أحيت أوركسترا "بيت العود" السوداني يوم الأربعاء في الخامس من كانون الثاني/ يناير 2022 حفلها الأول على الإطلاق خارج السودان، بفرقة موسيقية كبيرة حَوت خمسين موسيقياً وموسيقية، وذلك على مسرح اليوبيل في دبي، ضمن فعاليات إكسبو دبي 2020، بقيادة أحمد شمة وإشراف الموسيقار نصير شمة.
وفي الحفل، قدمت الفرقة مقطوعات شرقية متنوعة، افتتحتها بعزف الأغنية السودانية الشهيرة جداً، "مامبو سوداني"، لسيّد خليفة، تلتها معزوفة باسم "جدارية الحياة"، تأليف نصير شمة، و"كانت بالأندلس"، وغيرها من المقطوعات الموسيقية المميزة التي لاقت تفاعلاً مرحّباً من الحضور. وقد رفع بعضهم علم السودان ورافقوا العزف أحياناً بترداد كلمات الأغنيات السودانية التي حفظوها.
بالإمكان مشاهدة الحفل كاملاً على الرابط التالي: https://bit.ly/3G1lWU9
وبيت العود في الخرطوم هو الأحدث بين بيوت العود المتعددة التي أطلقها تباعاً الموسيقار وعازف العود العراقي الشهير نصير شمّة في عدة بلدان عربية، بدءاً من مصر حيث أسس بيت العود المصري عام 1998 (وقد ترأس الملتقى الأول للعود في مصر الذي أقيمَ في دار الأوبرا المصرية عام 2010)، تلاه افتتاح بيت العود في أبو ظبي عام 2008، ثم البيت الثالث في الإسكندرية في مصر عام 2010، فالرابع في بغداد –عاصمة بلده - عام 2018، وصولاً إلى تأسيس بيت العود في الخرطوم عام 2020 بدعمٍ من منتدى دال الثقافي في السودان.
لمحة عن التدريبات
أما نشاطات بيت العود في الخرطوم فلا تنحصر بتعليم آلة العود فحسب. فإلى جانب الاهتمام بالعود وإعادة تسليط الضوء على أهمية الآلة وسحرها، يهتم بيت العود في السودان بآلة القانون كذلك وبعض الآلات الوترية المتفرقة. كما أن حرفة صناعة العود لا تغيب عن أنشطة البيت، بل أنّ ورشاً خاصة هُيأت لصناعة العود بجودة عالية محلياً وتحت إشراف صانعي أعواد محترفين.
في 5 آذار/ مارس 2021، تمّ تخريج الدفعة الأولى من طلاب وطالبات بيت العود في الخرطوم بحضور الفنان نصير شمة. ويمثل هذا المشروع المتمدد مساحة مضيئة لشبان وشابات وأشخاص من أعمار مختلفة من المهتمين بالثقافة الموسيقية وتعلم العزف في بلدان عربية متنوعة هي في أمس الحاجة لمؤسسات تستطيع رعاية مواهبهم، خصوصاً في بلدان عانت الأمرين مع الحروب والأزمات السياسية وانعدام الاستقرار، كما في حالتي العراق أو السودان.
****
أثناء مقابلة مع الإعلامية جيزيل خوري حول بيت العود، يشير الموسيقي نصير شمة إلى آلة كبيرة لافتة للنظر: "هذه القيثارة السومرية، وفيها أوّل سلّم موسيقي عرفه الإنسان... أوكتاف كامل. هي ذات رأس ذهبي وبها العاج، صنعناها بالضبط على هيئة النسخة التي سُرقت من المتحف العراقي أثناء الاحتلال الأميركي للعراق". شمة، وهو من مواليد العراق عام 1963، تخرج من معهد الدراسات الموسيقية في بغداد عام 1987، وتخصص بعد ذلك في العزف على آلة العود، ألّف في أكثر من مناسبة مقطوعات موسيقية ذات دلالاتٍ ومعانٍ ترتبط بوطنه الأم والأهوال التي قاساها، ولعل أبرزها كان معزوفة "حدثَ في العامريّة" التي تستعيد موسيقياً ما يسميه العراقيون "اليوم الأسود"، يوم قصفت مقاتلتان أميركيتان ملجأ في العامرية ببغداد احتمى فيه المدنيون العزّل في 13 شباط/ فبراير عام 1991 أثناء حرب الخليج الأولى، مودية بحياة المئات في جريمة مروِّعة لا تُنسى.
وإهداءً للسودان، كان شمّة قد قدّم برفقة عازف الجاز المهمّ "وينتون مارساليس" مقطوعة موسيقية دمجت بين موسيقى الجاز وآلة العود، وهي بعنوان "سلام للسودان"، ضمن مهرجان مارسياك للجاز عام 2018.
مقطوعة "سلام للسودان"