في الهوية والتّيه.. حروف أولى لفهم تعقيدات المشكلة اليمنية

محاولة لقراءة دينامية حركة المجتمع اليمني، والتقاط "منطقه" الخاص. محاولة متحررة من اجترار أفكار ومقولات تُكرَّر بكسل ولا تضيء روح الواقع... عسى النص يستثير أسئلة، وهو يستحق بالتأكيد اثارة النقاش الضروري لفهم "ما يقع لنا".
2022-02-15

لطف الصَّرَاري

قاص وصحافي من اليمن


شارك
عمر ابراهيم -سوريا

إحدى العُقَد الكبرى غير المرئية في مشكلة اليمن تكمن في التعريف المتعدد حد التناقض بهويته الحقيقية. صحيح أن "الهوية" لفظ فضفاض، لكن في حالة اليمن، بواقعه وجغرافيته السياسية الراهنين، يمكن أن يكون لهذه الكلمة مفعول وثيقة سلام دائم إذا ما تم تعريفها بصورة دقيقة. سلام يكتسب متانته من الوضوح الشديد في تعريف مكونات المجتمع وطبيعة السلطة/ السلطات السياسية ودورها في تنظيم علاقات المجتمع اليمني عبر العصور.

 قد لا يعني "التعريف" إعادة كتابة التاريخ، لكنه بالضرورة يقتضي إعادة النظر في السرديات التاريخية التي لم تكفّ عن تنميط مجتمع كبير وشديد التنوع، وقسره على التجانس، دون إدراك لحدود تنوعه وتجانسه. قبل كل شيء، يحتاج اليمن لصياغة سردية تاريخية أكثر منهجية ووضوحاً من تلك المنقولة من المخطوطات، وتنقية ما شاب عملية النقل من تحريفات بدافع التحيّز أو الجهل بالتاريخ. سردية تلامس الوقائع التاريخية بأبعادها السياسية، الثقافية والاجتماعية، والأهم من ذلك، تخفيفها من حمولة المراثي وهمة الانتقام المشحوذة على الدوام، ومن أوهام ثنائيات النصر/ الهزيمة، "الأصل/ الفرع"، و"السيد/ العربي"، ومؤخراً ثنائية "أقيال"/ "آل البيت".

على تعاقب السلطات المتعددة التي حكمت اليمن، ظل تاريخه، المدون والمحكي، يحمل بذوراً لحروب تتناسل من المظالم والانتقامات، ومن تضارب نزعة الهيمنة مع النزعة الاستقلالية، وهما نزعتان وفيرتان في جينات الإنسان عموماً، وليس اليمني استثناءً عدا في ما يتعلق بخصوصية بيئته وثقافته.

ثنائية الشمال والجنوب

في دوامة أسئلة الهوية اليمنية تتشابك عدة ثنائيات أبرزها شمال/ جنوب، ولكل منهما تعقيداته المتفرعة في الجغرافيا الطبيعية والجغرافيا السياسية. هناك الثابت بطبيعته، والمتحول بطبيعة التنافس والصراع منذ الممالك القديمة، وتطوراتهما عبر الزمن، وصولاً إلى الحرب الدائرة اليوم. 

يحتاج اليمن لصياغة سردية تاريخية أكثر منهجية ووضوحاً من تلك المنقولة من المخطوطات، وتنقية ما شاب عملية النقل من تحريفات بدافع التحيّز أو الجهل بالتاريخ. سردية تلامس الوقائع التاريخية بأبعادها السياسية، الثقافية والاجتماعية، والأهم من ذلك، تخفيفها من حمولة المراثي وهمّة الانتقام المشحوذة على الدوام، ومن أوهام ثنائيات النصر/ الهزيمة، "الأصل/ الفرع"، و"السيد/ العربي"، ومؤخراً ثنائية "أقيال"/ "آل البيت".

الثابت والمتحول نفسه على مستوى فاعلية القوى الإقليمية والدولية في تأجيج الصراع أو نزع فتيله، منذ عصر الاستقرار والثراء اللذان لم يدوما طويلاً بعد عثور الرومان والساسانيين على سرّ غنى البلد المعزول. وفصل أي نزاع أو استقرار يحدث أو يتحقق في اليمن، عن عوامله الإقليمية والدولية، هو خطأ منهجي فادح في قراءة الوضع الراهن للبلد، وبالمثل، قراءة تاريخه السياسي والثقافي والاجتماعي.

