العمالة الوافدة في الأردن: تضييق وانتهاكات!

يبلغ تعداد العمالة الوافدة في الأردن قرابة مليون و200 ألف عامل وفق الإحصاءات الرسمية. أكثر من نصفها عمالة مصرية (750 ألف عامل)، والباقي من الجنسيات السورية والعراقية والفلسطينية والسيرلانكية والفلبينية وغيرها.قد يختلط عليك الأمر إذا مشيت في شوارع وسط العاصمة عمان صباح الجمعة، وستشعر لوهلة أنك خرجت من الأردن الى بلد آسيوي ما، ولن تلاحظ حولك سوى الملابس الملونة للهنود، علاوة على تقاسيم الوجه
2014-08-03

أحمد أبو حمد

صحافي من الأردن


شارك
من الانترنت

يبلغ تعداد العمالة الوافدة في الأردن قرابة مليون و200 ألف عامل وفق الإحصاءات الرسمية. أكثر من نصفها عمالة مصرية (750 ألف عامل)، والباقي من الجنسيات السورية والعراقية والفلسطينية والسيرلانكية والفلبينية وغيرها.
قد يختلط عليك الأمر إذا مشيت في شوارع وسط العاصمة عمان صباح الجمعة، وستشعر لوهلة أنك خرجت من الأردن الى بلد آسيوي ما، ولن تلاحظ حولك سوى الملابس الملونة للهنود، علاوة على تقاسيم الوجه "الفرعونية" التي تبقى الأكثر حضوراً. وتستأثر عمان بما نسبته 48 في المئة من إجمالي العمالة الوافدة للاردن، بسبب تركز معظم الفعاليات والنشاطات الاقتصادية والتجارية وقطاع الخدمات، بما في ذلك قطاع الفنادق والمطاعم، ضمن مناطق العاصمة.

هنا مانيلا! 

ترجح التقديرات أن عدد القاطنين من الفيلبينيين في أحد شوارع جبل عمان، يصل إلى 6 آلاف، كما يقطنه الآسيويون بشكل عام، مما جعله يستحق اسم "شارع مانيلا" نسبة إلى عاصمة الفيلبين.
يرى الوافدون الفيلبينيون في هذا الشارع ملاذاً من ارتفاع أجور السكن في عمان وهو على ذلك قريب من كافة الخدمات. بدأوا بالتوافد إليه منذ الثمانينيات وبداية التسعينيات، وما زالوا يفدون إليه حتى الآن. غالبية قاطني الشارع من الإناث، عدد كبير منهن جاء إلى الأردن بتصاريح "عاملة منزل"، لكنهن ما يلبثن أن يهربن من المنازل التي يعملن بها لعدم التزام أرباب العمل وأصحاب البيوت بدفع أجورهن، كسبب رئيسي بحسب دراسات "مركز تمكين للمساعدة القانونية". وبحسب تصريحات سابقة من وزارة الداخلية، فإن عدد الهاربات المعممة اسماؤهن فاق الـ 1600 عاملة.
في عام 2012 أجرت "هيومن رايتس ووتش" حملة مناصرة في الأردن لتوسيع نطاق الوعي العام بانتهاكات حقوق الإنسان التي تواجهها العمالة المنزلية الوافدة، وللضغط من أجل إصلاحات في مجال حقوق العمال.ويبلغ عدد عاملات المنازل في الأردن قرابة 70 ألف عاملة. وتضطر العاملات للبحث عن عمل آخر مما يوقعهن فريسة الاستغلال برواتب دون الحد الأدنى للأجور (190 ديناراً وفق قانون العمل الأردني)، وبعضهن يعملن كعاملات منازل بالمياومة. وتقطن في الشارع عائلات فلبينية بعد أن تهيأت لأفرادها أسباب الزواج في الأردن. كما يوجد في وسط البلد سوق يحمل اسم "سوق البنغال" يعود لأردنية متزوجة برجل بنغالي، يبيع المنتجات التي يعتمد عليها أبناء الشرق الأقصى من أطعمة وبهارات وخضروات ومواد غذائية ولا يجدونها بالأسواق الأردنية.

