محمد الكرد يعطي الأمم المتحدة درساً

"إن لم يرموك خارج بيتك، فسيقومون بتدميره في كل الأحوال. إن لم يضعوك في السجن، فسيقتلونك وأنت تمرّ في الشارع"...
2021-12-02

شارك
محمد مع شقيقته منى بعد إطلاق سراحه من قوات الاحتلال في حزيران 2021- الصورة لـ أحمد غرابلي (AFP)

" في مرحلة ما، ينتبه كلّ فلسطيني إلى حقيقة أنّ النكبة لم تنتهِ بعد. النكبة مستمرة في كلّ مرة يتعدّى فيها الاحتلال على بيوت المقدسيين. تسطع النكبة واضحة في إشارات أسماء الشوارع التي انتزعت منها اللغة العربية. نجد النكبة في الحملات المتواصلة التي تسعى إلى نزع حتى إنسانيتنا عنّا. إن لم يرموك خارج بيتك، فسيقومون بتدميره في كل الأحوال. إن لم يضعوك في السجن، فسيقتلونك وأنت تمرّ في الشارع. إن لم تُقتَل في الشارع، فستحوم الطائرات من دون طيار فوق رأسك في غزّة..."

هكذا تكلم الشاب محمد الكرد (23 سنة) أمام دول العالم في الأمم المتحدة يوم 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وقد دعته الأمم المتحدة للتحدث في مجلسها بعدما صنفته مجلّة تايم، مع أخته مُنى، من بين الـ100 شخص الأكثر تأثيراً في العالم لعام 2021.

بلا استجداء، بلا محاولات استعطاف، بلا كلمات رومنسية حول الرمزيات، والأهم، بلا تعهدات لا جدوى لها أمام الأمم المتحدة، بتقبل كل مسعى للتفاوض (كأنّ تقديم فروض الطاعة والتأكيد على "السلمية" من شروط الحصول على حقوق الفلسطينيين)... بلا كلّ ذلك، تحدّث محمد الكرد بلغة صاحب الحقّ، وصاغَ بذلك صوتاً غير مرتجفٍ لجيل فلسطيني تعب من المسرحيات الدولية وانعدام فعاليتها واستمرارها بالكيل بمكيالين. بدأ خطابه ساخراً، "تحياتي للمجتمع الدولي. شكراً لكم على هذه الخطابات المميزة. إنني واثق أنّ سلطات الاحتلال قلقةٌ جداً الآن"، ثمّ سخر من كل منطق السرقة الإسرائيلية للبيوت قائلاً، "اقتحم المستوطنون بيتنا وأخذوا نصفه. ادّعوا أن البيت ملكهم بموجب أمرٍ إلهي. وكأنّ الله وكيل عقارات!"

أكّد محمد أنّ جوهر معركة الشيخ جراح ليس قانونياً، بل هو سياسي. إنها جزءٌ من مخطط ممنهج لأسرلة القدس بكاملها، مضيفاً "كما تقول جدتي: إذا كان العدو هو القاضي، فلمن الشكوى؟"...

كبر التوأم محمد ومنى الكرد في حيّ الشيخ جراح واستفاقا على عالم يحتل فيه المستوطنون نصف بيتهما ويأتون بالسياح يومياً على متن باصات، يتجولون في باحة بيتهم ويشتمونهم لكونهم عرباً ويستفزون أهلهم ويرحلون ثمّ يعيدون الكرة. في هذا الجوّ المسموم والمليء بالقهر من الاستباحة المطلقة لحياتهم وطفولتهم، حمل الطفلان الكاميرا ووثقا معاً كل ارتكابات المستوطنين والجنود الذين يحمونهم. لذلك كانا جاهزَين عندما حاولت إسرائيل إضفاء صبغة قانونية لترحيل 28 عائلة من حي الشيخ جراح هذا العام. استلمت منى البث المباشر عبر مواقع التواصل واستلم محمد موضوع التحدث مع وسائل الإعلام العربية والعالمية، واستطاعا مع رفاقهما الناشطين والمقاومين لفت انتباه العالم إلى حيّهم الصغير المهدد.

منذ شهر فقط، في الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، أعلن أهالي الشيخ جراج رفضهم للتسوية التي افترحتها المحكمة الإسرائيلية القاضية بتملّك المستوطنين للبيوت وتأجيرها لسكانها الفلسطينيين، معتبرين أن هذا يعني التخلي عن حقّهم الواضح. ومنذ أيام، كرر محمد الكرد يقين الأهالي بحقّهم: "أنا على يقين تام بأن الناس سيتذكرون مستقبلاً كل ما نعيشه اليوم بوضوح أخلاقي أكبر. يوماً ما، سيكون هناك متاحف تكرّمنا، نُصب تخلّد ذكرانا (...) أنا على يقين بأن الاحتلال سينتهي. مثل كل أشكال الظلم، سينتهي، لا بدّ. فكل الامبراطوريات تسقط في النهاية. والقضية الفلسطينية ستخرج منتصرة".

***

فيديو لمحمد ومنى الكرد من العام 2011، وهما يوثقان انتهاكات المستوطنين:

***

خطاب محمد الكرد الكامل في الأمم المتحدة:


وسوم: العدد 476

مقالات من العالم العربي