هذا رصد لتغطية خمس صحف سعودية للعدوان على غزة على مدار أسبوع كامل، من 14 إلى 20 تموز/ يوليو. والصحف هي مكة، المدينة، عكاظ، الرياض، الجزيرة.
الصفحات الأولى
تحمل الصفحات الأولى عادة تغطية للأحداث الأهم بالنسبة للقراء أو لسياسة الصحيفة، فكان أن غيبت الصحف السعودية الثلاث، مكة والمدينة وعكاظ، غزة وأخبارها تماما عن صفحاتها الأولى على مدار سبعة أيام. إلا أن هذه الصفحات الأولى لم تصدر فارغة، فحملت لنا مانشيتات عريضة عن ظاهرة «سيلفي» ومواضيع «السحر» مثلا... وفي ما يخص صحيفتي الرياض والجزيرة، كان الوضع أفضل بقليل لمصلحة غزة، من حيث الحضور وليس الموضوع. فكان أن أوردت كل منهما خبراً رئيساً واحداً لم يتكرر طيلة الأسبوع. إلا أنهما لم يكونا بالفعل عن غزة، بل عن المملكة، حيث تبدأ المانشيتات بـ«المليك يوجه» و«المملكة تدعم»، بأسلوب تملق واضح للقيادة السعودية. أما في بقية الأسبوع، فقد حضرت غزة في «بعض» الأيام على شكل خبر ثان وثالث في الصفحات الأولى لجريدتي الرياض وعكاظ. وفي المجمل، ظهرت غزة بنسبة أقل من 29 في المئة في الصفحات الأولى للصحف الخمس.
المحتوى
تكررت نوعية الحضور الرث لأخبار غزة في ملحقات الصحف المهتمة بالأحداث السياسية، ولكن بنسبة أسوأ من حضورها في الصفحات الأولى. فليس في تلك الصحف ملحقات خاصة بالعالم العربي، لذا وضعت أخبار غزة في الملاحق المخصصة للشؤون الدولية. وفي هذه الملاحق، لم تتصدر غزة أخبار العالم، بل أتت في كثير من الأعداد في الصفحة الثانية من الملحق، بعد أخبار عن دول بعيدة في آسيا، كتايلندا، وعن دول أوروبية. ثم إن أكثر ما يتعلق بغزة كان للإشادة بدور المملكة، وتصريحات لمسؤولين عرباً عن دور القيادة السعودية، لتكون نسبة جميع ما يخص غزة هو أقل من 2 في المئة من محتوى الصحف الخمس.
مقالات الرأي
كان الحضور النسبي الأكثر، بل الأسوأ بحق غزة، هو في ملحقات مقالات الرأي. فكانت أكثر من نصف المقالات التي تناولت غزة سلبية تجاهها، حيث يستعمل الكتّاب الدم الفلسطيني والعدوان على غزة كمدخل وعنوان لمقالاتهم ليكملوا بعد ذلك إما في مسلسل التمجيد للقيادة السعودية، أو الهجوم على حركات المقاومة، أو الهجوم على الفلسطينيين وأهل غزة.
لم تخجل المجازر الصهيونية الكتّاب. اجتهدت مجموعة منهم في إظهار دور المملكة «القيادي» و«التاريخي» في الصراع مع إسرائيل، لدرجة أن القارئ قد يظن لوهلة أن جيش المملكة هو من يقود المقاومة في غزة.
ووظف كتاب آخرون غزة في عناوين مقالاتهم، ولكن هذه المرة لشن الهجوم على حركات المقاومة، وعلى حماس والإخوان المسلمين عموما. فتبدأ بقراءة المقال على أساس أنه عن غزة وفجأة بعد عدة أسطر يأخذك الكاتب للهجوم على كل خصوم النظام السعودي، ثم ينتهي المقال بدون أي ذكر للصمود الفلسطيني أو لمجازر الصهاينة. ومن تبقى من الكتاب تجاوز تحقيقات الصهاينة أنفسهم ليتهم حماس بعملية اختطاف المستوطنين الثلاثة وقتلهم، ثم تجاوزوا الوقاحة في المنطق الصهيوني ليهاجموا شعب فلسطين وأهل غزة بالأخص. ويكفي هنا ذكر ما كتب محمد آل الشيخ في صحيفة الجزيرة تحت عنوان «قضية فلسطين ذريعة من لا ذريعة له» ليعرف القارئ المستوى الذي وصل له كتاب مقالات الرأي في الصحف السعودية: «صدام حسين، حينما اعتدى على الكويت واحتلها، رفع شعار «تحرير فلسطين يمر بالكويت»، فامتلأت شوارع غزة بالمتظاهرين يرددون: بالكيماوي يا صدام من الكويت إلى الدمام». وفي ذلك تشفّ إن لم نقل حقداً..
هناك عدد قليل من كتاب رأي تلك الصحف من الذين تناولوا غزة «ايجابياً»، وعدد أقل أشاد بالمقاومة، وهاجم الصهاينة، وقال إنه لا يعترف بكيانهم، من أمثال الدكتورة فوزية أبو أحمد. كما أن مواقف الكتاب الذين وقفوا ضد غزة والمقاومة لم تمر مرور الكرام بين الناس، حيث جمع عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أسماء كتاب أعمدة دائمين لتلك الصحف في قائمة سُميت «قائمة العار» من أمثال عبده خال وسمر المقرن وتركي الدخيل.