"قبل قليل قامت مخربة فلسطينية بطعن حارس في مدخل مدينة بيتار عيليت وأصابته بجروح طفيفة حيث تمكن من إطلاق النار عليها". تظهر هذه الجملة على صفحة أفيخاي أدرعي "المتحدث بلسان جيش الدفاع الإسرائيلي للإعلام العربي" على فايسبوك، مرفقة بصورة تُظهر سكين مطبخ ملقى قرب غصن شجرة مقطوع (ولا دماء عليها). هذا البوست يمكن اعتباره إحدى الرسائل المضحكة الّتي يرسلها "المتحدّث" عبر صفحته والتي عادةً ما يتمّ تناقلها عربيّاً مرفقةً بالتّهكم من "بلاهة" الرّجل الذي يصطنع نبرة ودّيّة ويطلق العنان لنفسه بلغة عربيّة غير سليمة، ويحاول إقناعنا بما يريد.. ويحب محمد عساف وحتى عبد الحليم وأم كلثوم، ويناقش الأفلام ويتهضمن، ولا تردعه الشتائم التي يتلقاها!!
على الرغم من ذلك، هناك من استشعر خطراً ما في المتابعة المكثفة للصّفحة من قبل قراء عرب، فأطلق هاشتاغ #قاطع_أفيخاي. المطلوب ببساطة هو إلغاء الإعجاب عن صفحة أدرعي التي لديها قرابة الـ800 ألف متابع!! وهذا أمرٌ يعتبر القائمون على الحملة أنّه لا يمكن بحالٍ من الأحوال أن يكون في إطار (اعرف عدوّك). الفيديو الترويجي للحملة يبدأ بمشهد تمثيلي يدعو فيه شابٌ فلسطيني يؤدّي دور أفيخاي أن يقاطع المشاهدون صفحته تليه مشاهد لشباب يتحدثون عن تاريخ "الظاهرة" وخطورتها ثمّ ينهونها بـ "نموت وتحيا فلسطين".
يمكن القول ألّا داعي لحملة كهذه أصلاً، كون أسلوب الرائد في الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي يبدو مفضوحاً وكون دعوته للتعايش وتمجيده لأخلاقيات جيش الدّفاع الإسرائيلي - من قبيل مساعدة امرأة فلسطينية مسنة! - تتمّ بطريقة مضحكة ومنفصلة عن الواقع، لكن ماذا لو كان الرّجل عبارةً عن Comic Relief (هذا مصطلح أدبيّ يشير إلى تقنية تُستخدم عند كتابة رواية شديدة الدراميّة حيث يخفّف الروائي من وطأة الأحداث عبر شخصيّة هزليّة تروي الواقع بطريقة ساخرة)؟
نظرة سريعة على أداء أدرعي الفايسبوكي قد تجعلنا نفهم شيئاً. هو يضع تعليقاً صغيراً أو مقطع فيديو- كذلك الذي يهنئ فيه مسلمي إسرائيل والعالم بحلول عيد الفطر السعيد ـ ثمّ يختفي ويترك للمعلقين المجال للشتم و "النقاش" في ما بينهم. هذا السّلوك فيه استعلاء، وهو بذلك "إسرائيلي" جدّاً، والمعلّقون يفعلون ما يفعله كثيرٌ من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي العرب عادةً: ينقلون صراعاتهم إلى المجال الافتراضيّ.. على حائط أدرعي. في التعليقات، نرى الصراع السّنيّ الشيعي، والصّراع بين الملحدين والمؤمنين، وذلك الذي بين الفتحاويين والحمساويين أو بين محبّي السّيسي ومؤيّدي حماس.. وهكذا. ليس الحديث هنا عن "مؤامرة" بل إنها تفاهة لا يليق السقوط فيها.. وما دخل أدرعي يشعل فتيلاً ثم يتفرج على الشباب يمزقون بعضهم بعضا إربا؟؟ جمهور فايسبوك يحبّ أن يضحك ويحبّ أن يجد من ينسيه هموم الواقع، فليكن له ذلك إذاً!
أفيخاي أدرعي ليس إلّا جزءًا من منظومة إعلامٍ عالميّة تضع الترفيه على قائمة أولويّتها. ونحن لدينا وسائل ترفيه. لهذا ربما: #نقاطع_أدرعي