ليست كلّ الثلوج نقيّة

2022-01-20

شارك
مخيمات اللجوء في شمال شرق سوريا

ليست جميلة تلك الثلوج إلا عندما تقترن بنقيضها: الدفءُ إذ يشعره المرء حين ينظر إلى صوره أو حين يمشي وسط بياضه. الموقد والمعطف والبيت كلهم ضروريون لنقدّر، بأمانٍ، جمال تلك الثلوج، التي تستحيل ضيفاً ثقيلاً جداً، بل نقمة أو خطراً داهماً، عندما تحلّ بالفقراء والنازحين واللاجئين في المخيمات.

يعود موسم الصقيع هذا العام، مع عاصفة مطوّلة تضرب سوريا ولبنان وبلدان المنطقة، هي الأشدّ قسوة وبرودة منذ ثلاثين عاماً، بدأت في 18 كانون الثاني/ يناير 2022، وتستمرّ لأيام، لتتجدد حسب بعض التوقعات والأرصاد، حاملة الثلوج ودرجات الحرارة المنخفضة والرياح العاتية. حلّ هذا البرد كله في وقتٍ يشهد فيه كل من لبنان وسوريا أقسى الظروف الاقتصادية والحياتية على سكانهما من مواطنين ومقيمين.

تنوء العائلات الفقيرة أو اللاجئة بالعبء الأثقل، بالطبع، في بلد كلبنان، يشهد أصلاً ارتفاعاً حاداً ومتدحرجاً في أعداد الفقراء بسبب كارثته الاقتصادية، وترتفع فيه أسعار المازوت والغاز بشكل جنوني، حتى صار سعر قاروتين من الغاز يتخطى الحدّ الأدنى للأجور! أما تحالف قلة الحيلة مع الجليد، فرعب خالص لمن هم بلا مأوى مناسب... المعدمون في بيوتٍ متهالكة، أو في منازل التنك، أو في خيم اللجوء التي لا تقي برداً أو حراً (تشهد مخيمات منطقة عرسال أياماً متتالية من الحرارة ما دون الصفر!). تنعدم التدفئة مع التقشف في استعمال الغاز والمازوت (إن وجد)، ومع استمرار التقنين الحاد في الكهرباء – لمن يمتلك بيتاً! أما في المخيمات، فقد لجأ سكانها كما سكان البيوت التي لا تحتمل كلفة المحروقات إلى تحطيب الأشجار بشكل واسع، كما في عكار في شمالي لبنان...

في سوريا، تضرر نحو 47 مخيماً للنازحين شمال غربي البلاد خلال الموجة الأولى من العاصفة، وسط ضعف الاستجابة في إغاثة المخيمات التي يقطنها أكثر من مليون ونصف نازح.

أمّا في العراق، فقد حلت المأساة بمخيم "آشتي" في محافظة السليمانية، بوفاة طفلين من المخيم جراء البرد القارس! وقبل ذلك، ضربت محافظة أربيل في كردستان العراق سيول جارفة. في مخيمات النزوح، حيث تُفتقد المقومات الأساسية للحياة، يشكو النازحون من عدم إيصال المحروقات إليهم! وفي غياب السلطات، أطلق عراقيون عبر حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي نداءات استغاثة لإنقاذ النازحين في المخيمات بمحافظات إقليم كردستان العراق ونينوى والأنبار، ماثلتها مبادرات شخصية وحملات إغاثة في لبنان وسوريا...

مقالات ذات صلة

لكن، في ظلّ وجود ملايين الأشخاص في منطقتنا الذين يحتاجون لاستجابة طارئة لأوضاعهم، فقراء كانوا أم نازحين، هل تكفي كل النوايا الحسنة في الدنيا – وحدها - لإغاثتهم؟ لتفادي مآسٍ أخرى؟ نسأل أنفسنا بخفرٍ وإحراج كلما أعجبَنا جمالُ صور الثلوج وأجواء الدفء البخيل الذي لا يخطو عتبات الجميع...   


وسوم: العدد 483