هل عادت دولة ما قبل 25 يناير؟

تعود دولة ما قبل 25 يناير تدريجيا لمؤسسات الحكم في البلاد، ولكن في ثياب جديدة، وهي تستمد قوتها من حجم شعبية الرئيس، ومن إعلام مُمنهج يمكنه إقناع الرأي العام بأن الأوضاع في تحسن وأن القادم دوما أفضل. الشرطة ومؤشرات العودة فخلال الأسابيع الماضية وقعت حوادث تؤشر لعودة تلك الدولة القديمة/الجديدة، فقرأنا أخبارا عن قيام ثلاثة من أمناء الشرطة
2014-11-05

باسم راشد

كاتب من مصر


شارك
(من الانترنت)

تعود دولة ما قبل 25 يناير تدريجيا لمؤسسات الحكم في البلاد، ولكن في ثياب جديدة، وهي تستمد قوتها من حجم شعبية الرئيس، ومن إعلام مُمنهج يمكنه إقناع الرأي العام بأن الأوضاع في تحسن وأن القادم دوما أفضل.

الشرطة ومؤشرات العودة

فخلال الأسابيع الماضية وقعت حوادث تؤشر لعودة تلك الدولة القديمة/الجديدة، فقرأنا أخبارا عن قيام ثلاثة من أمناء الشرطة بالتمثيل بجثة أحد الموتى في مشرحة "الخانكة"، وأخبارا أخرى عن اغتصاب أحد أمناء الشرطة لفتاة معاقة ذهنياً، فضلا عما يُثار عن وجود انتهاكات وتعذيب للمعتقلين السياسيين في السجون المصرية، إلى أن وصل الأمر بهم للإضراب عن الطعام احتجاجا على المعاملة التي يلقونها.
إلا أن الجديد في انتهاكات الشرطة هذه المرة ليس طبيعتها بل كيفية التعاطي معها سواء من جهاز الداخلية ذاته أو من وسائل الإعلام. فالداخلية هذه المرة أقرَّت بالانتهاكات التي وقعت من جانب أمناء الشرطة، بل قامت بفتح تحقيقات حول كل حادثة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، مؤكدة في أكثر من تصريح رسمي بأن "الداخلية لا تتستر على أي جرائم تُنسب لأي من رجال الشرطة". أما وسائل الإعلام فقد استقبلت ذلك بالتهليل لرد فعل الداخلية أكثر من التركيز على الحوادث نفسها ودلالاتها، بينما يسترعي الانتباه التركيز على تجاوزات أمناء الشرطة دون الضباط، وكله مما يؤكد على محاولة تفريغ القضايا من مضمونها، خصوصا وأن غالبية تقارير المنظمات الحقوقية تؤكد أن تجاوزات الضباط أكبر بكثير من تجاوزات أمناء الشرطة.
كذلك لُوحظ أن من كَشَف تلك الحوادث للإعلام والرأي العام كانت الداخلية نفسها، وكأن طبيعة الرسالة التي يُراد إيصالها للمواطنين هو أن الداخلية تُطهِّر نفسها بنفسها. ولكن ماذا عن الحوادث الأخرى التي لم يتم كشفها، والتي لن يذكرها الإعلام بالطبع؟ ولماذا لم تُذكر التجاوزات بشأن المعتقلين السياسيين، واقتصرت القضايا التي تم كشفها على تلك الجنائية التي اُرتكبت بحق مواطنين عاديين.

الإعلام كسمُّ قاتل

على صعيد متصل، يوجد الدور القاتل للإعلام المصري، والذي بدا أنه لم يعد أداة فحسب في يد النظام، بل أصبح وسيلة لتحريك مشاعر المواطنين وتصدير الوهم لهم بكافة الطرق. ولا يخفى على أحد أن العديد من الإعلاميين تربطهم مصالح مع النظام، بل وصل بالبعض للاعتراف في برنامجه بأنه "تابع لجهاز الأمن وفخور بكونه كذلك". وهنا يحضرنا الحديث المُسرب للرئيس السيسي حينما كان وزيراً للدفاع والذي أكد فيه أنه "يجب أن يكون للجيش أذرع في وسائل الإعلام". وهي الاستراتيجية نفسها التي كان يتعامل بها نظام ما قبل 25 يناير، حيث كانت الأداة الإعلامية هي وسيلته لحشد وتوجيه الرأي العام وقتما شاء وأينما أراد.

أحكام سياسية يصدرها القضاء

ومن ناحية أخرى، وفي سبيل العودة لدولة ما قبل 25 يناير، يمكن للشخص العادي أن يرى بوضوح صورة القضاء المصري. فحين يقرأ الأخبار الصباحية المعتادة يجد أحكاماً بإعدام مئات الأشخاص المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، وأحكام غيابية وحضورية بالسجن لفترة تتراوح بين 7 و10 سنوات على الأقل، وهي أحكام غير مسبوقة لم تحدث منذ عام 1996، ناهيك عن أحكام مصادرة الأموال والمقرات وغيرها، وهي أحكام صدرت بسرعة كبيرة في حين أن محاكمات نظام مبارك ما زالت تتم حتى الآن برغم مرور ما يقرب من 4 سنوات على "25 يناير".

الصراع الحالي

عودة الإعلام المنحاز للنظام، والقضاء المُسيس، أو ممارسات جهاز الشرطة على سبيل المثال، لا تعني التمهيد لعودة هذه الثورة. فالصراع اختلف الآن، وهو بعد أن كان سياسياً بين مواطنين ونظام فاسد، أصبح مجتمعيا بين جيلين، أحدهما مؤيد للنظام بشكل أعمى والآخر رافض له، ناهيك عن الصراع بين الإخوان وبين المواطنين والذي يؤججه الإعلام، الأمر الذي يجعل من الصعوبة اجتماع إرادة المواطنين مرة أخرى.

 

مقالات من مصر

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.

للكاتب نفسه

الأمن المفقود والحرية الغائبة

باسم راشد 2014-11-24

أكدت المواجهات التي وقعت مع بداية العام الدراسي الجديد في العديد من الجامعات المصرية بين الطلاب وبين عناصر شركة الأمن الخاصة المكلفة بمهمة "تأمين الجامعات" استمرار تأزُم وتعقُّد العلاقة بين...