الاسلام السياسيّ العربيّ: مربّعات العنف وثنائيّة الاختزال

15 جنديّا تونسيا قتلى.. 31 جنديا مصريّا قتلى..في مصر انكفاءٌ صوب المربّع العنفي الأول بعد الإقصاء الملتبس للإخوان المسلمين عن السلطة. ومصر هي  منبت الإسلام السياسي الحديث في العالم العربيّ. في سوريا لحظنا سياقات سابقة وراهنة  لتبلور عنف اسلامويّ حركي. في اليمن يصير الحوثيّون مع الوقت  تشكيلا منطما عنفيّا بسردية دينيّة أيضا.. والعراق.. واللائحة تطول. في مرحلة ما،
2014-08-14

حسن نصّور

كاتب من لبنان


شارك
من الانترنت

15 جنديّا تونسيا قتلى.. 31 جنديا مصريّا قتلى..
في مصر انكفاءٌ صوب المربّع العنفي الأول بعد الإقصاء الملتبس للإخوان المسلمين عن السلطة. ومصر هي  منبت الإسلام السياسي الحديث في العالم العربيّ. في سوريا لحظنا سياقات سابقة وراهنة  لتبلور عنف اسلامويّ حركي. في اليمن يصير الحوثيّون مع الوقت  تشكيلا منطما عنفيّا بسردية دينيّة أيضا.. والعراق.. واللائحة تطول.
 في مرحلة ما، واستقراء لتجارب عقود يمكن الاستنتاج أن لا مناص لجماعات الاسلام السياسي الحركيّ من أن تجد نفسها في صدام مباشر مع التشكيلات الاجتماعية المتنوعة حيث ربَتْ. نرصد في هذا السياق انزلاقات شبه قسرية من حيث البنية نحو العنف. نقول: ثمّة في الغالب جاذب ذاتيّ يؤدي بهذه الاطر الى تنحيّة السياسيّ الطارئ في أنماط تفكيرها لصالح العنفيّ الأصيل. والحال ان الجاذب الذاتي يعدّ نمطا متكاملا من رؤية تتكئ على قراءة اختزالية للاسلام (دينا أو ميراثا ثقافيا وسياسيا)، قراءة قاصرة من حيث كونها تتمّ بمعزل عن سيرورة هذا الميراث الكبير في التاريخ والاجتماع.  إنّها آلية بنيويّة  تعيق بالقوة إنتاج قنوات فكرية تخرج الآخر من ثنائيّة حق / باطل، ضلالة / هدى، كفر / إيمان. فيما تعيد، بزخم وحماس شديدين، انتاج جولات مكرورة من العنف الذي لا ينعكس بعد كل جولة الا انسدادا كاملا على غير مستوى في العلاقة الموضوعية بين مجمل التشكيلات الطائفية أو الاثنية.