التوحيد القسري

 في المرات القليلة التي تم فيها توحيد اليمن، لم يكن سفك الدم والظلم وسحق المهزوم، سياسياً واقتصادياً وثقافياً، بمنأى عن تحقيق المجد الوحدوي، كما لم تكن العوامل الإقليمية والدولية بمعزل تماماً عن الأحداث الكبرى في "العربية السعيدة".

  أقدم ذكر أثري لتوحيد اليمن جاء في "نقش النصر" الذي أمر بتدوينه الملك السبئي كَرِب إيل وَتَر/ وتار في القرن الثامن قبل الميلاد. وتفيد شواهد متطابقة من كتابات الآثاريين اليمنيين وغير اليمنيين، بأن حرب التوحيد تلك ما كانت لتنجح لولا تحالف ثلاث ممالك اتحادية (سبأ، قتَبان وحضرموت)، ضد مملكتين في الاتحاد نفسه: أوسان ومعين. قامت الحرب على إثر تشكيل المملكتين تحالفاً اقتصادياً في بداية الأمر، على الرغم من أن التحالفات الاقتصادية بين الممالك الخمس كانت تتم بسلاسة في معظم الأحيان. كان لدى الملوك و"الأقيال" و"الأذواء"[1]، نظاماً للتعايش لا يقوم فقط على الدين واللغة، بل أيضاً على مراعاة المصالح الاقتصادية والاعتبارية لكل مستويات الطبقات الاجتماعية التي تشكل قوام الدولة. أما نواة هذا النظام ومرتكزه الأساسي، فكانت القبيلة. ولأن مملكة "أوسان" اقتطعت أثناء تحالفها مع "معين" أراضٍ تابعة للمملكتين الحليفتين لـ"سبأ"، تم القضاء على أوسان إلى الأبد. ظل ذلك شرخاً في الهوية اليمنية الاتحادية حتى اليوم، وهو أحد الشروخ التي يبدو أنها بحاجة لترميم عصري ومنقّى من بذور الصراع تماماً. إذ ما تزال عدن، تعز والحديدة، أضعف حلقة في الكيان اليمني، وطالما عبرت من خلالها جيوش الغزاة والمحتلين إلى كل البلاد.

 أما في الشمال، فلطالما كانت العلاقة متوترة بين "عرب الصحراء" و"عرب الماء"، لكن اليمن أُغفل تماماً من ذاكرة الزمن العربي، وبالتالي ذاكرة الزمن البشري. ليس على الواقع، بل في أذهان الباحثين الحداثيين المختصين أو المهتمين بتاريخ المنطقة العربية. غالباً ما تم استكشاف اليمن والبحث في تاريخه، بمعزل عن محيطه الإقليمي والدولي، لذلك ظل بلداً مجهولاً للغالبية العظمى من سكان الكوكب على مدى مئات السنين.

لطالما كان اليمن مجزّءاً طوال تاريخه، وكلما ظهر قائد قوي من أحد مراكز القوة الرئيسية في البلاد، يعود حلم الوحدة السياسية إلى السطح، فيقع الحلم بين مؤيد ومعارض ومتردد. وفي المرات التي تحققت فيها الوحدة الكاملة، كانت الحرب أداتها. وحدة العام 1990، تكاد تكون الوحيدة التي تحققت سلمياً منذ وحدة "كَرِب إيل وتَر"، ومع ذلك، لم تمض أربع سنوات حتى احتشدت آلة الحرب تحت شعار "الوحدة أو الموت"!

  ما أن انتهت حرب 1994، حتى بدأت الاحتجاجات تتشكل من العسكريين والسياسيين الجنوبيين الذين تمّ إقصاؤهم من مراكزهم في الدولة وقطع مرتباتهم، ثم ما لبثت الاحتجاجات أن أخذت طابعاً شعبياً تحت وطأة استئثار قلة نافذة في الشمال، وأقل منهم في الجنوب، بالسلطة والثروة. 

