ماذا يحصل عندما لا يتجاوز متوسّط الدّخل الشهري في قطاع أساسي 800 دولار بينما يصل متوسّط الإنفاق الشهري للعائلة الواحدة إلى 1300 دولار، وعندما يكون الإنفاق على هذا القطاع هو الأدنى مقابل إنفاق كبير على القطاعات الأمنية وعلى رواتب الوزراء والنّواب؟ المعلّمون الفلسطينيون في الضّفة الغربيّة يعرفون الإجابة العملية، وقد بدأوا تطبيقها منذ العاشر من شباط/ فبراير الماضي. أعلنوا الإضراب وكانت الاستجابة له كبيرة، ما سمح بالتصعيد والذهاب نحو التظاهر. التظاهرة الأولى جمعت 20 ألفاً. ردّت السلطة بالمعتاد: الوعد بالاستجابة لمطلب رفْع الأجور استناداً لاتّفاق عقد بينها وبين المعلّمين بعد إضرابات مشابهة عام 2013. رافقت الاستجابة مطالبة بإيقاف الإضراب من أجل مصلحة الطّلاب، لكنّها قوبلت بالرّفض على اعتبار أن لا ضمانات لتنفيذ الوعود، خاصّة أنّ تجربة 2013 لم تنسَ بعد، وأنّ السلطة تعلن طول الوقت عجزها الماليّ بسبب تناقص التمويل القادم أساساً من تبرعات الدّول المانحة. الرفض استدعى استخدام الأسلوب الأثير على السلطات في منطقتنا: القمع والتخوين. اعتقل 20 معلّماً واتّهم الحراك بأنّه مسيّس ويخدم تارة الأجندة الإسرائيلية وتارةً أخرى حركة حماس! ووضعت حواجز على الطرق المؤدّية إلى رام الله في محاولة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى مقر السلطة، لكنّها لم تستطع منع 15 ألفاً، بينهم أولياء أمور وتلاميذ من التظاهر يوم 23 شباط/ فبراير.
من بين أبرز تداعيات الحراك حتى الآن استقالة نقيب المعلمين بعد مطالبة المحتجين بها لرفضهم تمثيله لهم، واعتبار النقابة الرسمية جزءا من منظومة السلطة، خاصّة أنّها أعقبت حلّ الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين عام 2012، الذي حظر الرئيس عباس الانتماء إليه واعتقل رئيسه مع نقابيين آخرين حينها. عباس توجّه بخطاب للمعلمين أخيراً، بعد مرور شهر على الإضراب واعداً بزيادة 10 في المئة على الرواتب وبتنفيذ اتفاق عام 2013 ابتداءً من بداية العام المقبل، فكان أن عُلّق الإضراب لمدّة أسبوع. مطالب المعلمين تشمل أيضاً تسديد رواتب سابقة لم "تستطع" السلطة دفعها كما لم "تستطع" دفع رواتب موظفين حكوميين آخرين في مرّات كثيرة على امتداد السنوات. "لم تستطع" و "لن تستطيع" هي مكمن العطب.السلطة تواجه الأزمات بالتخبط والوعود المؤجّلة لأنّ لا أحد فيها يريد أن يعترف بالعجز. فرديفه هو الاعتراف بفشل المشروع السياسي المتمثل بأوسلو، الذي لم يعد مفيداً إلا لفئة صغيرة، لا يعتبر المنتمون إليها أنّ عليهم الالتفات لأحوال الناس. المشاركون في الإضراب كانوا 35 ألف معلم، وهم يبدون إصراراً على الاستمرار في التحرك حتى تنفيذ مطالبهم.
فكرة
إضراب المعلمين الفلسطينيين.. عن "عدم الاستطاعة"
ماذا يحصل عندما لا يتجاوز متوسّط الدّخل الشهري في قطاع أساسي 800 دولار بينما يصل متوسّط الإنفاق الشهري للعائلة الواحدة إلى 1300 دولار، وعندما يكون الإنفاق على هذا القطاع هو الأدنى مقابل إنفاق كبير على القطاعات الأمنية وعلى رواتب الوزراء والنّواب؟ المعلّمون الفلسطينيون في الضّفة الغربيّة يعرفون الإجابة العملية، وقد بدأوا تطبيقها منذ العاشر من شباط/ فبراير الماضي. أعلنوا الإضراب وكانت الاستجابة
للكاتب نفسه
الفلسطينيون في لبنان وحقّ العمل
ربيع مصطفى 2019-07-21
علاوة على التوظيف السياسوي الطائفي على المستوى الداخلي، يأتي المس بحق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان متزامناً مع محاولات جاريد كوشنر تفعيل "صفقة القرن"، وهي التي تصطدم بعقبات من أهمها...
الوضع الصحي في المخيمات الفلسطينية في لبنان: إلى الوراء در
ربيع مصطفى 2019-07-07
خيارات العلاج المتاحة أمام الفلسطنيين في لبنان تشي بحالة مزرية اليوم، وهي ذاهبة نحو التدهور في ظل تزعزع وضع وكالة "الأونروا"، ما ينعكس على شكل تقليص متزايد في تقديماتها الأساسية...
مخيم برج الشمالي: اختلاط الواقع بالمجاز وبموسيقى "المنفيين"
ربيع مصطفى 2017-07-20
ثمّة شارع رئيسيّ واحد في مخيّم برج الشمالي القريب من مدينة صور البحريّة. كأنّه دائرة، وكأنّ السّاكن فيه يدور فيها طول الوقت، وكأنّه طول الوقت يسعى إلى الخروج.