الظاهرة

لا يمكن بحال بلورة رؤية معقولة عن مجالات العنف الديني الراهن دون رصد المنابت. بداية مصر، بما هي القالب الاول الذي أعاد انتاج أفكار العالم الهندي المتشدد أبي الأعلى المودودي (1903 - 1979 مؤسس الجماعة الإسلامية في الهند) حول حاكميّة النص.
مصر المسرح الذي شهد الاحتكاك الاول بين الاسلام السياسي الحركي بكل تفرعاته المجتمعية وتماساته المؤسسيّة من جهة، وبين ارهاصات النقد الجديّ من خارج ثنائيات الفكر السياسي الاسلاموي المكرسة (محمد عبدو، طه حسين، علي عبد الرازق..). في النتيجة، لم يكن ضمور موجات النقد الجديّ على مراحل، وتاليا شياعُ أفكار المودودي من خلال  التيار القطبي في ظل نظم عسكرية جامدة، لم يكن هذا الضمور إذاً في الباطن الا دفعا جنونيا لهذه التيارات، وما يدور في فلكها القريب والبعيد، نحو التمظهر بكامل العدة والعتاد العنفيّين.
 لا نغفل بطبيعة الحال، أن هذا الاحتكاك بوجهيه، ضامرا ومعلنا، لم يكن يجري بمعزل عن شرك الخارج/ المستعمِر، لا بل ظلَّ المستعمر ولم يزل ضاغطا، بكل متاح، باتجاه اجهاض ايّ بؤرة يمكن أن تزاوج بين الدعوة الى التحرّر والدعوات، فردية اوجماعيّة، الى الاصلاح الديني من داخل التراث وبه.
في العمق، لا نتصّور بعد اليوم وجود قدرة على الخروج الآمن من هذه البؤر العنفيّة من غير تفعيل قراءات انسانوية جديّة ورصينة للاسلام (نصّا وتراثا مؤسّسا)، بشرط أن تلاقي هكذا قراءات حاضنات مجتمعيّة لها. يبدو ذلك راهنا بعيد المنال، وان كانت أوّليّات هذه القراءات والتجارب كامنة في اطرها النخبوية المحدودة والتي لا يُتعامل معها في الغالب من خارج البيئات الاكاديمية.
 هي إعادة الاعتبار للنقد الفردي الحر بمواجهة بناءات معنويّة (التراث الكلاسيكي) أو ماديّة (اطر الإسلام السياسي ومصادر انفاقه). بناءات عبارة عن قوى وتيارات لا تجد كثير عناء في تمييع كلّ نقاش حول الحاجة القصوى لتجاوز معضلات الواقع العربي الراهن، لا بل تدفع بالنقاش في حالات معينة نحو ذروة الاقصاء الجسدي او الرمزي بآليات العنف المتأصل (قضيّة نصر حامد ابو زيد نموذجا).
ثمّة حاجة في كل ظرف الى إعادة تجذير النقاش حول مشروعية الإسلام السياسيّ ومتّكآته الخطابية وصلاحية أدواته في تقديم صورة مقنعة كتشكيل سياسيّ يتساوى مع باقي تشكيلات المجتمع السياسية دون حاجته لإشعار الاخر في لحظات الاحتكاك والاسئلة الوطنية الكبرى بأفضلية ماضوية كامنة في التراث.
 وفي السياق نفسه، ثمة حاجة بالمقدار نفسه لنقد أدوات شائعة ومكرورة في الخطاب العلمانوي المقابل، لجهة الرؤية الى بعض تجارب الاسلام السياسيّ السنيّ أو الشيعيّ في العالم العربي، لاسيما خصوصيّة كلّ تجربة بعينها (حماس، حزب الله، النهضة...)،  اذ ادت تلك الرؤية في الغالب الى انتاج اسلاموفوبيا (رهاب من الاسلام) طالت حتى مجمل مظاهر التدين الفرديّ.

سنة/ شيعة

لعل الثنائية أعلاه (سنة / شيعة) تختصر شطرا وازنا من مأساوية مآلات التشكيلات المجتمعيّة في البلدان العربيّة، ولاسيما البلدان حيث يجري الصدام المسلح. والحال أن هويات وطنية ثقافية واثنية شديدة التشابك تكون عرضة للاختزال في سياق الصراع الكبير. الدفع بالواقع وبالخطاب خارج السياسة نحو منطق الفسطاطين (الخلاصيّيْن) لا يعكس، خلاصةً، الا اجهاض الامكانات المعقولة المتبقية لاعادة انتاج وعي فردي بالهويات المركبّة ضمن وحدة الميراث الثقافي العربي. وعيٌ من هذا القبيل قد يكون ربما، في المدى المتوسط والبعيد، المنفذ شبه الوحيد للمواطنين العرب افرادا وجماعات.

مقالات من العالم العربي

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.

فلسطين في أربع جداريات دائمة في "المتحف الفلسطيني"

2024-12-19

"جاءت انتفاضة الحجارة في 8 كانون الاول/ديسمبر 1987، وجلبت معها فلسفة الاعتماد على الذات، وبدأ الناس يزرعون أرضهم ويشترون من المنتوجات المحليّة، ويحتجّون على الاحتلال بأساليب ومواد وأدوات محليّة. وشعرت...

للكاتب نفسه