نضجت تلك الاحتجاجات بإعلان تأسيس "الحراك الجنوبي السلمي" في 2007، وتخلقت في العام 2011، حين تلقى الجنوب اليمني تأكيداً آخر على أن أغلبية النخب السياسية والقبلية في الشمال، لا تكترث لأصوات مثقفيه وناشطيه السياسيين والمدنيين، المطالِبة بالعدالة والحلّ المنصف لـ"القضية الجنوبية". وعلى الرغم من توحّد شعارات ثورة شباط/ فبراير 2011، المطالِبة بـ"إسقاط النظام"، تأخر سياسيو الشمال الذين كانوا يطالبون بانتخاب أو تصعيد "رئيس جنوبي" للجمهورية الموحدة، في إدانة آلة القمع الأمني والعسكري التي كانت تمعن في قتل المحتجين في عدن أكثر من أي مدينة أخرى. كان ذلك قبل أن يطلق نظام الرئيس علي عبدالله صالح آلته القمعية على المحتجين السلميين في كل المدن التي تشكلت فيها ساحات الاعتصام المفتوح، دون تفريق بين شمال وجنوب. لاحت في تلك الفترة فرصة لترميم الشروخ التي أحدثتها حرب 1994، وكان جزء كبير من شركاء الرئيس صالح في تلك الحرب - وفي السلطة والثروة بعدها، يتقافزون من قطاره المحصّن إلى واجهة الاحتجاجات الشعبية المحتشدة على امتداد سكّته.

 من حيث كثافة المحتجين، كانت صنعاء، تعز وعدن، أكثر المدن تأثيراً في ثورة شباط/ فبراير 2011، لكن عدن توارت لاحقاً عن مشهد الثورة ضد النظام إلى الثورة من أجل الانفصال واستعادة دولة الجنوب التي كانت قائمة قبل العام 1990. حدث ذلك بعد التمثيل "الديكوري" (الشكلي أو التزييني) لـ"الحراك الجنوبي" في "المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية" الذي تشكّل في صنعاء (آب/ اغسطس 2011) باسم القوى الثائرة ضد صالح في عموم اليمن. غير أن المؤثر الرئيسي في اتخاذ الرئيس صالح قرار تسليم السلطة لنائبه "الجنوبي" وتقاسُم "حكومة الوفاق" مع تكتّل أحزاب "اللقاء المشترك" المعارِضة، فكان الضغط القبَلي. إذ قبل شهر فقط، من تشكيل "المجلس الوطني"، تمّ تشكيل "تحالف قبائل اليمن" برئاسة "حاشد"، التكتل القبلي الأقوى في البلاد، لكن قبائل الجنوب لم يكن لها تمثيل وازن في هذا التحالف أيضاً. وهكذا رأى الجنوب، بنخبه السياسية والقبلية، حجم التمثيل "الديكوري" له في ثورة شباط/ فبراير 2011، التي تركز ثقلها وفاعليتها في الشمال. أما على المستوى الثقافي، فتزايدت الحساسية لدى المثقفين في الجنوب تجاه إصرار النخبة الثقافية في الشمال، على اعتبار الوحدة "خط أحمر".

  في الواقع، كانت الفجوة، وما زالت، بين مثقفي الجنوب والشمال تتسع على هذا الأساس، على الرغم من التنكيل الذي لاقاه صحافيون وكتّاب كثر في الشمال من قبل سلطة صالح، على خلفية تبنيهم مطالب "القضية الجنوبية". وفي السياق ذاته، يبدو أن قلة قليلة فقط من مثقفي الجهتين، أدركوا أو باتوا يدركون، أن ثمة سبب لاتساع هذه الفجوة يكمن في اللاوعي الجمعي. فعلى سبيل المثال، حين يكتب أو يتحدث مثقف من الشمال عن الفنّ أو غيره من مكونات الثقافة اليمنية الجمعية، يحدث أن ينسى أو لا يكلف نفسه عناء البحث في الرئة الثانية للبلاد. وفي الثقافة الشعبية لليمن عموماً، يقال لمن يخلّ بتوازن عطائه لشخصين عزيزين: "كحّلت عين وعين لا"، ودلالة المثل لا تتوقف عند الإنصاف الفوري في حال النسيان، بل تستوجب الاعتذار وعدم تكرار هذا الإخلال. أما في حال تبريره بصورة غير مقنعة ورفض الاعتذار أو التردد فيه، فذلك يكفي لتعرف العين الأخرى مكانتها في وجه الشخص غير المنصف، بما للوجه من دلالة أعمق في البنية الاجتماعية اليمنية.

