"دعاية" حرية التعبير في البحرين

"تؤدي الصحافة رسالتها بحرية واستقلال، وتستهدف تهيئة المناخ الحر لنمو المجتمع وارتقائه بالمعرفة المستنيرة وبالإسهام في الاهتداء إلى الحلول الأفضل في كل ما يتعلّق بمصالح الوطن وصالح المواطنين". هذا ما يرد في المادّة 27 من قانون الصحافة والطباعة والنّشر البحريني، لكنّ القانون شيء وتطبيقه شيء آخر. قبل أيّام أعلنت السلطات في البحرين إيقاف صدور صحيفة "الوسط" فانطلقت حملة
2015-08-13

شارك

"تؤدي الصحافة رسالتها بحرية واستقلال، وتستهدف تهيئة المناخ الحر لنمو المجتمع وارتقائه بالمعرفة المستنيرة وبالإسهام في الاهتداء إلى الحلول الأفضل في كل ما يتعلّق بمصالح الوطن وصالح المواطنين".
هذا ما يرد في المادّة 27 من قانون الصحافة والطباعة والنّشر البحريني، لكنّ القانون شيء وتطبيقه شيء آخر. قبل أيّام أعلنت السلطات في البحرين إيقاف صدور صحيفة "الوسط" فانطلقت حملة تضامن مع الصحيفة. بعض المتضامنين وصفوا الوسط بالصحيفة الوحيدة المستقلّة في البحرين، بينما ذهب آخرون إلى اعتبار إيقافها واحداً من الاعتداءات المتكررة على المعارضة "الشيعية". وفي نفس الوقت كان هناك من رحّبوا بقرار الإيقاف ومن وصل بهم الأمر إلى المطالبة بإلغاء ترخيص الصحيفة نهائيّاً. إيقاف الصدور كان بحجة "مخالفة القانون وتكرار نشر وبث ما يثير الفرقة بالمجتمع ويؤثر على علاقات مملكة البحرين بالدول الأخرى".
#وقف_صحيفة_الوسط Tweets لم يستمر هذا التضامن والتضامن المضاد أكثر من يومين، "أقنعت" خلالهما السلطات القائمين على الصحيفة بتغيير سلوكهم التحريري ليكون متوافقاً مع القانون. وهكذا جاء عدد يوم الأحد (9 آب/ أغسطس) يحمل على صفحته الأولى عناوين من قبيل "استشهاد ثلاثة جنود إماراتيين في اليمن..."، بينما جاء في افتتاحيّة رئيس التحرير أنّ "الوسط" كانت دائماً مخلصة لأهدافها وستبقى كذلك بفضل "القيادة السياسية الحكيمة التي أفسحت المجال لها".
هذه ليست المرّة الأولى التي تتخذ فيها السلطات البحرينية إجراءات قامعة لحرّية التعبير في البلاد، على الرغم من التعهّد بحماية حق التعبير استجابة لتقرير "لجنة تقصي الحقائق" التي تشكلت بُعيد انطلاق انتفاضة "فبراير 2011". صحيفة الوسط نفسها أُوقفت عن الصدور في ذلك العام لفترة قصيرة، واعتقل رئيس تحريرها بتهمة "بث أخبار كاذبة". وفي العام نفسه، حُكم بالسجن مدى الحياة على الأكاديمي والمهندس عبد الجليل السنكيس على خلفية مطالبته عبر مدونته بمزيد من الحريات. في الواقع، تظهِر المؤشرات السنوية لمنظمة "مراسلون بلا حدود" المتعلقة بحرية التعبير أن عامي 2011 و2012 كانا الأسوأ بحرينياً، إذ احتلت المنامة في مؤشر هذين العامين المرتبة 173 من أصل 179 دولة، بينما ومثلاً كانت تحتل مرتبة أفضل نسبياً العام 2008 (96 من أصل 173 دولة). وهي، منذ العام 2014، في المرتبة 163 من أصل 180. هذا "التقدّم" لم يحُل دون اعتقال الشاب منصور الجدعاوي قبل أيام على خلفيّة نشر مقطع فيديو ينتقد فيه أداء وزير الداخليّة، ولم يحُل دون اعتقال المصور أحمد الموسوي وتعذيبه العام الماضي، ولم يحُل دون حجب موقع قناة اللؤلؤة المعارِضة منذ تموز/ يوليو 2015 وحتى الآن، مع مواقع ألكترونية معارضة أخرى.
السلطات البحرينية لا تطيق حتى "الوسط"، وهي صحيفة تأسست في ظلّ مشروع الأمير حمد بن عيسى "الإصلاحي" الذي تمظهر أخيرا بإعلان دستور جديد العام 2002، وتعلن أنها "صحيفة الطرح المتوازن والمستقل". فكيف يستقيم ذلك مع ادعائها بالديموقراطية؟ وصحيفة الوسط تراجعت بهذه "السهولة" لأن الخيارات أمامها كانت كلها مُرّة: التعطيل أولاً، وأيضاً شبح القمع المرعب الذي مورس في البحرين.. حتى ضد أطباء لأنهم عالجوا مصابين، وبتعذيب المعتقلين، رجالاً ونساء، الذي أدانته منظمات حقوق الإنسان كافة في العالم، وبطرد الناس من وظائفهم وتجويعهم وعائلاتهم بناء على وشاية..

 


وسوم: العدد 156

للكاتب نفسه

الفلسطينيون في لبنان وحقّ العمل

ربيع مصطفى 2019-07-21

علاوة على التوظيف السياسوي الطائفي على المستوى الداخلي، يأتي المس بحق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان متزامناً مع محاولات جاريد كوشنر تفعيل "صفقة القرن"، وهي التي تصطدم بعقبات من أهمها...