"باعتقادي أن المملكة ودول الخليج أدركوا خطورة ترك اليمن يقع في القبضة الإيرانية. ومما لا شك فيه أن تشكيل تحالف عربي ضد الانقلاب الحاصل في اليمن سوف يساهم في إعادة العمل السياسي لمساره الطبيعي، ويضمن إحداث تغيير داخل اللعبة السياسية، وهذا يجنّب اليمن مزالق الحرب الأهلية العبثية". هذا ما صرّحت به توكّل كرمان لصحيفة الرياض السّعوديّة منذ أيّام في مقابلة أعلنت فيها تأييد الحرب التي تشنّها السعوديّة مع حلفائها على جماعة عبد الملك الحوثي. هذا التأييد مشروط لدى كرمان بأن تتجنّب الغارات السّعوديّة إسقاط مدنيين، وأن لا ينتج عنها انتقاص للسيادة اليمنية. الشرط الثاني لا داعي للخوض فيه، لأنّ ما من أحد يحرّك جيشاً من دون أن تكون له مصالح ونيات، أمّا الشرط الأوّل فتاريخ الحروب يؤكّد استحالة تحقّقه بقدر ما تؤكّدها التقارير اليومية الآتية من اليمن "السعيد". شروط شكلية إذاً بينما تنخرط توكل كرمان في الصراع المدمّر.
لا يمكن تبرير ما أقدم عليه الحوثيون من محاولة لفرض سلطتهم ورأيهم بقوّة السّلاح، وبالتحالف مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح ومراكز قوته في الجيش، التي ثار عليها اليمنيون منذ أربع سنوات. لكن هل يعني ذلك أن تدعم مَن حازت على جائزة نوبل للسلام "حلّاً" عسكريّاً وبتخل إقليمي ودولي، سيزيد الويلات ويلات؟ "انتهاج الطرق السلميّة في حلّ النزاعات" قد يكون هدفاً طوباويّاً ورومانسيّاً، لكنّ توكّل كرمان منذ قررت قبول جائزة السلام صارت تلقائياً في صفّ من يفترض انحيازهم لهذه العبارات/المفاهيم. قد يفيد في هذا الصّدد التساؤل عن مدى "سلميّة" من يحصلون على الجائزة التي أراد ألفريد نوبل أن تُمنح لأشخاص "يقدمون أفضل الممكن من أجل تحقيق الأخوّة بين الأمم، ومن أجل التخلّص من الجيوش الدائمة أو تقليص عددها..". وصيّة نوبل لم تنفّذ بدقّة، ففي العام 1973 منحت الأكاديمية السويدية الجائزة لهنري كيسنجر الّذي كان له مسؤولية كبيرة، من موقعه كمستشار للأمن القومي الاميركي وقتها، في قتل ما يتراوح بين خمسمئة ألف ومليون مدني في فيتنام وكمبوديا ولاوس بين عامي 1969-1973، كما في دعم انقلاب بينوتشيه الّذي حدث في العام نفسه لمنحه الجائزة، والذي أغرق تشيلي في ستة عشر عاماً من الديكتاتورية الخانقة. ومن بين الحائزين على الجائزة اسحق رابين وشمعون بيريز ومناحيم بيغين! وكذلك الكاتب إيلي ويزل الذي يدعم سياسات إسرائيل العنصرية ويبررها وأيّد حربها الأخيرة على غزّة مشبّهاً حماس بالنازيّة.
لكن ليس جميع الحائزين على نوبل سواء. المسرحي البريطاني هارولد بينتر انتقد في المحاضرة التي ألقاها عند تسلمه نوبل (للآداب) الغزو الأميركي للعراق: "لقد أكدوا لنا أنّ هناك علاقة بين العراق وتنظيم القاعدة وأنّه يتحمّل شيئاً من المسؤوليّة عن اعتداءات نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر العام 2001، أكّدوا لنا أنّ هذه حقيقة، لكنها لم تكن كذلك". وهناك غيره العديدون، في كل مجالات نوبل بما فيها السلام. هي خياراتٌ إذاً. وتوكل كرمان تضع نفسها بمثل هذه التصريحات والمواقف في صف أقرانها من حملة الجائزة الذين يُقدَّمون كمثال على نقيض ما يفترض أن يكونوا عليه.