القبيلة كشوكة ميزان

في كل زمن تهيأت فيه البلاد للتحول الخلّاق، والاتساق مع التحولات الحضارية في العالم، كان سوء الإدارة السياسية والخوف من الاندماج، من بين عوامل أخرى، يفوّتان الفرصة دائماً. غالباً ما تم تحميل النظام القبَلي والمؤسسة الدينية مسؤولية هذا "التخلّف". والواقع، أن هناك الكثير مما تفوت ملاحظته على الدوام بشأن القبيلة والدين. وأبعد من ذلك، لا يزال التحامل ضدهما واعتبارهما رمزاً لـ"التخلّف"، أحد شروط انتساب المرء لمجتمع المثقفين العضويين.

كان اليمن مجزّءاً طوال تاريخه. وكلما ظهر قائد قوي من أحد مراكز القوة الرئيسية في البلاد، يعود حلم الوحدة السياسية إلى السطح، فيقع الحلم بين مؤيد ومعارض ومتردد. وفي المرات التي تحققت فيها الوحدة الكاملة، كانت الحرب أداتها. وحدة العام 1990، تكاد تكون الوحيدة التي تحققت سلمياً.

رأى الجنوب، بنخبه السياسية والقبلية، حجم التمثيل "الديكوري" له في ثورة شباط/ فبراير 2011، التي تركّز ثقلها وفاعليتها في الشمال. أما على المستوى الثقافي، فتزايدت الحساسية لدى المثقفين في الجنوب تجاه إصرار النخبة الثقافية في الشمال، على اعتبار الوحدة "خط أحمر".  

 والحال أنه مع تزايد الوعي ونسبة التحاق أفراد المجتمع بالتعليم الحديث والانفتاح على العالم الخارجي، تشكلت حركة وطنية انخرط فيها المئات من أبناء القبائل المؤثرة والقادرة على قلب أي معادلة سياسية لصالح الطرف الذي تقف إلى جانبه. روّاد وأعضاء تلك الحركة هم الذين قادوا ثورتي أيلول/ سبتمبر 1962 ضد نظام الإمامة، و14 تشرين الأول/ أكتوبر 1963 ضد الاستعمار البريطاني. كانوا في معظمهم على قدر ضئيل جداً من التعليم الحديث، ناهيك عن المتخصص، وهذا أحد المؤشرات التي لا تُقرأ جيداً في التطور التاريخي الذي تسارعت وتيرته بعد الثورتين بقيادتهم، وبالشراكة مع زعماء القبائل الذين كان غالبيتهم العظمى أمّيين أو بالكاد يفكّون الخط، في أفضل الأحوال. أمّيون، لكنهم دهاة حكم، ولديهم من الحكمة والخبرة السياسية ما يجعلهم ينافسون "مجلس الشيوخ" في أي بلد، لولا نقطة ضعفهم شديدة الهشاشة، هي في الواقع ثلاث نقاط وليست واحدة: قبول المال السياسي الأجنبي، الجشع في حيازة الأراضي، والتماهي مع سلوك العزلة المزمن.

مقالات ذات صلة

لا يمكن أن تفوت على القارئ الحصيف للتاريخ اليمني والباحث فيه، ملاحظة أنه على الرغم من انقسام بنية النظام السياسي القبَلي في شمال اليمن، بين الملَكية الإمامية ونظام الجمهورية، إلا أن الأخير هو ما رأت فيه القبائل ضامناً لمصالحها الخاصة والعامة. لولا ذلك لما تمكن الشيخ عبد الله ابن حسين الأحمر من إقناع الشيخ أحمد علي المطري والشيخ قاسم منصّر وغيرهما من زعماء قبائل "طوق صنعاء"[2]، بالانضمام للصف الجمهوري. هذا الاستقطاب، الذي مارسه أيضاً مشائخ جمهوريون آخرون، كان أحد أهم الأسباب في رجحان كفة الجمهورية واستمرارها، كما كان بالمقابل، أحد أهم أسباب انفجار الصراع الدامي في "أحداث آب/ أغسطس 1968"، بين القوى القبلية والقوى الحديثة - عسكريين ومدنيين. احتكرت القوى الحديثة (المثقفون) زعامة الحركة الوطنية، فيما احتكرت القوى القبلية زعامة السلطة السياسية والعسكرية والدينية. وبعد جولات من العنف العسكري، تفنّن كل طرف في شيطنة الآخر حرفياً. الأمر نفسه حدث للجمهورية في الجنوب، مع فارق أن الغلبة كانت للقوى الحديثة. وعلى امتداد السنوات السابقة للعام 1990، احتضنت دول الجوار وأخرى في أنحاء العالم، المهاجرين واللاجئين من سلاطين ومشائخ الجنوب، وبالمثل، أعضاء الحركة الوطنية الناجين من القبضة الأمنية لسلطة صنعاء.