مقصد المصريين 

يتجه المصريون للعمل في الأردن لارتفاع قيمة الدينار مقارنة مع الجنيه المصري (الدينار يساوي 7 جنيهات)، فضلا عن سهولة الدخول نسبيا إلى الأردن مقارنة مع الدول العربية الأخرى.
هذه الايجابيات تتحطم لدى العمالة المصرية بسبب حجم الانتهاكات التي تلحق بها، سواء في ظروف السكن حيث يقطن عدة أشخاص في غرفة واحدة وحمام مشترك (من 7 الى 10 أشخاص)، علاوة على ساعات العمل الطويلة وغياب التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، وهو حال غالبية العاملين في القطاع الخاص في الأردن.
يثمّن الخبراء الاقتصاديون في الأردن دور العمالة المصرية الهام في مسيرة البناء والتطوير في معظم القطاعات التي يتقاعس الأردنيون عن العمل فيها، كالزراعة والإنشاءات والعقار والصناعات التحويلية، إلى الخدمات والكهرباء وغيرها. ويقال انه في حال غادر المصريون العاملون الأردن، فلعل البنيان يتوقف في هذا البلد الذي فتح أسواقه أمام العمالة المصرية وجنسيات أخرى على مصراعيه منذ سبعينيات القرن الماضي.
في قانون العمل الأردني، لا يوجد تمييز بين العمالة الوطنية والوافدة، باستثناء حق الانتساب للنقابات العمالية..

سوق العمل يتأرجح!

كشفت دراسة لوضع سوق العمل الأردني أجراها مركز "الفينيق" نهاية العام الماضي عن اختلالات واضحة في سوق العمل الأردني أبرزها تدني معدلات الأجور، إذا ما اخذ بعين الاعتبار مستويات الأسعار المرتفعة لمختلف السلع والخدمات، وارتفاع معدلات البطالة بين المواطنين الأردنيين عند مستويات تتراوح بين 12 و14 في المئة. وتعزو الدراسة الأسباب إلى وجود أعداد كبيرة من العمالة الوافدة غير المنظمة، ودخول أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين الذين قبلوا العمل بأي مبلغ مالي وبأي ظروف لإكمال حياتهم في اللجوء ولو في ظل الانتهاكات والظروف السيئة.
يضاف إلى ذلك كله، السياسات الاقتصادية الانتقائية التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة خلال العقدين الأخيرين، خاصة في ما يتعلق بتحرير التجارة الخارجية والأسعار، وتنفيذ سياسات ضريبية غير عادلة، وسياسات الخصخصة وغيرها من السياسات الاقتصادية غير الملائمة لتطور المجتمع الأردني.
كما انتقدت الدراسة تراجع مستويات العمل اللائق في غالبية القطاعات الاقتصادية غير المنظمة والقطاعات الاقتصادية المنظمة الصغيرة والمتوسطة التي يعمل بها عاملون وفق علاقات عمل غير منظمة.
واثر ذلك التراجع في شروط مختلف العاملين في هذه القطاعات من أردنيين ووافدين، سواء كانوا مصريين أو سوريين، إذ ازدادت ساعات العمل لتصل في بعض الأحيان إلى 12 ساعة عمل يومياً لدى العديد من المنشآت.

رسمياً.. ثورة تصحيحية!

بدأت وزارة العمل الأردنية بالعمل لضبط السوق ومحاولة إعادة ما تسرب من أموال (تقدر بـ70 مليون دينار) بسبب العمالة المخالفة التي لم تلتزم بإصدار تصاريح عمل. وقامت الوزارة برفع رسوم التصاريح استنادا لنظام رسوم تصاريح عمل العمال غير الأردنيين لسنة 2014، الذي أقر لرفع نسبة تشغيل الأردنيين.
وأنجزت الوزارة منذ بداية العام أكثر من 45 ألف زيارة لمنشآت في مختلف القطاعات في المملكة، حررت خلالها ما يزيد على 10 آلاف مخالفة بقيمة بلغت مليوني دينار، بالإضافة إلى تسفير آلاف العمال المخالفين إلى بلادهم.وعلى الرغم من هذه الإجراءات، إلا ان العامل الأردني سيبقى يقتسم السوق والانتهاكات وضنك العيش والتهميش مع العامل الوافد، فالجميع في النهاية.. عمّال.

مقالات من الأردن

ما تبقّى من «الكرامة»

2018-04-26

في هذا المقال استعادة لمعركة «الكرامة»، ومحاولةٍ التورّط في البنيان السياسيّ الذي أنتجته بالنسبة لفلسطين والأردن، وموقعها من الوعي الصهيوني العام، فضلًا عن تتبّع ظلّها الرسمي وما تبقّى منها اليوم..

للكاتب نفسه