دولة الخلافة النفطية

من خلال تتبع خطوط تقدم "داعش" في العراق وسوريا، يتضح أنها تختار مناطق سيطرتها بعناية من خلال وضع اليد على حقول النفط واستغلالها، وإن هدف "داعش" في السياق الحالي هو إقامة دولة خلافة نفطية. ويبدو أن الأيدي التي تناوبت على سرقة الريع النفطي، بدءا من سوء إدارة الأنظمة الديكتاتورية في سوريا والعراق لمقدراته وعائداته، وصولاً إلى جماعات الحكم تحت الاحتلال الأميركي، قد أوصلته في
2014-12-17

فراس يونس

كاتب من سوريا


شارك
(من الانترنت)

من خلال تتبع خطوط تقدم "داعش" في العراق وسوريا، يتضح أنها تختار مناطق سيطرتها بعناية من خلال وضع اليد على حقول النفط واستغلالها، وإن هدف "داعش" في السياق الحالي هو إقامة دولة خلافة نفطية. ويبدو أن الأيدي التي تناوبت على سرقة الريع النفطي، بدءا من سوء إدارة الأنظمة الديكتاتورية في سوريا والعراق لمقدراته وعائداته، وصولاً إلى جماعات الحكم تحت الاحتلال الأميركي، قد أوصلته في نهاية المطاف ليكون مصدر تمويل لـ "دولة الخلافة" العتيدة. والنفط، بالإضافة إلى مصادر تمويلية أخرى، يهدف إلى تغطية مصاريف "داعش" التسليحية والتوسعية، ومجاميعها المتعددي المشارب، وهي استولت على عشرة حقول نفطية في سوريا، ويقع تحت سيطرتها اليوم 22 حقلا نفطيا في بيجي في العراق الذي تقدر احتياطياتها بنحو 20 مليار برميل، بالإضافة الى الموصل التي تحتوي على 12 حقلا نفطيا. تتشابك مجموعة من المصالح والجهات لتأمين وتغطية سير هذه العملية اللصوصية، ويساهم فيها خبراء النفط الذين أبقاهم التنظيم لمساعدته على رسم الخرائط والسيطرة على الحقول التي تتمتع بعائدات عالية، (وهناك عروض مغرية لاستقطاب مزيد من الخبراء)، كما الجهات التي تستلم الشحنات، والتي تتخفى وراء شركات نفط وهمية. وقد سبقت السيطرة الحالية استيلاء مقاتلي "داعش" خلال السنوات الثلاث الماضية على العديد من الحقول والمصافي والأصول النفطية.

النفط المنهوب

يريد تنظيم الدولة الإسلامية خلق مجتمع بشري خاضع لإرادة الخليفة ومنصاع لسلطانه، ولا تتوسط الإيديولوجيا المعتمدة مفاعيل السياسة المعهودة كوسائل الإقناع، والرضا الاجتماعي، وتوازن المصالح والتنازلات، والتفاوض، وما تعكسه موازين القوى في نهاية المطاف لتثبيت هيمنة قوة اجتماعية على سواها. بل هي دولة حرب ومجتمع حرب أبديان. تُفرض هذه الايديولوجيا في إهابها الديني، بقوة "الاقتصاد"، ليس بوصفه نمط إنتاج، بل كوسيلة إكراه ومغانم ومكاسب مادية بفعل النهب والغزو المفتوح على الجغرافيات المجاورة.. فلا يعدو أن يكون خَراجا متقيحا. وتلك هي مآلات حروب الهويات التي بشرنا بها كهنة إيديولوجيا النيوليبرالية والعولمة المتوحشة.
والسؤال الذي يطرح نفسه يتعلق بكيفية تمكن تنظيم الدولة الإسلامية، وكذلك جبهة النصرة، من الدخول إلى سوق النفط العالمية ومن بيعه في الأسواق العالمية، لولا تغاضي واشنطن عن ذلك؟ لا بد من التذكير بما ساقته مداولات المؤتمر الدولي لشركات النفط العالمية المنعقد في موسكو من 15-19 حزيران/يونيو الفائت والتي رشح عنها أن النفط السوري الذي تسرقه جبهة النصرة يباع لشركة "موبيل أكسون" في حين ان البترول الذي يسرقه "داعش" يباع لشركة "ارامكو" السعودية. وواقع شراء شركة ارامكو للنفط العراقي المسروق من "داعش"، يفسر إعلان المملكة عزمها تعويض انخفاض الإنتاج العراقيمن النفط، إذ تكتفي السعودية والحال تلك بمهر ختمها على براميل النفط المسروقة من العراق.

الإعلام والأضاليل

ليس بالكذب وحده تسير عجلة الإعلام العالمي، والنفطي منه على وجه الخصوص، فما هو أخطر من الكذب هو أنصاف الحقائق بخصوص سرقة النفط. ولا يتعلق الأمر بتواطؤ إعلامي مع "داعش"، فقد انكبت وسائل الإعلام ومراكز البحث "الاستراتيجي" على تفاصيل وضع يد تنظيم الدولة على حقول النفط، والأدوات البدائية التي يستخدمها في استخراجه، والمكاسب اليومية التي يحققها والتي لا تقل عن 3 ملايين دولار يوميا، والأرباح الصافية التي يدرها عليه بيع النفطين العراقي والسوري، وكيف ان نفط "داعش" يتم ضخه في أسواق سوداء في كل من العراق وتركيا، وتقوم عصابات متخصصة بإعادة تصديره إلى أماكن مختلفة من العالم والمنطقة (انظر تقريرمعهد بروكنيغز في واشنطن)، بل تذهب صحيفة "العرب" نقلا عن المرصد السوري إلى نشر قصة الصهاريج التي تحمل لوحات عراقية ويملكها عراقيون وقد قدمت من العراق لشراء النفط من الحقول التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية في شرق سوريا، وأهمها حقلا التنك والعمر.. لكن المسكوت عنه خلف تلك التفاصيل وما يتغاضى عنه الإعلام النفطي يتعلق بعملية النهب المنظم التي تديرها شركات النفط العالمية ضاربة عرض الحائط بسياسات التحالف الدولي وتدابيره في القضاء على "داعش".
وهكذا، يبدو ان خلف الباب أياديَ جديدة تستعد للحلول محل لصوص الخلافة النفطية.

 

مقالات من العراق

فتاة كقصبة ال"بامبو"

فؤاد الحسن 2024-09-29

"فاطمة" لم تستطع نيل موتها، على الرغم من دنو الموت، وتنفسه الثقيل الملتصق بتراب الأرض. فقد اختُطِفت مِن قِبل عناصر تنظيم "داعش"، على الرغم من سنواتها التسع، التي لم تنضج...

للكاتب نفسه