168:01. هذا عنوان معرض فنّي للتشكيلي العراقي وفاء بلال انطلق يوم 30 كانون الثاني/ يناير في صالة ويندسور بأونتاريو/ كندا. ما سوف يراه زوار المعرض ليس لوحاتٍ فنية أو منحوتات متمايزة، بل مجسمات بيضاء لكتب. سيبدأ البياض بالتلاشي مع مرور أيّام المعرض وستحلّ مكانه ألوان مختلفة لكتب حقيقيّة، ستنقل بعد انتهاء العرض إلى بغداد، وبالتحديد إلى مكتبة كليّة الفنون الجميلة هناك. هذه المبادرة يقوم بها بلال لمحاولة إعادة بناء مكتبة فقدت 7000 كتاب بعد أن أشعل حريق فيها إبّان الغزو الأميركي عام 2003، وقد أطلق الفنان حملة تمويل جماعي على موقع kickstarter وضع لها هدف الحصول على 9000 دولار فوصله أكثر من 50 ألفاً. ما يطمح إليه هو تزويد طلّاب الفنون الجميلة بألف كتاب يبدأون معها إعادة بناء مكتبتهم التي لا يجدون فيها اليوم شيئاً من المراجع التي يحتاجونها.
لم يستثنِ الخراب الذي جاء به الغزو وما تلاه من صراعات في العراق قطاع التعليم، بل ربّما كان الضرر الذي لحق به أكبر من غيره لو جازت مثل هذه "المفاضلات". قتل الأكاديميين وتهجيرهم بدا وكأنه ممنهج وإن كان مغلّفاً بحجّة انتماء هؤلاء إلى حزب البعث، وهو لم يتوقّف بعد "اجتثاث" ذاك الحزب. هذا عن البشر، أمّا الأبنية وخاصة المكتبات العامّة ومكتبات الجامعات، فقد طالتها الحرائق وحملات النهب بصورة مروّعة على يد مجهولين دائماً!
في نيسان/ أبريل 2003 اشتعلت الحرائق في المكتبة الوطنية ببغداد مرتين، ولقي الأرشيف الوطني مصيراً مشابهاً، أمّا أكثر المكتبات تضررا فقد كانت مكتبة الأوقاف التي دمّرت بالكامل ولم يبق منها إلّا الجدران الخارجية. وفي البصرة أخسر النهب مكتبة الجامعة المركزية 75 في المئة من مقتنياتها.
المكتبة المركزية في جامعة الموصل لم تحرق، لكنّ 30 في المئة من الكتب التي كانت تضمها نُهبت إبّان الغزو. حينها لم يطل التخريب المكتبة المركزية في المدينة. بقيت هذه المهمّة غير منجزة إلى أن نفّذها تنظيم داعش العام الماضي إذ تشير تقارير آتية من هناك إلى أنه تولى أحراق المكتبة، مع 100 ألف كتاب ومخطوطة كانت بداخلها.
عندما دخل المغول بغداد عام 1258 ألقيت مخطوطات مكتبة دار الحكمة في دجلة، وبقيت هناك سبعة أيّام حتى قيل أنها صبغت النهر بدماء حبرها الاسود. تلك الحادثة هي التي ألهمت معرض وفاء بلال فقرّر أن يبدأ من اللحظة التالية، وجاء عنوان المعرض "مئة وثمانية وستون دقيقة، وثانية"01. 168، أي سبعة أيّام من الخراب، أمّا الثانية فهي تلك التي يبدأ فيها العمل من جديد.
ليس بلال أوّل فنان عراقيّ يحّركه دمار مكتبة كليّة الفنون، قبله كان التشكيلي قيس السندي قد رسم سلسلة من اللوحات وصنع فيلماً قصيراً عن الموضوع. إضافة بلال هي أنّه يسعى هنا الى استخدام الفنّ بصورة "عمليّة" لمواجهة خراب.. مهما طال سينتهي.
فكرة
مكتبات العراق: البدء من جديد.. مرّة أخرى
مقالات من العراق
فتاة كقصبة ال"بامبو"
"فاطمة" لم تستطع نيل موتها، على الرغم من دنو الموت، وتنفسه الثقيل الملتصق بتراب الأرض. فقد اختُطِفت مِن قِبل عناصر تنظيم "داعش"، على الرغم من سنواتها التسع، التي لم تنضج...
العراق: ما تداعيات انخفاض أسعار النفط على الموازنة ورواتب الموظفين؟
يعتمد العراق بنسبة كبيرة على بيع النفط الخام في تأمين إيراداته السنوية ودفع الرواتب وبقية المستحقات الأخرى، فيما يواجه قطاع الزراعة الذي كان يمثل أحد .روافد الإيرادات في السابق، تدهورا...
القضاء المدني وصراع البقاء في العراق
المعارك القانونية حول تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق، كانت ولا تزال مستمرة منذ سنوات. لكن الأمر هذه المرة وصل الى حد أن أصدرت "نقابة المحامين العراقيين" بياناً، أعلنت فيه...
للكاتب نفسه
الفلسطينيون في لبنان وحقّ العمل
علاوة على التوظيف السياسوي الطائفي على المستوى الداخلي، يأتي المس بحق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان متزامناً مع محاولات جاريد كوشنر تفعيل "صفقة القرن"، وهي التي تصطدم بعقبات من أهمها...
الوضع الصحي في المخيمات الفلسطينية في لبنان: إلى الوراء در
خيارات العلاج المتاحة أمام الفلسطنيين في لبنان تشي بحالة مزرية اليوم، وهي ذاهبة نحو التدهور في ظل تزعزع وضع وكالة "الأونروا"، ما ينعكس على شكل تقليص متزايد في تقديماتها الأساسية...
مخيم برج الشمالي: اختلاط الواقع بالمجاز وبموسيقى "المنفيين"
ثمّة شارع رئيسيّ واحد في مخيّم برج الشمالي القريب من مدينة صور البحريّة. كأنّه دائرة، وكأنّ السّاكن فيه يدور فيها طول الوقت، وكأنّه طول الوقت يسعى إلى الخروج.