في قلب نهر دجلة.
2 - وكالة الانباء العراقية، في 10-8-2021 https://www.ina.iq/132464--50-.html