حرف أخير

 الحديث عن الهوية اليمنية في الزمن الراهن، يقود بتكرار إلى نقاط مفصلية في تاريخ البلد، وأكثرها أهمية في الظروف السياسية القائمة هي ثنائية: شمال/ جنوب. لكن بدون شعار "الوحدة أو الموت"، أو العبث بتأويل شعار "الوحدة قوة". ثم هناك المعطيات الراهنة التي أفرزتها السنوات السبع الماضية من الحرب الدائرة إلى اليوم، وأكثرها تدميراً، ثنائية: "أقيال"/ "هاشميون".

كان زعماء القبائل في غالبيتهم العظمى أمّيين أو بالكاد يفكّون الخط. أمّيون، لكنهم دهاة حكم، ولديهم من الحكمة والخبرة السياسية ما يجعلهم ينافسون "مجلس الشيوخ" في أي بلد، لولا نقطة ضعفهم شديدة الهشاشة، هي في الواقع ثلاث نقاط وليست واحدة: قبول المال السياسي الأجنبي، الجشع في حيازة الأراضي، والتماهي مع سلوك العزلة المزمن.

على الرغم من انقسام بنية النظام السياسي القبَلي في شمال اليمن، بين الملَكية الإمامية ونظام الجمهورية، إلا أن الأخير هو ما رأت فيه القبائل ضامناً لمصالحها الخاصة والعامة. لولا ذلك لما تمكن الشيخ عبد الله ابن حسين الأحمر من إقناع الشيخ أحمد علي المطري والشيخ قاسم منصّر وغيرهما من زعماء قبائل "طوق صنعاء"، بالانضمام للصف الجمهوري. 

لا يدرك نشطاء حركة "الأقيال" الآخذة بالتخلق منذ مقتل الرئيس صالح في كانون الأول/ ديسمبر 2017، ومثلهم نشطاء حركة الحوثيين، أن خطاب "أقيال/ آل البيت" هو أقرب الطرق إلى جهنّم بالمعنى الحرفي، دنيوياً قبل الاعتبار الديني. كما أن هذا هو الوجه الآخر لطابع الاقتتال في المنطقة العربية ومحيطها الإسلامي في سياق ثنائية "سنّي/ شيعي"، وهو الخطاب الذي لا تزال كبريات وسائل الإعلام الدولية، تروّجه، على مستوى وصف إيران مثلاً بـ"الدولة الشيعية" والمملكة العربية السعودية بـ"الدولة السنّية".

مقالات ذات صلة

ربما حان الوقت لتتبنى وسائل الإعلام المستقلة في اليمن والمنطقة العربية ومحيطها، أنساقاً من الخطاب الإعلامي أكثر نباهة وحساسية تجاه نذالة السياسة الدولية في المنطقة عبر التاريخ القريب والبعيد. وبالتوازي مع ذلك، التنبّه لما يعنيه التطبيق الفعلي لمبدأ "خفض التصعيد" من فرصة لسماع أنّات المجروحين، وقصص حياتهم الحقيقية. غالبية اليمنيين اليوم يتلمسون هويتهم بحذر منقِّب آثار، بينما تتصدر نتف التاريخ المشرقة والقاتمة وسائل الدعاية الحربية، كما لو أنها حقائق كاملة. 

______________

[1 ] الأقيال: جمع "قِيل" وهو لقب قديم لزعيم قبيلة كبيرة أو تحالف قبلي محدود، وأدنى منه مرتبة لقب "ذُو" وجمعه "أذواء"، وكلا اللقبين تحوّرا مع مرور الزمن، واختُزلا في لقب "شيخ".

[2 ] سبع قبائل مقاتلة محيطة بصنعاء العاصمة، غالباً ما تقف إلى جانب الطرف الأكثر إقناعاً لها، فترجح كفة أي صراع على السلطة بدون أن تشهد المدينة عمليات قتالية. 

مقالات من اليمن

للكاتب نفسه